: آخر تحديث

تحية لـ«تحدي القراءة العربي»

3
2
2

عائشة سلطان

في زيارة لي لإحدى الثانويات في مدينة أغادير المغربية، حسب الجدول المعد من قبل (بيت الرواية المغربي)، والذي كنت أحد ضيوفه الأسبوع الفائت، صحبني في تلك الزيارة روائي مغربي يحظى بسمعة كبيرة، باعتباره رجل تربية ومسؤول مكتبة، ومشرفاً على برنامج إعداد الطلبة للمشاركة في مسابقة تحدي القراءة العربي، التي يرعاها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، وقد دارت بيننا أحاديث كثيرة في الطريق، كان من بينها مبادرة تحدي القراءة.

كان مما ذكره أن أصدقاء له يعملون مع الفرنسيين، أخبروه بأن أحد المسؤولين في السفارة هناك أبدى بشكل ما استياء واضحاً من هذه المسابقة، نظراً لتراجع مقروئية الكتاب الفرنسي، بسبب شيوع تحدي القراءة العربي بين أوساط الطلاب والمدارس، وتهافتهم للالتحاق بها، وبالتالي، تمددها في كل المدن المغربية، إضافة لسائر دول شمال أفريقيا الفرانكفونية.

وبلا شك، فهذه المبادرة تحظى بدرجة عالية من الرصد والاهتمام من قبل الجميع، وتحديداً الفرنسيين، لأسباب نعرفها جميعاً، وأن ظاهرة نكوص أعداد كبيرة من الشباب عن قراءة الكتاب الفرنسي لصالح الكتاب العربي، أمر مزعج بالنسبة لهم، وهذا أمر متوقع، ولا يحتاج إلى أي إثباتات، فالفرنسيون حسّاسون جداً تجاه هذه المسألة الثقافية.

لقد نجح تحدي القراءة العربي، حيث فشلت العديد من المبادرات والمطالبات والانتقادات التي اتجهت جميعها لمحاولة حل إشكالية القراءة، أو تطبيع العلاقة بين الشباب والكتاب العربي، ولأول مرة في تاريخ البلدان العربية، تقدم دولة عربية وقائد عربي مبادرة بهذه الأهمية، وهذا الحجم من التوسع والانتشار والمشاركات والإنفاق والجوائز، حتى تجاوزت أعداد المشاركين الملايين، دون استثناء بلد أو جنسية، طالما القارئ عربي والكتاب عربي.

لقد تحولت مبادرة تحدي القراءة، إلى واحدة من إنجازات الإمارات، التي علينا أن نفخر بها، حيث أصبحت الأوسع انتشاراً بين الطلاب، والأكثر تأثيراً في المدرسة العربية، بسبب ما تحظى به من رعاية ودعم سياسي وإعلامي كبير.

وهذا يخلق مقارنة ضمنية بين مشروع عربي طموح وناجح، ويرفع شأن الكتاب العربي، مقابل مبادرات أجنبية أو محلية، غالباً ما تكون محدودة التمويل والأثر والمتابعة والحرص.

وفي عالم الثقافة، يقرأ النجاح الكبير لأية مبادرة، باعتباره إعادة لتشكيل الخريطة: الانتمائية والهوياتية.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد