ساو باولو: تبادل الرئيس البرازيلي اليميني المتطرف جاير بولسونارو ومنافسه اليساري لويس إيناسيو لولا دا سيلفا الإهانات والشتائم في أول مناظرة مباشرة بينهما الأحد، قبل أسبوعين من موعد الجولة الثانية للانتخابات الرئاسية في البرازيل.
واتهم لولا خصمه بولسونارو بأنه "ملك الأخبار الزائفة"، ليرد عليه الأخير باتهامه بالكذب والفساد وحيازة سجل "مشين"، في مبارزة كلامية حادة قبل المواجهة الانتخابية التي تثير استقطابا حادا في 30 تشرين الأول/أكتوبر.
وإذ اشتدت في بعض الأحيان نبرة المناظرة التي استمرت أقل من ساعتين على قناة بانديرانتس، إلا أن اللهجة كانت أقل حدة من مناظرات الجولة الأولى التي شارك فيها مرشحون آخرون.
في البداية، دارت المناظرة لصالح الرئيس اليساري السابق لويس إيناسيو لولا دا سيلفا (2003-2010) الذي وجه اتهامات قاسية لبولسونارو تتعلق بـ "الإهمال" خلال جائحة كوفيد -19.
لكن الرئيس اليميني المتطرف الحالي استعاد الدفة في النهاية، لدى تطرقه لموضوع الفساد، وبخاصة فضيحة فساد بتروبراس التي سُجن بسببها النقابيّ السابق لمدة 18 شهرا في 2018 و2019.
وقال الخبير السياسي كريستوفر ميندونسا لوكالة فرانس برس إن "كلا المرشحين كان أداؤهما متبايناً، لكن أداء الرئيس بولسونارو بشكل عام كان أفضل في معظم الأوقات"، أمام لولا الذي بدا "متوتراً".
"الديكتاتور الصغير"
وقال بولسونارو "لولا، يجب أن تعود إلى المنزل، وتستمتع بالحياة، بدلاً من العودة إلى مسرح الجريمة. أنت عار وطني!" منتقداً "الفساد على نطاق واسع في البرازيل" خلال ولايتي منافسه.
من جانبه لم يتردد لولا في وصف الرئيس المنتهية ولايته بـ "الديكتاتور الصغير" متهماً إياه بشكل خاص بالسعي إلى زيادة عدد قضاة المحكمة العليا لإضعاف السلطة القضائية.
وركّز الرئيس السابق لولا دا سيلفا (2003-2010) الذي يسعى للعودة الى السلطة وهو في سن 76 عاما هجومه الحاد على بولسونارو حول طريقة تعامله مع وباء كوفيد الذي أودى بحياة 687 ألف شخص في البرازيل التي لم يسبقها في عدد الوفيات سوى الولايات المتحدة.
وقال لولا إن بولسونارو برفضه شراء اللقاحات والترويج لأدوية غير متحقق منها "يحمل وزر هذه الوفيات على كتفيه".
وأضاف متوجهاً الى بولسونارو "أدى إهمالك إلى وفاة 680 ألف شخص، بينما كان من الممكن إنقاذ أكثر من نصفهم".
أوقات من الدعابة
وأضاف بولسونارو (67 عاماً) "لولا، كف عن الكذب، هذا سيء في عمرك هذا"، في محاولة للدفاع عن سجله في الولاية الأولى والتصويب على عمر لولا المتقدم في الوقت نفسه. ورد عليه لولا بأنه "ملك الأخبار الزائفة".
كما اتهم جاير بولسونارو عامل مصانع الصلب السابق بأنه "لا يكترث بتاتاً بالأكثر فقراً" لافتاً إلى أنه وافق على نفقات استثنائية تصل إلى 600 ريال (حوالي 97 يورو) كمساعدات تُدفع شهرياً للأسر الأشد فقرًا.
تخلل المناظرة بشكلها الجديد الذي سمح للمرشحين بالتحرك بحرية في الاستوديو، أوقاتاً من الدعابة.
وبعد أن ساد الصمت، وضع بولسونارو وهو يبتسم يده على كتف لولا. وحينها أكد الأخير أن منافسه كان "يتملق له" قبل أن يصبح عدوه اللدود قائلاً "لقد تبلغت عن الكثير من خطبك التي تتحدث فيها بشكل جيد عني عندما كنت نائباً وكنت أنا رئيساً".
وحل بولسونارو المحافظ المتشدد الذي انتخب رئيساً عام 2019 ثانياً في انتخابات الجولة الأولى في 2 تشرين الأول/أكتوبر بحصوله على 43,2 بالمئة من الأصوات، مقابل 48,3 بالمئة لمنافسه لولا.
اتهامات متبادلة
وشهدت الحملة الانتخابية انتقادات حادة متبادلة بين المرشّحين ومعسكريهما، شملت مزاعم بأكل لحوم البشر واعتداءات جنسية على الأطفال والتورّط في الجريمة المنظّمة.
والسبت وجّهت المعارضة اليسارية انتقادات حادة للرئيس المنتهية ولايته على خلفية تصريحات أدلى فيها حول دخوله في العام 2021 منزلاً تقطنه فتيات فنزويليات قاصرات لمح إلى أنهن مومسات.
بعد أن استدعت تصريحات بولسونارو سيلاً من الانتقادات، ردّ الرئيس البرازيلي على منتقديه بالتشديد على أنه "لطالما كافح التحرش الجنسي بالأطفال"
في لفتة استفزازية، وضع لولا على سترته دبوس شعار حملة ضد الاعتداء الجنسي على الأطفال والمراهقين.
أمر رئيس المحكمة الانتخابية الكسندر دي مورايس الأحد بإزالة مقاطع الفيديو التي تربط جاير بولسونارو بميل جنسي للأطفال، من أبرز وسائل التواصل الاجتماعي، معتبراً أن تصريحات الرئيس "خرجت عن سياقها".
وأظهر استطلاع للرأي أجراه مركز داتافوليا ونشرت نتائجه الأحد أن الرئيس اليساري الأسبق سيفوز في الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية في 30 تشرين الأول/أكتوبر، بـ53 بالمئة من الأصوات مقابل 47 بالمئة لرئيس الدولة اليميني المتطرف المنتهية ولايته.
يبدو أن الجولة الحاسمة من الانتخابات الرئاسية ستكون محمومة وسط استقطاب شديد. ويسعى المرشحان للحصول على دعم الجهات السياسية وإقناع من لم يحسموا بعد قرارهم عبر المشاركة في تجمّعات انتخابية في كل أنحاء البرازيل.