: آخر تحديث

كاتب عمود

15
16
16
مواضيع ذات صلة

على الرغم من استنكار هيئة رقابة حكومية بريطانية لعودة بوريس جونسون ككاتب عمود مجدداً برقم مادي مغرٍ ووسط مخاوف من أن يحول مساحته لمعركة مع منافسيه وحلبة تصفيات جاء جونسون بحديث عن معركته الشخصية مع فقدان الوزن! جونسون ليس السياسي الأول ولا الأخير الذي مارس صناعة الرأي وكتابته، بل لديه الكثير من الكتابات في مقالات وكتب عديدة. لا أحد يعلم ماذا يأتي أولاً هل هي الصحافة؟ أم هوس السياسة؟ في حالة جونسون مثلاً أجد أن صوته في الكتابة أكثر رزانة وجاذبية وقضيت أياماً في قراءة مقالاته التي أذهلتني بالأفكار والمعاني المرهفة أحدها عبارة كتبها في مقال بعنوان "العالم يؤمن ببريطانيا؛ إنه الوقت لنؤمن بها أيضاً" حيث قال: "هذا لا يعني أن نعطي ظهورنا لأصدقائنا وشركائنا..؛ لنعد إشعال شموع صداقاتنا القديمة".

وبالرغم من قدم الصحافة المحلية لا تزال الكثير من الأوساط المهنية والاجتماعية تخلط بين مفهوم "كاتب الرأي/كاتب العمود" وبين "الصحفي" وما أكثر الجدالات التي سمعنا عنها وعاصرناها حول هذه التداخلات التي لا أرى أن هناك ما يجمع بينها سوى المنصة أو الصحيفة أو حتى طريقة التفكير، وقد تكون مهمة إيجاد منصة تجمع أسماء الكتاب السعوديين القدماء والمعاصرين ناهيك عن صناعة صف جديد من كتاب الرأي من المهام الشبه مستحيلة، قد يتساءل البعض ما المعنى المقصود بالأساس من الأعمدة الصحفية؟ ببساطة هي مساحة محددة بعدد من الأحرف والكلمات يعبر من خلالها أصحاب الرأي عن أفكارهم سواء المتعلقة بالشأن العام أو الاجتماعي أو الرياضي والاقتصادي وكل واختصاصه ولكل منهم نبرته ما بين النبرة المهنية الرصينة الخلاقة وما بين الناقد اللاذع والساخر من الواقع.

سواء أسهبت في المقدمة أو أطلت في صلب الموضوع لا شيء يغري القراء كالقفز للنهايات لذا فإن الكاتب الذكي والحاذق يتقن نهاية مقاله، بل إن الكثير منهم لديهم حس وتذوق للنبرة حتى إنهم يميزوا بين الكاتب الحقيقي والكاتب المزيف، وبين من يخلق الأفكار ومن يستعيرها. بكل حال فإن سوق الكتابة اليوم تطورت كثيراً وتواجه تحديات نوعية قد تطيح بوظائف الكتاب ومكانتهم فالذكاء الاصطناعي اليوم يمارس مهنة الكتابة ونشاهد نماذج حية ويومية، بل وصل الأمر للمشكلات الأكاديمية والفصل لبعض الطلبة الذين ظنوا أنه من الممكن خداع أساتذتهم!

أخيراً، ما نحتاجه اليوم في عالمنا أن نحمي صوت الإنسان مقابل صوت الآلة، صوت الضمير أمام صوت الدنانير وصورة العقل أمام محافل الاستعراض الرديء. وأن يعيد الفرد التفكير فيما يريد أن يقول وما سيكتب، لعل أكثر ما يعجبني في الكتابة لسنوات في الصحف أنها تضع قلمك تحت المجهر فلا تراجع بعد النشر ولا مجال للتبرير، لن أنسى عبارة قيلت في الكتابة الصحفية: إنها بمثابة التعري! بل ما أكثر اللحظات التي تقاطعت فيها كتابات البعض مع ضعفهم بعد توليهم المناصب أو رحيلهم منها، لذا كن حذراً من الآن فصاعدًا وبدلاً من الخوض في دهاليز الفكر كن ذكياً واكتب عن الصيام المتقطع.

كونوا بصحة وعافية.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد