: آخر تحديث

ترجيحات عودة ترامب

61
62
60
مواضيع ذات صلة

مازالت تداعيات وألغاز حادثة اقتحام قوات مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي منزل الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، بولاية فلوريدا، تتوالى في ضوء ما يتم الكشف عنه من معلومات تتعلق بهذه الحادثة، ومنها مثلاً، أن الاقتحام تم بموجب مذكرة تفتيش صدرت بتوقيع وزير العدل والنائب العام الأمريكي ميريك جارلاند، ومنها أنه تم استرداد 15 صندوقاً من وثائق البيت الأبيض يحتوى بعضها على مواد سرية، وفقاً لإدارة المحفوظات والسجلات الوطنية الأمريكية، ومنها ما ورد على لسان ترامب نفسه: «لقد سرقوا جوازات سفري الثلاثة إلى جانب كل شيء آخر»، ما دفعه إلى وصف ما حدث بأنه «هجوم على خصم سياسي على مستوى لم يسبق له مثيل في بلدنا.. إنه العالم الثالث». ومنها، وهذا هو المهم، تباين التقييمات لأهمية الوثائق التي تم ضبطها، ومن ثم تباين توقعات مسار التحقيقات المحتملة بهذا الخصوص، ونوع العقوبة التي يمكن توقيعها على الرئيس السابق في حال ثبوت أي من تلك الاتهامات.

فحسب صحيفة «واشنطن بوست»، جرى تحديد أربعة توقعات لنوعية تلك المضبوطات، منها ما تقول إنها تتضمن وثائق تتعلق بالأسلحة النووية، وثانية تقول إنها ربما تكون لها علاقة بالفساد والاحتيال من قبل شركاته، وثالثة لا تستبعد أن الأمر يتعلق بعلاقات ترامب بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والانتخابات الرئاسية التي فاز فيها ترامب على منافسته الديمقراطية هيلاري كلينتون عام 2016، ورابعة ترى أنها تتضمن وثائق تتعلق بتورط ترامب في تظاهرات واقتحامات مبنى الكونجرس. وإذا ثبتت تلك التهمة فقد تتم إدانته، وتنتهى بذلك فرصته للترشح في الانتخابات الرئاسية المقبلة، أما إذا ثبت اتهامه بانتهاك «قانون التجسس» فقد تصل عقوبته لفترة تتراوح بين 3 – 20 عاماً.

 ورغم كل هذه الاحتمالات الصعبة، فإن أكثر ما هو مثير في هذه التداعيات ما يتعلق ب«قوة الثقل السياسي» للرئيس السابق، وسطوته القوية على الحزب الجمهوري الذي ترجح التوقعات وجود فرص قوية له للفوز بالأغلبية في الانتخابات النصفية المقبلة، ليس هذا فقط، بل وفوز مرشح الجمهوريين في الانتخابات الرئاسية القادمة، الذي يرجح أن يكون هو نفسه دونالد ترامب، إذ أظهرت ردود فعل ترامب وأنصاره، سواء من قادة الجمهوريين داخل الكونجرس، أو في الشارع السياسي، قوة استعدادهم للمنازلة. فقد بادر محامو ترامب برفع دعوى قضائية دعوا فيها إلى تعيين طرف مستقل لمراجعة الوثائق التي استخرجها عملاء مكتب التحقيقات الفيدرالي من منزل ترامب، وقالوا إن تلك الوثائق «يفترض أنها ذات امتياز»، لأنه تم إنشاؤها عندما كان ترامب رئيساً.

أما التطور الأهم بهذا الخصوص فهو ما ورد على لسان المحامين في تفسير خلفيات ما اعتبروه «سطواً» على منزل الرئيس السابق، والهدف الحقيقي من ورائه. فقد وصفوا ما حدث بأنه «خطوة عدوانية بشكل صادم» ضد من اعتبروه «المرشح الأوفر حظاً في الانتخابات التمهيدية الرئاسية للحزب الجمهوري لعام 2024 إذا قرر الترشح».

هذا الترجيح والتوصيف لم يأتيا من فراغ فهما يستندان، في الواقع، إلى ثلاثة مؤشرات مهمة أخذت تتوالى الواحدة تلو الأخرى تؤكد كلها أن ترامب هو الأقوى الآن في الحزب الجمهوري، وأنه الأوفر حظاً في الترشح وربما في الفوز بالانتخابات الرئاسية القادمة عام 2024 في ظل ما يعتبرونه «أداء باهتاً» لإدارة الرئيس جو بايدن.

المؤشر الأول، هو ما أظهره أبرز قادة الحزب الجمهوري في الكونغرس من غضب وإدانة لحادثة اقتحام منزل ترامب. فقد اتهم السيناتور تيد هيوز مكتب التحقيقات الفيدرالي بأنه «أصبح في خدمة الديمقراطيين». أما كيفن مكارثي زعيم الحزب الجمهوري فوصف عملية الاقتحام بأنها «تسييس مسلح على طريقة ممارسات دول العالم الثالث».

المؤشر الثاني، كشفته بعض نتائج الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري، وعلى الأخص ما يمكن اعتباره معركة ترامب الناجحة في إسقاط النائبة الجمهورية ليز تشيني في الانتخابات التمهيدية للكونغرس في ولاية وايومينغ. ولعب ترامب دوراً محورياً في إسقاط ليز تشيني، ابنة ديك تشيني نائب رئيس الجمهورية السابق، في عهد الرئيس جورج بوش الابن، انتقاماً منها لدورها المناهض له في انحيازها ضده ضمن عشرة نواب جمهوريين صوتوا لإقالة ترامب بسبب جريمة اقتحام أنصاره لمبنى الكونغرس.

المؤشر الثالث الذي لا يقل أهمية، هو ما أظهره أنصار ترامب من تحفز والنزول للشارع بأسلحتهم على خلفية اقتحام منزل ترامب، الأمر الذي يفاقم من خطر تطور الأحداث في حال إدانة ترامب، أو منعه من الترشح مجدداً. مؤشرات تؤكد أن حادثة اقتحام منزل ترامب كشفت أنه مازال الأقوى المرجح أن يفاقم التعقيدات السياسية الأمريكية.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.