: آخر تحديث

ريادة سعودية تتجلى في تعزيز حقوق الإنسان دوليًا

9
10
14
مواضيع ذات صلة

بوضوح تام، كشفت المملكة واقعها المتعلق بحقوق الإنسان، وقدمت تقريرها الدوري الأول مع انطلاق أعمال الدورة الثانية والعشرين للجنة الميثاق العربي لحقوق الإنسان التي عقدت بمقر الأمانة العامة لجامعة الدول العربية بالقاهرة يومي 25 - 26 من الشهر الجاري، مؤكدة التزامها الكامل بالمبادئ الاسترشادية لكتابة التقارير المعتمدة في اللجنة وبالنهج التشاركي لإعداده، وأوضحت مدى التقدم الكبير الذي أحرزته في هذا المجال، ومساهماتها الفاعلة في منظومة العمل العربي المشترك، بما يشمل المجال الحقوقي.

بدءا ينبغي الإشادة بلجنة حقوق الإنسان في جامعة الدول العربية التي بادرت ببذل جهود مشهودة لغرس المفاهيم الأساسية لهذه الحقوق في المجتمعات العربية. ومن واقع تشرفي برئاسة اللجنة في وقت سابق فقد كنت شاهدا على ما قامت به من جهد وأعمال كبيرة للدول المصادقة على الميثاق عبر دراسة حالة حقوق الإنسان في كل دولة على حدة، وإصدار توصياتها على ضوء ذلك، متضمنةً أوجه القصور التي لاحظتها، والمطالبة بتعديلها.

جاء التقرير السعودي – من واقع تعليقات أعضاء اللجنة – شاملا ووافيا واحتوى على رصد دقيق للتطورات التي شهدتها السعودية، والتدابير التي اتخذتها لإعمال الحقوق والحريات المنصوص عليها في الميثاق العربي لحقوق الإنسان، وقد أعرب رئيس اللجنة وأعضاؤها عن تقديرهم الكبير للتقدم الذي أحرزته المملكة في تنفيذ التوصيات التي كانت على التقرير السابق وإشادتهم بما تضمنته رؤية المملكة 2030 من جدية كبيرة في التوجه نحو ترسيخ هذه الحقوق التي تتعزز يوماً بعد يوم وباتت جزءا أصيلا من ثقافة المجتمع، وهو ما يؤكد تجاوبها وجديتها الكاملة. كما كان لمشاركة منظمات المجتمع المدني السعودي في هذه الدورة وتخصيص جلسة استماع لها مع اللجنة العربية الأثر الإيجابي الكبير الذي يعكس التشاركية بين الحكومة والقطاع غير الربحي أو ما يسمى بالمجتمع المدني.

هذه الإشادات الواسعة لم تأت من فراغ ولم تكن مجاملة، فمثل هذه الاجتماعات لا مجال فيها للمجاملات، لكن بنظرة سريعة لتطور منظومة حقوق الإنسان في السعودية يتضح بجلاء حجم الجهد المبذول خلال السنوات الماضية، والدعم غير المحدود الذي تحظى به منظومة حقوق الإنسان من قبل مقام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وسمو ولي عهده الأمير محمد بن سلمان – حفظهما الله - اللذين أوليا اهتماما كبيرا لتطوير وإرساء وحماية هذه الحقوق، وهو ما منح المملكة مراكز متقدمة في التصنيفات والمؤشرات العالمية، وحصلت بموجبها على إشادة وتقدير الهيئات والمؤسسات الدولية المعنية.

أولى مظاهر هذا الاهتمام تتجلى في استكمال المنظومة التشريعية التي يقف خلفها سمو ولي العهد بصورة شخصية والتي أثمرت عن إقرار العديد من القوانين والأنظمة حتى تفي المملكة بمتطلبات توقيعها على العديد من العهود والمواثيق الدولية.

