يوسف أبو لوز
أكتب بفرح داخلي عميق عن مبادرة «القراءة في المرافق الحيوية» التي أطلقها مركز أبوظبي للغة العربية، وتقوم المبادرة على مضمون عالي الأهمية الثقافية حيث تتوزع إصدارات (مشروع كلمة للترجمة) ومشروع «إصدارات» على مرافق تشهد حضوراً لمختلف شرائح المجتمع في المستشفيات، والمقاهي، والفنادق، ومن ناحية عملية هناك مواقع كثيرة هي في الحقيقة فضاءات مفتوحة للشباب والشابات، والكباروالصغار تتحول إلى فضاءات قراءة بحكم تردد هذه الفئات على هذه الأماكن الحيوية.
هذه مبادرة ثقافية في العمق قامت على اتفاقية تعاون بين مركز أبوظبي للغة العربية، وبين مدينة شخبوط الطبية، وعلى ما أذكر فإنها ليست الأولى من نوعها في هذا السياق الثقافي، فهناك مبادرات قراءة مكانية عديدة في الإمارات، تنطلق أساساً من رؤية الإمارات لثقافة القراءة.
المترددون على زيارة أهلهم وذويهم في المستشفيات يقرأون، وتتكوّن لديهم بالتراكم والتدريج عادة القراءة،.. الإنسان الذي تعرّض إلى طارئ صحي عافاه الله.. يقرأ، والمنتظرون في المطارات يقرأون، وفي صالات وردهات الفنادق هناك من يقرأ، وهناك من يقرأ على الشاطئ، وسترى من يفتح كتاباً في الإمارات وهو في مطعم أو في متجر كبير (مول)، ويقرأ من يركب المترو، وفي الحدائق العامّة قراء ومتنزهون وجوّالون في أفق من الخضرة الطبيعية الكريمة..
إذا لم يكن بوسع القارئ أن يأتي إلى المكتبة، فلنذهب إليه نحن بالكتاب وهو في الفندق، أو المطار أو المقهى.. هذه فكرة القراءة في المرافق الحيوية في الإمارات..
فكرة القراءة في الإمارات هي رؤية تشير إلى المستقبل، وتراهن في نجاحها على التدرّج والتراكم من عام إلى آخر، والأساس في هذه الفكرة هو الكتاب الورقي بشكل خاص، وربما هناك من يفكر الآن في الإمارات بجدوى الكتاب الإلكتروني وقراءته في الطائرة، والحافلة،.. والمترو.. وحتى إنها فكرة جميلة أن توضع شاشة صغيرة في سيارات التاكسي.. شاشة اقرأ نصف ساعة، اقرأ عشر دقائق. اقرأ ساعة خلال أي طارئ في مواصلاتك البرية والبحرية والجوية، وربما هي فكرة الوقت، قبل أن تكون فكرة القراءة..
ذلك الوقت المبعثر. وقت الانتظار المفاجئ وغير المتوقع. الوقت الصامت أو الوقت المفرّغ من الزمن، ذلك هو الزمن الساعاتي والوجودي والنفسي الذي نمضيه في مطار أو في محطة ولا ندري أنه هبة الوقت للقراءة..
القراءة لا تولد مع الإنسان مثل الصرخة، بل، هي كلمة من كلمات الله:.. «..اقرأ باسم ربك الذي خلق..»، والله خلق الإنسان، والإنسان عرف الورق والحبر والكتابة والطباعة، وهو في تدرّجه المعرفي هذا صنع الكتاب، وسوّى للكتاب غلافين، كأنهما جناحين، وكأن القارئ حين يفتح كتاباً.. يطير.z..هل القراءة.. طيران؟.. أو أنها شكل من الطيران؟؟.. ربما؟.. إلى ذلك وقت آخر..