كييف (أوكرانيا): استهدفت ضربات روسية جديدة مدناً في مختلف أنحاء أوكرانيا الخميس، وفق ما أعلن مسؤولون، حيث أحدثت سلسلة الهجمات شللاً في البنى التحتية الأوكرانية للطاقة، بينما تساقطت الثلوج في كييف للمرّة الأولى هذا الشتاء.
وتعرّضت البلاد الثلاثاء لعمليات قصف واسعة، جاءت بعد انسحاب روسي آخر. وكان القصف الذي وقع الثلاثاء قد حرم حوالى 10 ملايين أوكراني من الكهرباء مع دخول فصل الشتاء، وفقاً لكييف.
وشهدت العاصمة الخميس أول تساقط للثلوج التي غطّت السيارات المتوقفة في الشوارع، فيما حذّر حاكم المنطقة أوليكسي كوليبا الأربعاء من أنّ الأسبوع المقبل سيكون "صعباً"، حيث يمكن أن تنخفض درجات الحرارة "إلى أقل من عشر درجات مئوية".
استمرار القصف
وفي قصف استهدف دنيبرو (وسط شرق) الخميس، أصيب 14 شخصاً بجروح بينهم فتاة تبلغ 15 عاماً، حسبما أفاد الحاكم الإقليمي فلانتين ريزنيتشينكو عبر "تلغرام".
وقال "جميعهم نُقلوا إلى المستشفى في المدينة".
وطال القصف الروسي موقعي بنى تحتية، حسبما أعلنت الرئاسة.
وفي منطقة كييف، سقط صاروخا كروز كما أسقط الدفاع الأوكراني طائرات مسيّرة انتحارية إيرانية الصنع من نوع "شاهد"، حسبما أعلنت الإدارة العسكرية للمدينة. وشاهد مراسل وكالة فرانس برس أحد هذه الصواريخ يعبر فوق منطقة سكنية في شرق العاصمة.
وفي منطقة أوديسا (جنوب)، قصف الروس موقعاً للبنى التحتية ما أدى إلى إصابة ثلاثة أشخاص بجروح، وفقاً للإدارة الإقليمية.
لا كهرباء
أعلنت شركة الكهرباء الوطنية "اوكرنيرجو" (Ukrenergo) تمديد انقطاع التيار الكهربائي الخميس بسبب "تدهور الوضع".
وقالت الشركة عبر فيسبوك إنه "بسبب البرد القارس، زاد استهلاك الكهرباء في مناطق أوكرانيا"، ممّا "زاد من تعقيد الوضع في النظام الكهربائي، بعدما كان صعباً بالفعل"، مضيفة أنّ الأمر أدى إلى "قيود أوسع" على استهلاك الكهرباء في جميع أنحاء البلاد.
وأشارت الشركة الى أنّ "هذا إجراء ضروري للحفاظ على استقرار نظام الطاقة بعد الهجوم الصاروخي الروسي السادس الذي استهدف منشآت الطاقة"، في إشارة إلى القصف الأخير.
وأعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي مساء الخميس أن أكثر من عشرة ملايين أوكراني حرموا التيار الكهربائي.
وقال زيلينسكي في مداخلة متلفزة "في الوقت الراهن، أكثر من عشرة ملايين أوكراني هم من دون كهرباء"، خصوصًا في منطقة كييف.
دبلوماسياً واقتصادياً
على المستوى الدبلوماسي والاقتصادي، تمّ تجديد الاتفاق الذي يسمح بتصدير الحبوب الأوكرانية من موانئ أوكرانيا لأشهر الشتاء الأربعة، ما أدى إلى تهدئة المخاوف من أزمة غذاء عالمية محتملة.
وأكدت الأطراف المشاركة في هذا الاتفاق، تركيا وأوكرانيا وروسيا والأمم المتحدة، الخميس الإبقاء على الاتفاق مع المحافظة على شروطه من دون تغيير مدة 120 يوما.
وسمحت المبادرة المتعلقة بالحبوب عبر البحر الأسود التي انتهت مساء الجمعة بإخراج أكثر من 11 مليون طن من الحبوب من الموانئ الأوكرانية في غضون أربعة أشهر.
