تعمل جورجيا ميلوني بعد فوزها في الانتخابات الإيطالية على اختيار الأشخاص المناسبين لتولي المناصب العليا في الحكومة اليمينية التي من المتوقع أن تقودها.
وابتعدت ميلوني عن الأنظار الاثنين بعدما وعدت بأن يكون حكمها لجميع الإيطاليين.
والسؤال هو من الذي سيشغل الوظائف الرئيسية، وإن كانت ستتوجه إلى أحزاب أخرى في تحالفها اليميني.
ماتيو سالفيني، على سبيل المثال، كان من المعروف أنه يطمع في تولي وزارة الداخلية.
وقد تولى رئيس الرابطة اليمينية المتطرفة هذا المنصب في عام 2019، عندما منع قوارب الإنقاذ التي تحمل مهاجرين من دخول الموانئ الإيطالية.
ووعدت ميلوني، بدورها، برد صارم على الهجرة غير النظامية - لكن التقارير في روما تشير إلى أن سالفيني سيفوت فرصة إعادة توليه هذا الدور.
وانخفض التأييد لرابطة سالفيني إلى 8.8بالمئة بعد إعلان نتائج الانتخابات الأحد، لذا فهو ليس في وضع يسمح له بالمطالبة بالوظائف العليا. بل إن أحد زعماء الرابطة السابقين، روبرتو ماروني، أشار إلى أن الوقت قد حان ليتنحى سالفيني عن منصبه.
وفي غضون ذلك صعدت جورجيا ميلوني إلى آفاق جديدة: إذ من المقرر أن تصبح أول امرأة تتولى رئاسة الوزراء في البلاد أواخر الشهر المقبل، على رأس أكثر الحكومات يمينية منذ الحرب العالمية الثانية.
وتركت منذ خطاب فوزها في الساعات الأولى من يوم الاثنين، التصريحات إلى كبار مساعديها. وتوجهت إلى مدرسة ابنتها لتأخذها إلى البيت، ثم مارست بعض التمرينات للتخلص من التوتر في صالة للألعاب الرياضية.
- جورجيا ميلوني: من هي اليمينية الفائزة بالانتخابات العامة في إيطاليا؟
- هل سيعود اليمين الراديكالي إلى أوروبا عبر إيطاليا؟
- من هي اليمينية المتطرفة التي ستصبح رئيسة وزراء إيطاليا؟
وعبرت عدة دول أوروبية عن انزعاجها من فوزها.
وقال رئيس الوزراء الهولندي، مارك روته، إن نتائج الانتخابات في إيطاليا مدعاة للقلق لأن الأحزاب في تحالف ميلوني "قالت وفعلت أشياء يجب أن تجعلنا يقظين"، مستشهداً بالاقتصاد وكذلك العلاقات مع روسيا.
وقال وزير المالية الفرنسي برونو لومير إنه يأمل في أن تواصل حكومة ميلوني متابعة الإصلاحات الاقتصادية التي بدأها رئيس الوزراء المنتهية ولايته ماريو دراغي - لكنه قال إنه ليس لديه مخاوف بشأن استقرار منطقة اليورو. وأضاف أن الحكم على حكومة ميلوني سيكون من خلال أفعالها.
وكانت إحدى أولى خطوات ميلوني منذ فوزها في الانتخابات بنسبة 26 في المئة من الأصوات، التحدث عبر الهاتف إلى سلفها دراغي، وفقا لتقارير غير مؤكدة في وسائل الإعلام الإيطالية.
وأصر غويدو كروسيتو، الذي شارك في تأسيس أخوة إيطاليا مع جورجيا ميلوني في عام 2012، على أن التحالف اليميني سيحترم جميع التزامات إيطاليا، وأن موارده المالية العامة في أيد أمينة.
وحتى قبل أن تشكل حكومة جديدة في إيطاليا، يتعين عليها تقديم مشروع ميزانية إلى المفوضية الأوروبية في منتصف أكتوبر/تشرين الأول، وقال كروسيتو إنه يأمل أن تعمل حكومة دراغي مع الإدارة الجديدة على ذلك.
كما حذر من أن أحداً لن يحصل على وظيفة في الحكومة الجديدة من خلال وضع أعلام الحزب على المقاعد. وقال لصحيفة الميساغيرو: "ستبنى حكومة ميلوني من خلال اختيار أفضل موارد إيطاليا".
ومن المتوقع أن يطلب الرئيس سيرجيو ماتاريلا من ميلوني تشكيل حكومة أواخر أكتوبر/تشرين الأول، بعد أن فاز حزبها بأكثر من ربع المقاعد في البرلمان الجديد.
ويسيطر تحالفها مع الرابطة وفورزا إيطاليا بقيادة سيلفيو برلسكوني، على أكثر من نصف مقاعد مجلس النواب ومجلس الشيوخ.
وكانت ميلوني قد خففت من حدة خطابها خلال الحملة الانتخابية، لكنها هاجمت في الماضي "لوبي المثليين" والهجرة الجماعية.
ونشأ حزبها من رحم حركة ما بعد الحرب التي تعود جذورها إلى الماضي الفاشي للديكتاتور بينيتو موسوليني.
وقال أستاذ العلوم السياسية الإيطالي روبرتو دليمونتي إنه على الرغم من أنها جاءت من خلفية ثقافية تعود إلى ما بعد الفاشية، فقد صرحت ميلوني مؤخراً أنها لن تغير سياسات ماريو دراغي بشأن دعم أوكرانيا خلال الغزو الروسي، وتحدثت عن المسؤولية المالية.
وأضاف في حديث له مع بي بي سي: "لقد فعلت ذلك لأنها اضطرت إلى تجهيز أوراق اعتمادها لتكون مرشحة شرعية لرئاسة الوزراء".
وقال سيلفيو برلسكوني، زعيم يمين الوسط المخضرم، وهو جزء من ائتلاف ميلوني، لصحيفة كوريرا ديلا سيرا: "إذا كنت أعتقد أن هناك خطر حدوث تحول شعبوي، فلن تنطلق الحكومة".
ومع ذلك تحدثت ميلوني عن إعادة النظر في حزمة الاتحاد الأوروبي الهائلة لتمويل التعافي من مرض كوفيد التي قدمت إلى إيطاليا مقابل إجراء إصلاحات شاملة.
ووافقت المفوضية الأوروبية الثلاثاء على تسليم الدفعة الثانية التي تبلغ قيمتها 21 مليار يورو، ولن ترغب الحكومة الجديدة في تعريض مبلغ الـ19 مليار يورو، المستحق بحلول نهاية العام، للخطر.
وعلى الرغم من سعي إخوة إيطاليا إلى تهدئة رد الفعل على فوزهم يوم الأحد، فإن الأسواق استجابت بعصبية، مما وضع السندات الإيطالية تحت الضغط، ونما الفارق بين العوائد الألمانية والإيطالية إلى أوسع هامش له منذ انهيار الحكومة في يوليو/تموز.
وقال أنطونيو تاجاني، وهو أحد الشخصيات البارزة في حزب فورزا إيطاليا الذي يتزعمه برلسكوني، الثلاثاء إنه من الحكمة عدم مناقشة من سيشارك في حكومة ميلوني حتى الآن.
ولكنه أضاف إنه سيفعل كل ما قررته ميلوني والرئيس الإيطالي.