أعلنت المنظمة العالمية لحقوق الملكية الفكرية، التابعة للأمم المتحدة، عن فوز الكويتية سارة أبورجيب، بتكريم مميز من مديرها العام، بكونها أول امرأة وأول عربية تفوز بجائزتها السنوية للملكية الفكرية، في دورتها الـ65، بحضور 667 مخترعاً من 107 بلدان، وكانت سارة بين التسعة الفائزين.
* * *
خالجني، وصديقا، الشك في حقيقة الخبر، بالرغم من تغطية القبس له، فكان لابد من البحث، فلم يعرف عن الكويت أنها بيئة صديقة لأمثالها، ربما بخلاف وجود مركز صباح الأحمد للمبدعين.
* * *
بالبحث والاتصال والاطلاع على مراجع عدة اتضحت الأمور التالية:
تخرجت سارة في جامعة الكويت بتميز، في الهندسة الكهربائية، الأكثر صعوبة في فروع الهندسة، وتتقن ثلاث لغات عالمية، وحصلت على أوسمة وشهادات وتكريم من عشرات الجهات، وحققت ما لم تحققه فتاة قبلها، بإصرارها على التميز والنجاح، وكانت لتنشئتها الأسرية، غير العادية، دور في نجاحها.
كانت البداية مع اختراع جهاز بإمكانه الكشف عن «كسور العظام»، من دون جراحة ومن دون الحاجة إلى الاستعانة بأجهزة ذات أثر سلبي، وكان الجهاز مشروع تخرجها في الجامعة، مع زميلاتها المهندسات. نجاحها في اختراعها الأول بيّن لها أن لا مستحيل مع توفر الإرادة، والاستفادة القصوى من المتوفر من كل الإمكانيات، مع محدوديتها.
تقول سارة إن مرض شقيقها كان إلهاماً لها للمضي في طريقها، وشكل حافزاً كبيراً، مع ما كانت تؤمن بقوة قدراتها، لكن الرحلة لم تكن يوماً سهلة، كما كانت، فوق ذلك، مكلفة مادياً جداً. ولم يكن أمامها غير الاقتراض، وممارسة أعمال جانبية لجني بعض المال، بتدريس اللغة الأسبانية للراغبين في تعلمها، إضافة للعمل بوظيفة مع شركة البترول، واستمرار «مركز صباح الأحمد» بتزويدها بأخبار المؤتمرات والمشاركات المتوفرة للمخترعين الجدد، في مختلف دول العالم، وكان آخرها دعوة للالتحاق بـ«واحة قطر للعلوم والتكنولوجيا»، للحصول على التدريب المناسب، وهناك لقيت دعماً وفائدة علمية عالية، وساعدها نظام الإغلاق، خلال جائحة الكورونا، حيث كرست كل وقتها للعمل في المختبر، مع توفر فرص الاحتكاك المستمر بأطباء وعلماء وخبرات أجنبية عالية، وفي «الواحة» تفتحت أبواب عدة أمامها، وشعرت أن بإمكانها مواصلة مسيرتها العلمية والوصول لأكثر من اختراع، وأن اختراعها الجديد سيرى النور قريباً وسيكون ناجحاً، طبياً وتجارياً، ولكنها اكتشفت أنها بحاجة لإكمال دراستها، لشعورها بأن تسويق الجهاز يتطلب مهارات إدارية لم تكن تمتلكها، خاصة أنها شعرت بأن إنتاج جهاز بذلك التعقيد، والأول من نوعه في العالم ليس مشروعاً جاذباً لأي مستثمر، وإن عليها الاعتماد كلياً على قدراتها، فالتحقت بجامعة ماسترخت، الهولندية المعروفة، وحصلت منها على الماجستير في إدارة الأعمال.
أما الجهاز، أو اختراع ساره الثاني، الذي حاز الجائزة العالمية، فقد تعلق بقدرته على تشخيص إصابات الدماغ، عبر استبدال أو استكمال التصوير بالرنين المغناطيسي MRI بماسح ضوئي، يقوم بعمل غير جراحي للدماغ، من خلال استخدام التحليل الطيفي للأشعة تحت الحمراء والذكاء الاصطناعي للكشف عن العلامات المبكرة لنزيف الدماغ أو الأورام.
* * *
من كل ذلك، والكثير الذي لا يتسع المجال له، نرى أننا أمام موهبة حقيقية تحتاج إلى الدعم الكبير والمستمر، فخبراتها أصبحت تشكل إضافة وطنية مهمة، بخلاف كونها اضافة طبية وإنسانية عالمية. وأتمنى قيام ديوان سمو ولي العهد، ومعهد الكويت للتقدم العلمي، بالاهتمام بهذه الموهبة الواعدة، لرفع اسم الكويت عالياً في أكثر المجالات ندرة وأهمية.
أحمد الصراف