في غضون ذلك، تبنى مجلس الحكام في الوكالة الدولية للطاقة الذرية الخميس قرارا جديدا يدعو روسيا الى الانسحاب من محطة زابوريجيا النووية ووقف ما تقوم به ضد المواقع النووية في أوكرانيا، بحسب مصادر دبلوماسية.
وقال دبلوماسيان لوكالة فرانس برس إن القرار الذي قدمته كندا وفنلندا وافقت عليه 24 دولة عضوا في المجلس من أصل 35، وصوتت روسيا والصين ضده. وامتنعت سبع دول عن التصويت هي باكستان والهند وجنوب أفريقيا وناميبيا وكينيا وفيتنام والسعودية، مع غياب دولتين.
وسبق أن تبنت الوكالة قرارين في الملف نفسه، الأول في آذار/مارس والثاني في ايلول/سبتمبر، مع تزايد المخاوف من حادث نووي يتسبب به القصف الروسي في اوكرانيا.
وفي القرار الجديد، يبدي مجلس حكام الوكالة الدولية للطاقة الذرية "قلقه الشديد" من رفض روسيا وقف هجماتها على المنشآت النووية الاوكرانية. ويدعو روسيا "الى أن تتخلى عن مطالبها التي لا اساس لها في شأن محطة زابوريجيا وتسحب قواتها وطاقمها فورا وتوقف اي نشاط" ضد المحطات في اوكرانيا.
التعذيب في خيرسون
وسط هذه التطورات، بلغت حالات التعذيب في مدينة خيرسون، الواقعة جنوب أوكرانيا، أعداداً "مرعبة" أثناء الاحتلال الروسي، على ما ذكر مسؤول أوكراني كبير في مجال حقوق الإنسان الخميس.
وقال دميترو لوبينتس المكلف الحقوق الانسانية الاوكرانية للتلفزيون الوطني "لم أر حتى الآن" تعذيباً "بهذا الحجم" وذلك "بعد أن زرت جميع غرف التعذيب في مناطق مختلفة من أوكرانيا"، مضيفاً أن "حجم الظاهرة مرعب".
وأوضح أن "عشرات من الأشخاص" تم "صعقهم بالكهرباء وضربهم بأنابيب معدنية وتكسرت عظامهم" مشيراً إلى أن "الروس صوروا كل ذلك". وتابع "أنا متأكد من أننا سنكتشف في كل بلدة مهمة غرفة تعذيب. لأنه منهج أرسته روسيا".
وأعلنت السلطات الأوكرانية العثور على غرف تعذيب عدة في بلدات تابعة لمنطقة خيرسون استعيدت مؤخرا من الروس بعد شهور من الاحتلال.
تزامناً، أعلن وزير الخارجية الأوكراني الخميس أن خبراء أوكرانيين وصلوا إلى بولندا للمشاركة في التحقيق الهادف الى تحديد مصدر إطلاق الصاروخ الذي اسفر سقوطه في بولندا عن مقتل شخصين.
وكتب دميترو كوليبا على تويتر "خبراؤنا وصلوا الى بولندا. نأمل أن يصلوا سريعاً الى مكان" الحادث "بالتعاون مع قوات النظام البولندية".
صاروخ على بولندا
وسقط صاروخ على بلدة برزيفدوف البولندية قرب الحدود الأوكرانية الثلاثاء، ما أسفر عن مقتل شخصين وأثار مخاوف إزاء تصعيد النزاع.
وقال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الخميس إن روسيا تتحمل مسؤولية انفجار الصاروخ الذي أوقع قتيلين في بولندا، علماً بأن تحقيقاً أولياً أشار إلى مسؤولية الدفاعات الجوية الأوكرانية.
وأشار بلينكن لصحافيين في قمة منتدى التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ في بانكوك، الى إنه تحدث مجدداً إلى نظيره الأوكراني بشأن التحقيق. لكنه أضاف "أياً يكن الاستنتاج النهائي، نعرف الطرف المسؤول في نهاية المطاف عن هذه الحادثة المأسوية، روسيا".
وتابع الوزير الأميركي أن "ما نراه كل يوم حالياً هو أن روسيا تمطر أوكرانيا بالصواريخ وتسعى إلى تدمير بنيتها التحتية الحيوية وتستهدف قدرة أوكرانيا على إبقاء الأضواء مضاءة والحفاظ على الدفء والسماح للبلاد بالعيش والمضي قدمًا".