باريس: اتهم ناشطون قوات الأمن الإيرانية بقتل العشرات الأسبوع الماضي في محافظة سيستان بلوشستان الجنوبية الشرقية بعد إطلاقها النار على متظاهرين في مدينة زاهدان، في وقت تشهد إيران احتجاجات على مستوى البلاد.
لكن وسائل إعلام رسمية في إيران وصفت الاضطرابات التي بدأت في 30 أيلول/سبتمبر بعد صلاة الجمعة بأنها هجمات شنها "متطرفون" على أقسام الشرطة وخلفت خمسة قتلى من الحرس الثوري.
واعتبر النشطاء أن الصور المروعة لجثث مصابة بطلقات نارية وملطخة بالدماء تكشف سياسات طهران القمعية في منطقة أقلية عرقية فقيرة.
زاهدان هي المدينة الرئيسية في محافظة سيستان بلوشستان وتعد من أفقر مناطق إيران عند الحدود مع باكستان، وغالبية سكانها من البلوش الذين يتبعون المذهب السني وليس الشيعي السائد في إيران.
وطالما شكا نشطاء من أن المنطقة ضحية التمييز من قبل القيادة الدينية الشيعية في إيران، حيث يقتل عدد غير متناسب من البلوش في اشتباكات كل عام وينفذ بعدد كبير منهم حكم الإعدام.
شهدت المنطقة هجمات استهدفت قوات الأمن الإيرانية، وقد حمّلت طهران مسؤوليتها للجماعات السنية المتطرفة، في حين أن المنطقة الحدودية تعد أيضا مركزا لتهريب المخدرات من قبل العصابات المسلحة.
وقالت منظمة العفو الدولية إنه في عام 2021 كان نحو 19 بالمئة من الذين نفذ فيهم حكم الإعدام ينتمون الى "الأقلية البلوشية العرقية التي تشكل نسبة 5 بالمئة تقريبا من إجمالي سكان إيران".
وقال عبد الله عارف مدير منظمة "حملة نشطاء البلوش" التي تدافع عن حقوق الأقلية ومقرها لندن إن "قتل البلوش لا يكلف الحكومة الإيرانية الكثير".
اندلعت الاضطرابات بعد أسبوعين من التظاهرات التي عمت جميع أنحاء البلاد احتجاجا على وفاة مهسا أميني التي اعتقلتها شرطة الأخلاق.
لكن احتجاجات زاهدان مرتبطة باتهامات لقائد الشرطة الإقليمية في المنطقة باغتصاب فتاة تبلغ 15 عاما خلال وجودها قيد الاحتجاز في مدينة شاباهار الساحلية في محافظة سيستان بلوشستان. ولم يتضح سبب اعتقالها.
وأعلن الاتهام الشهر الماضي إمام صلاة الجمعة في بلدة راسك جنوب زاهدان، ما أثار احتجاجات امتدت بعد ذلك إلى المدينة الرئيسية في المنطقة.
بحسب عارف تم تنظيم تظاهرة بعد صلاة الجمعة في زاهدان في 30 أيلول/سبتمبر، قبل ان يتوجه المتظاهرون إلى مركز الشرطة للاحتجاج على الاغتصاب، مرددين هتافات ضد المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي.
وقال عارف لفرانس برس إن بعض الناس قاموا برشق الحجارة وردت عليهم القوات الأمنية بإطلاق النار، بينما تمركز قناصة على سطوح الأبنية.
وزعم أن "عددا كبيرا من الأشخاص قتلوا برصاص القناصين، بينهم أشخاص لم يشاركوا في الاحتجاجات".
ثم امتدت الاحتجاجات الى جميع أنحاء المدينة مستهدفة مراكز الشرطة الأخرى.
وقال "سعت الشرطة الى توجيه رسالة" إلى البلوش.
وأظهرت صور على وسائل التواصل الاجتماعي قيل إنها من آثار الاشتباكات رجالا بأزياء البلوش التقليدية ملطخين بالدماء.
وسجلت منظمة مراقبة حرية الإنترنت "نت بلوكس" حدوث اضطرابات في الشبكة في زاهدان. وقال وزير الخارجية حسين أمير عبد اللهيان الأربعاء أن "متدخلين أجانب وعملاء منظمين وإرهابيين ، خصوصا في زاهدان وغرب إيران، دفعوا التجمعات السلمية للناس نحو العنف وأعمال الشغب وقتل الابرياء وأفراد الشرطة وقوات الأمن".
وفقا لمنظمة حقوق الإنسان في إيران التي تتخذ من النروج مقرا والتي استندت في حصيلتها إلى أرقام حملة النشطاء البلوش، قُتل 63 شخصا تم ذكر أسمائهم في أعمال عنف الجمعة وبعدها، وأربعة أشخاص آخرين في حادثة منفصلة بعدما أطلقت مروحية عسكرية النار على سيارة ذات سقف مفتوح.
وقالت "حملة نشطاء البلوش" في آخر تحديث لها على تلغرام إنها أكدت حتى الآن مقتل 88 شخصا.
وأضافت أن التظاهرة "قمعتها قوات الأمن بشكل دام، ومنذ ذلك الحين أطلق عليها اسم جمعة زاهدان الدامية".
وأشار عارف الى أن حصيلة القتلى ارتفعت بسبب نقص الدم والضمادات، ما يعني أن العديد من المصابين قضوا متأثرين بجراحهم.
وأضاف "كثيرون لم يذهبوا إلى المستشفى خوفا من الاعتقال. فضلوا العلاج المنزلي لكنهم فقدوا الكثير من الدماء".
قال عارف إن الوضع في زاهدان هدأ، رغم احتمال اندلاع احتجاجات جديدة بعد صلاة الجمعة.
لكنه أضاف أن العديد من الأشخاص اعتقلوا في حملة قمع ضد المشاركين في الاحتجاجات، على الرغم من أن الأرقام الدقيقة لم تكن واضحة.
وأضاف أن قوات الأمن استخدمت طائرات مسيرة وتقنية التعرف على الوجوه لرصد المتظاهرين واعتقالهم.
وفي خطبة صلاة الجمعة في زاهدان، قال رجل الدين السني ذو النفوذ الشيخ عبد الحميد للمصلين "ينبغي عدم إهمال مطالب الناس" بينما هناك حاجة إلى "اتخاذ إجراءات جادة" للتحقيق في الاغتصاب المبلغ عنه.
وذكرت التقارير أن تفتان، المعبر الحدودي الرئيسي بين إيران وولاية بلوشستان الباكستانية الى الشرق من زاهدان، قد أغلق في أعقاب الاضطرابات.
في غضون ذلك استمرت عمليات إعدام البلوش. وقالت منظمة حقوق الإنسان في إيران إن أربعة من أصل خمسة أشخاص أعدموا شنقا نهاية الأسبوع في سجن بمدينة مشهد بتهمة ارتكاب جرائم تتعلق بالمخدرات وهم من البلوش.
وأضافت المنظمة أنه من بين 251 شخصا أعدموا في إيران هذا العام، كان 67 من البلوش.