: آخر تحديث

ما بين صدق النوايا التركية وحُسنها

40
43
43
مواضيع ذات صلة

من الواضح أن تركيا أدركت فشل الرهان على سيطرة الإسلام السياسى، وبالتالى تبخرت أحلامها، ولو وقتيًا، فى السيطرة على العالم العربى أو إحياء الخلافة. وهذا نتيجة مباشرة لكسر الإخوان فى مصر وتراجعها بقوة فى بقية شمال إفريقيا، وانكشاف خطورة اللعب بنار جماعات الإسلام السياسى عالميًا.

أضف إلى ذلك انعكاس فشل «المغامرات» الخارجية لها على أوضاعها الاقتصادية. وما نراه منذ فترة من انهيار العملة التركية إلى تراجع الاستثمار الأجنبى ما هى إلا أعراض لحالة عدم اليقين والثقة فى قدرة النظام التركى على الاستمرار والاستقرار، سياسيًا أو اقتصاديًا.

راهنت تركيا على لعبة «الحبال» فى إدارة علاقاتها الدولية والإقليمية ومع دول الجوار. فكانت أشبه بلاعب السيرك الذى يستمر فى الحركة، فيُبهر متابعيه ويكسب إعجابًا و«أدوارًا» فى اللعبة الأكبر، لكنه لا يحسب حساب السقوط وتغير طبيعة الاتجاهات. حاولت تركيا دائمًا اللعب على التناقضات فى المنطقة بين اللاعبين الدوليين بعضهم البعض أو بين اللاعبين الإقليميين.

وحققت نجاحات بالفعل فى الفترة القصيرة الماضية. لكن لم تستمر الأمور على حالها، وتغيرت قواعد اللعبة فى النظامين الدولى والإقليمى، ولم تستطع تركيا أن تتفاعل بشكل صحيح، فكان ذلك التراجع الكبير لها سياسيًا واقتصاديًا.

فيما يبدو فقد شعرت تركيا بأنه لم يعد أمامها لإنقاذ ما يمكن إنقاذه إلا تغيير سياساتها التى تتبناها منذ عام 2011. وغنى عن البيان، كما سبق أن أوضحت، حجم الخسائر التى تواجهها، وكذلك العزلة إقليميًا ودوليًا.

ماذا نفعل، وكيف نتفاعل مع هذا التغيير؟.. الملاحظ على السياسة الخارجية المصرية أنها تمارس أسلوبًا متطورًا فى إدارة ملفات العلاقات الخارجية. ويمكن وصف هذا الأسلوب بأنه شديد «البراجماتية» وهذا أمر إيجابى.

فالمصلحة هى الأساس الحاكم فى علاقات الدولة الخارجية.. لذلك عندما حافظت مصر على العلاقات الاقتصادية والتجارية مع تركيا كان ذلك تصرفًا حكيمًا. وعندما لم تمارس ضغطًا أو أى محاولة لاستغلال أوضاع داخلية غير مواتية للنظام التركى، كان ذلك أيضًا حكمة.

وفى نفس الوقت وضعت مصر خطوطًا حمراء لا تسمح بتخطيها فى التعامل مع كل ما يمس الأمن القومى المصرى. ونموذج الوجود التركى فى ليبيا نموذج لتوضيح الموقف المصرى.

الملاحظ أن هناك تحولات فى المواقف التركية تجاه مصر. بعد أن انطلقت حوارات استكشافية علنية وسرية، فإن تطورًا مهمًا فى المواقف التركية بدأ يظهر.

قد تكون بعض النتائج الإيجابية بدأت فى الظهور علنًا، إلا أن التقدم مازال جزئيًا وبطيئًا.

كما أثبتت السياسة المصرية حرصًا على حماية وتشجيع الاستثمارات التركية فى مصر وعدم التمييز ضدها، رغم كل الإساءات والسياسات العدائية للحكومة التركية ضد مصر، فإن المطلوب من تركيا أن تستكمل إثباتها لإجراءات صدق النية، وليس فقط حُسنها.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد