تستمر السعودية في جذب وإقامة شراكات جديدة ناجحة مع دول العالم، وبحث آفاق التعاون مع كبرى الشركات الإقليمية والعالمية، مع المحافظة على المكتسبات التي تمّ إحرازها في المجالات الاقتصادية والمالية. أسعى اليوم إلى تسليط الضوء على البيئة الاستثمارية السعودية الجاذبة.
المحادثات المهمّة التي تجريها السعودية والصين لإدراج الصناديق المتداولة في بورصات البلدين، تتزامن مع التقارب الديبلوماسي وتعميق العلاقات المالية بين الرياض وبكين. الصين أبدت ترحيبها بالمؤسسات والمستثمرين المختصين الأجانب، وتحديداً توظيف الأموال في صناديق الأسهم السعودية. المعطيات والمعنويات بين البلدين إيجابية وصحية، ليس في أسواق المال فحسب، بل إن السعودية دشنّت هذا الشهر جناحها المشارك في معرض "بكين الدولي للكتاب 2024" بوصفها ضيف شرف لدورة هذا العام.
شهدت العلاقات السعودية الغربية أيضاً تقدّماً ملحوظاً. وأقصد تحديداً مشاركة جناح المملكة الأسبوع الماضي في المعرض الدولي للدفاع والأمن (يوروساتوري)، الذي نظّمته الهيئة العامة للصناعات العسكرية في باريس. اطلع الزوار على الخطوات المتسارعة لتوطين وتمكين القطاع العسكري، وخاصةً القدرات المحلية، لتلبية الاحتياجات العملية للأجهزة العسكرية الحديثة. كل هذا يأتي في إطار النمو المتسارع والحكيم الذي تشهده المملكة، والذي يساهم بشكل فعّال في بناء مستقبل مزدهر وصناعات مستدامة.
من ضمن الإيجابيات أيضاً نمو التجارة الخارجية السلعية السعودية بنسبة 40 في المئة، لتصل إلى 2.6 تريليون ريال (692.7 مليار دولار)، ونمو الصادرات غير النفطية بنسبة 14 في المئة، وبلغت 316 مليار ريال (84 مليار دولار)، وارتفاع الصادرات الخدمية بنسبة 236 في المئة من 39 مليار ريال (10.4 مليارات دولار) إلى 130 مليار ريال (34.6 مليار دولار).
إضافة إلى ما سبق، ارتفعت مبيعات السندات من مؤسسات المملكة بنسبة 8 في المئة في هذا العام، وتمّ تشكيل 10 مجالس أعمال سعودية أجنبية لتنمية التبادل التجاري مع الشركاء الدوليين الناجحين.
هذا ليس كل شيء، فالرياض تبدأ الاستثمار مع شركة ألمانية للسيارات الكهربائية، كما شارك وفد المملكة مؤخّراً في أعمال الدورة الرابعة للحوار المالي السعودي - السويسري في زيوريخ. ومن الأحداث المهمّة أيضاً الزيارة المُرتقبة لوزير الصناعة والثروة المعدنية بندر الخريِّف إلى تشيلي في تموز (يوليو) المقبل، للبحث في التعاون في صناعة السيَّارات، ومناقشة فرص الاستثمار المحتملة في مجال الليثيوم، لا سيما أن تشيلي تُعدُّ ثاني أكبر منتج في العالم. في المقابل، انخفضت حيازة السعودية من سندات الخزانة الأميركية إلى 135.4 مليار دولار خلال شهر نيسان (أبريل) 2024، بمقدار 452 مليون دولار.
إطلاق المملكة مشاريع وبرامج ضخمة مع مختلف الدول جعلها مركزاً لجذب العديد من المستثمرين الأجانب المرموقين، لا سيما أن المملكة عضو في مجموعة العشرين التي تضمّ أقوى عشرين اقتصاداً في العالم، بل إن المملكة حقّقت المركز الثالث بين الدول الأكثر تنافسية في المجموعة. هكذا تسعى الرياض إلى تمويل مشاريعها وتنويع اقتصادها بدلاً من الاعتماد على النفط.
آخر الكلام. تحية وتقدير للمركز السعودي للشراكات الدولية، المسؤول عن تطوير التعاون الاستراتيجي، والجهات الحكومية والخاصة المعنية، لنجاح المركز في تنظيم العلاقات بين الرياض والدول الصديقة.