: آخر تحديث

هل التعليم المفتوح بيئة لدعم الابتكار؟

16
20
20
مواضيع ذات صلة

يعد التعليم المفتوح أحد اتجاهات ونماذج التعليم الحديثة، التي تركز على توسيع الوصول إلى تعليم عالي الجودة ومتاح للجميع، بغض النظر عن موقعهم الجغرافي أو وضعهم الاجتماعي أو الاقتصادي، حيث أصبح هذا النوع من التعلم يتم تقديمه والحصول عليه والتفاعل معه من خلال ارتباطه بالتقنيات الإلكترونية الرقمية الحديثة بعدة أدوات وطرق، خصوصا بعد واقع التطور التكنولوجي الذي نشهده هذا الوقت، وبعد أن كان محدودا بالتعلم عن بعد أو التعلم بالمراسلة، ومن ذلك المنصات التعليمية الرقمية ومنصات التواصل بمختلف أنواعها، وغير ذلك من الطرق، وفي هذا المقال سأتطرق إلى هذا الموضوع، من حيث كيف للتعليم المفتوح أن يكون بيئة لدعم الابتكار، وهل هو كذلك بالفعل، مع ذكر بعض الأمثلة لتوضيح ذلك، وعوائد ذلك على المنظومة كلها من جميع النواحي سواء كانت الاجتماعية أو الاقتصادية أو غيرها.

كثيرا ما يثار هذا التساؤل حول ما إذا كان التعليم المفتوح يمكن أن يدعم الابتكار، وكيف يكون ذلك، وفي الواقع يمكن أن يكون للتعليم المفتوح دور مهم في تعزيز محاور الابتكار، وذلك من عدة طرق، حيث يمكنه ذلك من خلال قدرة الوصول إلى التعليم، حيث يوفر التعليم المفتوح إمكانية الوصول إلى تعليم مناسب ذي جودة عالية لجميع الأشخاص الذين قد تواجههم حيال ذلك، كأولئك الذين لا يكونون قادرين على تحمل تكاليف التعليم التقليدي على سبيل المثال، كما أن التعليم المفتوح يزيد من طرق تعزيز وتحفيز التفكير النقدي والإبداع، حيث يساعد المتعلمين ومن لديهم شغف التعلم والاطلاع على تطوير تفكيرهم النقدي والإبداعي، وكل منا يعلم أهمية هذا التطوير كمهارات أساسية للابتكار، حيث يمكن من خلاله تقديم محتوى تعليمي يتطلب تحليل المعلومات وإنشاء حلول جديدة وتقديم واستعراض الحلول المختلفة لعديد من المشكلات والإشكاليات المتنوعة، وهذا كله يساعد على تحقيق تنمية القوى العاملة المبتكرة من خلال تزويد مزيد من البشر بالمهارات اللازمة لإنشاء أفكار جديدة أو تحسين لكثير من الأفكار الموجودة.

كذالك التعليم المفتوح هو توجه لتشجيع التعاون والمشاركة وتبادل الخبرات، حيث يمكن من خلاله التواصل مع جميع أنحاء العالم، وبذلك يساعد على توفير بيئة مواتية وموائمة للبحث والتطوير والابتكار، من خلال السماح للجميع بالمشاركة في موضوع معين أو مشكلة محددة، وتبادل الأفكار والآراء والتعاون في إيجاد حلول، وتطور ذلك إلى مشاريع مشتركة. ولعل أهم ما يميز التعليم المفتوح، المرونة الزمنية، حيث من خلال هذا التوجه يمكن التعلم في أي وقت ومن أي مكان، والحصول على شهادات التعليم والمؤهلات العلمية دون الحاجة إلى السفر للدراسة في موقع الجامعة. ومن ناحية التكاليف يعد أقل تكلفة من التعليم التقليدي، حيث يمكن لمستخدميه توفير كثير من التكاليف المتعلقة بالمواصلات والإقامة والكتب الدراسية وغيرها، كما يوفر التعليم المفتوح للمتعلمين إمكانية الوصول إلى مجموعة كبيرة من المواد والمصادر التعليمية عبر الإنترنت، الأمر الذي يساعد على تحسين المستوى التعليمي بشكل عام.

وبالنظر إلى التطور التاريخي لهذا التوجه، نجد أن هناك كثيرا من الدول تبنت مثل هذا النوع من التعليم لديها، وهناك عديد من التجارب الدولية في ذلك، فمثلا نجد أن دولة مثل اليابان بدأت في مثل هذا التعلم من عام 1994، من خلال شبكات التلفاز وإعداد مراكز برمجيات للمكتبات في كل مقاطعة، لتبدأ مرحلة جديدة من التعلم الحديث، وفي أستراليا كذلك توجد لكل ولاية وزارة تعليم مستقلة، ولاية فكتوريا على سبيل المثال وضعت خطة لتطوير التعليم لديها عن طريق إدخال تقنيات التعلم عن بعد منذ عام 1996، حيث يتم ربط جميع مدارس الولاية بشبكة الإنترنت عن طريق الأقمار الاصطناعية، وهناك التجربة الماليزية وغيرها، وهناك أيضا عديد من الأمثلة على كيفية دعم التعليم المفتوح للابتكار، من ذلك على سبيل المثال، جامعة ستانفورد تقدم برامج تعليمية مفتوحة، حتى ما يسمى مبادرة التكنولوجيا والابتكار، حيث يوفر هذا البرنامج مجموعة متنوعة من الموارد التعليمية للذين يرغبون في تعلم مزيد عن التكنولوجيا والابتكار، إضافة إلى ذلك، يقدم عديد من المؤسسات الحكومية والخاصة برامج تعليمية مفتوحة تركز على الابتكار، مثلما تقدمه منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة "اليونيسكو" تحت اسم برنامج تنمية المهارات للمبتكرين، كذلك يوفر هذا البرنامج مجموعة متنوعة من الموارد التعليمية للأشخاص الذين يرغبون في تطوير مهاراتهم البحثية والتطويرية والابتكارية.

بشكل عام، التعليم المفتوح لديه القدرة على دعم الابتكار، بشرط وجود أنظمة لضمان صحة ودقة وجودة المحتوى، وأنظمة للمراقبة الإدارية لمثل هذه الأنظمة الجديدة، ومع ذلك، لا بد أن أذكر بأن هناك أيضا بعض التحديات التي قد تواجه التعليم المفتوح في دعم البحث والتطوير والابتكار، من ذلك على سبيل المثال، قد يكون من الصعب توفير محتوى تعليمي متخصص وتفاعلي في بيئة تعليمية مفتوحة في بعض المجالات والتخصصات، إضافة إلى ذلك، قد يكون من الصعب تقييم مخرجاته وقياس تأثيرها بشكل دقيق، وكذلك مدى إمكانية استخدام مواد ومعلومات محمية وموثقة بحقوق ملكية فكرية. ولذا أرى أن هناك حاجة إلى مزيد من البحث لفهم أفضل الطرق لكيفية تحقيق ذلك، كون ذلك أصبح ضرورة لتحقيق اقتصاد معرفي قائم على الابتكار، واللحاق بالدول المتقدمة في ذلك، وتحقيق التنافسية والريادة.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد