في تكريم احتضنه البرلمان البريطاني، مُنح عثمان العمير، ناشر إيلاف ورئيس التحرير، ميدالية "إرث التغيير" عن إسهاماته العميقة في مجال الصحافة والإعلام العربي، ضمن الحدث السنوي الذي نظمته الجمعية البرلمانية للفنون والأزياء من أجل تعزيز دور الفنون والإعلام في التصدي للعنف ودعم تمكين النساء والفتيات في القطاع الإبداعي، في تجسيد للالتزام المشترك نحو مجتمع أكثر أماناً وشمولاً.
إيلاف من لندن: عقدت الجمعية البرلمانية للفنون والأزياء (Parliamentary Society) جمعيتها السنوية لعام 2024 في البرلمان البريطاني، حيث احتفى الحدث بتأثير الإعلام والابتكار الإبداعي في دعم التغيير المجتمعي.
تقدير استثنائي
وتميز هذا العام بتكريم عثمان العمير، ناشر إيلاف ورئيس التحرير، الذي نال ميدالية "إرث التغيير" تقديرًا لإسهاماته الواسعة في الصحافة والإعلام العربي. وقد وصفت الجمعية البرلمانية للفنون العمير بأنه "شخصية إعلامية بارزة أسهمت في تعزيز قضايا حرية التعبير ونقل رؤى فكرية جديدة"، مما جعله "نموذجاً للإعلامي الداعم للتغيير الإيجابي في المنطقة العربية".
وسط هذا التكريم الاستثنائي، يعكس اختيار العمير لمنحه "ميدالية إرث التغيير" في البرلمان البريطاني، التقدير الدولي لإسهاماته في دعم الإعلام العربي المستقل وتعزيز حرية التعبير. فقد أثبتت إيلاف، تحت قيادته، التزامها برفع مستوى الصحافة العربية، وسعيها الحثيث لنقل رؤى فكرية تقدمية تسلط الضوء على القضايا المجتمعية الحساسة وتدعم قيم الشمولية والتمكين. هذا التقدير ليس مجرد تكريم لشخصية إعلامية فحسب، بل هو أيضاً تكريم لمسيرة إيلاف الريادية، التي لطالما وقفت بجانب حرية الكلمة والتعبير، وعملت على توفير منصة لطرح القضايا الاجتماعية الشائكة، بما في ذلك مناهضة العنف ضد المرأة وتعزيز دور الإعلام في دعم التغيير الإيجابي.
مناهضة العنف
جمعت الفعالية أكثر من 150 شخصية بارزة من عالم الفنون والأزياء، إلى جانب شخصيات مؤثرة في السياسة والإعلام، بهدف معالجة القضايا الاجتماعية الملحة، خاصة العنف ضد النساء والفتيات.
وقد ألقت وزيرة شؤون الضحايا والعنف ضد النساء والفتيات أليكس ديفيز-جونز، كلمة تناولت فيها تحديات النساء العاملات في القطاع الإبداعي، ودعت الحكومة والمجتمع لدعمهن وحمايتهن.
جونز سياسية بارزة في حزب العمال البريطاني وعضو في البرلمان عن منطقة بونتيبريد منذ عام 2019، نشأت على قيم اشتراكية قوية كابنة لأحد عمال المناجم.
وأعلنت جونز خلال الفعالية عن توفير محامين قانونيين مستقلين مجانًا لضحايا الاعتداءات الجنسية وتسريع القضايا المتعلقة بالعنف الجنسي في المحاكم، قائلة: "سنكافح من أجل حقوق النساء وندعم ضحايا العنف الجنسي حتى تحقيق العدالة".
يشار إلى أن جونز عينت في عام 2024، في وزارة العدل، حيث تقود مبادرات حيوية تتعلق بمكافحة العنف ضد النساء والفتيات، ودعم حقوق الضحايا، والتصدي لجرائم الاعتداءات الجنسية، مما جعلها من الأصوات المؤثرة في قضايا العدالة والمساواة.
أهمية التغيير الإيجابي
أكدت ريبيكا ريوفريو، رئيسة الجمعية البرلمانية للفنون، على أهمية الإبداع كأداة للتغيير الاجتماعي، مشيرة إلى أن الحدث يعد منصة لتكريم المبدعين الذين يسعون لتحسين العالم. وشددت على دور الفنون والأزياء كركيزتين تعبران عن صوت من لا صوت لهم، لكنها نبهت أيضًا إلى التحديات الكبيرة التي تواجه هذا القطاع، مشيرة إلى مشكلة العنف وتعاطي المخدرات وتأثيرهما المدمر على حياة المبدعين والمجتمع ككل.
وسلطت ريوفريو الضوء على قضية ملحة هذا العام، وهي العنف في قطاع الفنون، وتأثيره العميق على النساء والفتيات. وأوضحت أن الجمعية تتناول سنوياً قضايا اجتماعية حساسة، مثل الاستدامة والصحة النفسية ومكافحة العبودية الحديثة، مركزة هذا العام على معاناة العاملين في الصناعات الإبداعية الذين غالباً ما يعانون بصمت. وصرّحت بأن هدف الجمعية هو رفع مستوى الوعي ودعم التغيير الجذري في هذا القطاع لحماية الأفراد وضمان رفاههم.
وأشارت ريوفريو إلى الدور الاقتصادي الكبير لقطاع الفنون، الذي يساهم بأكثر من 10.8 مليار جنيه إسترليني سنوياً ويشغّل 363,700 وظيفة في بريطانيا، لكنها حذرت من الجانب المظلم لهذا المجال، حيث يرتفع فيه معدل العنف الأسري واضطرابات تعاطي المخدرات. كشفت الدراسات أن 25% إلى 50% من الرجال الذين يرتكبون العنف الأسري يعانون من اضطرابات التعاطي، فيما يرتبط 80% من حالات إساءة معاملة الأطفال بتعاطي المواد.
وأبرزت أن طبيعة العمل الإبداعي التي تقوم على السعي للتجديد والتحفيز المستمر قد تعرّض بعض العاملين لمخاطر الإدمان، موضحة أن التفاعل بين الحاجة للإثارة وضعف السيطرة قد يقود بعض المبدعين لسلوكيات خطيرة.
نحو بيئة آمنة للإبداع
وأكدت ريوفريو أن "الكثافة" التي تدفع نحو النجاح الفني قد تتحول إلى مسار مدمر ما لم تحظ بالدعم المناسب. وشددت على أهمية توفير بيئة صحية وداعمة للعاملين في هذا المجال، داعية لتكاتف الجهود لتأمين بيئة آمنة تشجع على الإبداع وتحمي الأفراد من المخاطر.
واختتمت ريوفريو بالقول: "لا يمكننا تحقيق التقدم ما لم نتكاتف جميعاً للتصدي لهذه الظواهر المؤلمة التي تهدد حياة المبدعين ومجتمعاتنا"
تكريم المبدعين
إلى جانب تكريم عثمان العمير، كرّمت الجمعية البرلمانية للفنون مجموعة من الشخصيات البارزة لقاء إسهاماتهم المؤثرة في الدفاع عن حقوق النساء والفتيات وتمكين العاملين في الفنون.
وحصلت إيما ماكليلان من منظمة "Safeline UK" على ميدالية "التميز في التمكين" تقديرًا لجهودها في دعم الناجيات من سوء المعاملة.
تكرس مؤسسة "Safeline UK" البريطانية جهودها لدعم الناجين من الاعتداءات والتحرش الجنسي. تعمل المؤسسة على توسيع نطاق خدماتها، وتطوير استراتيجيات فعالة لجمع التبرعات، والدفاع عن حقوق الناجين لضمان حصولهم على الرعاية والدعم اللازمين على المدى الطويل. وإلى جانب دورها الحيوي في حماية الفئات الأكثر ضعفاً، تلتزم "Safeline UK" بإحداث تغيير مستدام من خلال زيادة الوعي المجتمعي وتطوير حلول عملية لمواجهة العنف الجنسي في المملكة المتحدة.
ونالت مارين تانغوي رائدة الأعمال فرنسية في مجال الفن وموسسة وكالة "MTArt"، وهي وكالة عالمية متخصصة في دعم المواهب الفنية، ميدالية "التميز في التمكين" عن دورها في تعزيز شمولية القطاع الإبداعي.
حازت مؤسسة الوكالة ومديرتها التنفيذية تانغوي على تقدير واسع، اذ اختارتها فوربس ضمن قائمة "30 تحت 30"، ونالت لقب رائدة الأعمال البريطانية للعام. أصدرت كتابها الأول "The Visual Detox" في عام 2024.
وأكدت تانغوي في كلمتها على أهمية محو الأمية البصرية في معالجة التحديات الاجتماعية، قائلة: "الفنانون يبدعون سرديات بصرية تساعد في الارتقاء بمجتمعنا والتصدي للقضايا الملحة".
منذ تأسيسها في 2015، تمثل "MTArt" نخبة من الفنانين المبدعين وتعمل مع أبرز العلامات التجارية والمؤسسات العامة حول العالم، محققةً تحت قيادتها قيمة سوقية بلغت 35 مليون جنيه إسترليني.
كذلك، تم تكريم رئيس البرامج الإنسانية في الجمعية الدولية لجراحة التجميل "ISAPS" الدكتور تونش ترياكي، بـ"ميدالية الشرف والمساهمة المتميزة" لدوره الإنساني في تقديم الرعاية للمتضررين من الأزمات. وبهذه المناسبة، علق ترياكي بالقول "لم نكن نداوي الجراح الجسدية فقط، بل كنا نعيد للناس كرامتهم وإحساسهم بالقيمة".
تيرياكي، يكرّس جهوده لتقديم الرعاية الجراحية للمتضررين من الحروب والكوارث الطبيعية عبر قيادة فرق الإغاثة الجراحية ISAPS-LEAP. ولا تقتصر جهوده على العلاج البدني، بل يسعى بتدخلاته الطبية الإنسانية إلى استعادة كرامة وحياة الأفراد، مجسداً إيمانه العميق بأن الجراحة هي خدمة إنسانية نبيلة.
كلمات ملهمة
اشتملت الجمعية البرلمانية للفنون على نقاشات صريحة حول التحديات التي يواجهها قطاعا الفنون والأزياء، حيث قدم قادة القطاع كلمات ألهمت الحضور وأكدت على أهمية التكاتف في وجه الظلم.
وتلقى العديد من القادة رؤى متميزة ضمن التكريمات، حيث حصلت أولغا بالاكليتس على "ميدالية القيادة الحكيمة" لدورها الريادي في تمكين رائدات الأعمال عالميًا.
بالاكليتس، عازفة بيانو مشهورة دوليًا ورائدة أعمال متميزة، تقود مبادرات ثقافية وخيرية على مستوى العالم. كرئيسة تنفيذية لمؤسسة Venus Global Events، نظمت أولغا مشاريع ثقافية بارزة على الساحة الدولية. أسست في عام 2016 منصة Creative Women International، التي تنشط الآن في أكثر من 50 دولة، بهدف تمكين رائدات الأعمال اللواتي يمزجن بين الإبداع والممارسات التجارية.
يمتد تأثير أولغا إلى الأدوار الاستشارية الحكومية وميادين الرياضة وتطوير الشباب، حيث تشارك في اللجنة التوجيهية لمبادرة Football for Peace وعضوية مجلس إدارة Nicosia Young Ballet. حازت بالاكليتس على جوائز عدة، منها وسام بوشكين وجائزة "سيدة الأعمال للعام".
ونال كاجا حسين على "ميدالية الرؤية الابتكارية" لجهوده في الابتكار التكنولوجي.
أسس كاجا حسين شركة Grozeo، التي تركز على مساعدة الشركات الصغيرة على التكيف مع تغيرات السوق والنمو بشكل مستدام، كما قاده التزامه العميق بتمكين هذه الشركات إلى شراكة مع عمدة لندن ضمن مبادرة وطنية لدعم الشركات الصغيرة في جميع أنحاء المملكة المتحدة.
كما تم تكريم عارضة الأزياء البريطانية ورائدة الأعمال والناشطة ليومي أندرسون بفضل دفاعها المستمر عن التنوع والشمولية في عالم الأزياء. وتُعرف أندرسون بتأثيرها الكبير في عالم الموضة. عملت مع علامات بارزة مثل "فيكتوريا سيكريت" و"بربري" و"فينتي"، كما أسست منصة "LAPP" التي تدافع عن قضايا تمكين المرأة والمجتمع.
وعلقت أندرسون قائلة: "لا أحد يفكر حقاً في الشابات وراء هذه الصور، وأعتقد أنه حان الوقت لبذل المزيد من الجهود لحمايتنا وضمان سلامتنا."
بصوتها القوي في مجال التنوع والشمولية، تدعو أندرسون باستمرار إلى تعزيز التمثيل والمساواة في صناعة الأزياء.
وتسلم مصمم الأزياء جوشوا كين جائزة "عقد من التميز" تكريماً لإسهاماته المبتكرة في الأزياء البريطانية على مدار العقد الماضي.
ويجسد جوشوا كين الحِرَفية البريطانية في القرن الحادي والعشرين، حيث يمزج بين الخياطة التقليدية والحسّ المعاصر الجريء. يُصمم كل قطعة من دار الأزياء المستقلة الخاصة به بعناية فائقة.
وعلق كين قائلاً: "لطالما كنت متمرداً بعض الشيء، وأحب تحدي التقاليد واكتشاف طرق جديدة لإثارة الناس من خلال فن الخياطة."
يستلهم كين تصميماته من التاريخ ويضيف إليها أسلوبه الفريد والمتميز. يشرف شخصياً على كل جانب من جوانب التصميم، ليبتكر علامة تجارية فريدة تجمع بين الحرفية الرفيعة والجماليات الحديثة الجريئة.
كما حصل الأمير غابرييل دي ناسو والأمير نوا دي ناسو على "ميدالية إرث التغيير" تقديرًا لإسهاماتهما الخيرية.
الأمير غابرييل دي ناسو، هو نجل الأمير لويس من لوكسمبورغ والسيدة تيسي أنتوني دي ناسو، مما يجعله مرتبطاً ارتباطاً وثيقاً بالتقاليد الملكية في لوكسمبورغ وأوروبا. وشقيقه الأمير نوا دي ناسو، تميز منذ صغره بتفانيه في العمل الخيري. بادر بدعم مشاريع تهدف إلى مساعدة الأطفال الأكثر ضعفاً.
وساهم الأميران غابرييل ونوا في تمويل غرف ألعاب للأطفال اللاجئين ودعم مشروعات أخرى لفائدة الأطفال الأيتام، مستخدمين الأموال التي حصلا عليها من مناسباتهما، وهما يعكسان رغبة حقيقية في إحداث أثر إيجابي في حياة الآخرين.