كما جاءت تلك النهضة التشريعية غير المسبوقة استجابة لتوجه المجتمع ورغبته في ترسيخ مبادئ العدالة والشفافية وحماية حقوق الإنسان، وتعزيز تنافسية المملكة عربياً وإقليمياً وعالمياً. لذلك أصبح صون الإنسان وكرامته وحفظ حقوقه في مقدمة الأولويات الوطنية، فكانت النتيجة الطبيعية هذا النجاح الكبير، لتقدم السعودية تجربة وطنية متكاملة تتسم بالشفافية، ويحكمها إطار مؤسسي قوي.

وتتفرد الرؤية السعودية لحقوق الإنسان بشموليتها، حيث تحرص السلطات على رفع مستوى معيشة المواطنين وتمكينهم من العيش بكرامة وتهيئة وسائل الراحة لهم، وتوفير التعليم والعلاج مجانا، وإتاحة فرص العمل للجميع وضمان الحماية من التمييز بما يتماشى مع القوانين واللوائح المعمول بها، والتي تحظر التمييز في سوق العمل.

وتتضمن هذه الإستراتيجية الواضحة برامج طويلة وقصيرة الأجل لتحقيق التحسين النوعي والكمي في مجال التنمية بما فيها ترقية وسائل المعيشة بشكل ملحوظ، وتطوير الخدمات المقدمة للمواطنين والمقيمين في العديد من المجالات ذات الصلة بالتمتع بالحق في التنمية.

كما تحرص المملكة على رفع مقدرات الشباب وزيادة مهاراتهم وكفاءاتهم لتمكينهم من الحصول على فرص العمل، وفي هذا الصدد تبذل السلطات المعنية جهودا متواصلة للقضاء على الأمية بنسبة بلغت خلال السنوات الماضية 99.5 %بين الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 15 - 24 عاما.

وخلال السنوات الماضية صادقت المملكة على المواثيق الدولية المتعلقة بالقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، والتمييز ضد المرأة، واتفاقية مناهضة التعذيب، وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو غير الإنسانية والمهينة، واتفاقية حقوق الطفل، والبروتوكول الاختياري لاتفاقية الطفل بشأن تجنيد الأطفال في النزاعات المسلحة، والبروتوكول الاختياري لاتفاقية الطفل والمتعلق بتجريم بيع الأطفال واستغلالهم، واتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، والميثاق العربي لحقوق الإنسان. وهذا يعني أنها منخرطة بشكل جَدّي في المنظومة القانونية الدولية لحقوق الإنسان، وكانت إحدى الدول التي أسهمت بشكل عملي في وضعها.

ولأجل إعادة التوازن للمجتمع فقد أولت الدولة اهتماما خاصا بالمرأة، وقطعت شوطا كبيرا في تمكينها ومنحها الوضع الذي تستحقه، وزيادة نسبة مشاركتها في تحقيق الدخل القومي، فمنعت التمييز السالب ضدها، وقضت بتمكينها للانطلاق في مجال العمل التجاري، والسماح لها بقيادة السيارة كحق أصيل، وهي القرارات التي قوبلت بكثير من الترحاب والتأييد، داخل المملكة وخارجها، وكان لها تأثير إيجابي كبير في تحفيز المرأة السعودية ودفعها للمساهمة في بناء وطنها وتطوره.

وقطعاً فإن هذه الجهود ليست نهاية المطاف وغاية المراد لكنها خطوات واسعة في طريق لا زال طويلا لأن طموحاتنا لا يحدها حدود ولا سقف لها، لكننا سنواصل السير في المنهج ذاته الذي اخترناه لأنفسنا بمحض إرادتنا، وسنحقق ما نريده ونهدف له، وسنرتب أولوياتنا وفق احتياجاتنا دون الخضوع لأي إملاءات أو تدخلات خارجية، لأن هذه الحقوق التي يتشدق بها البعض في الوقت الراهن ظلت على الدوام مكونا رئيسيا من هويتنا الدينية وتقاليدنا الاجتماعية، نمارسها ونحرص عليها بعفوية لأنها جزء من طبيعتنا وقناعاتنا.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد