الأمم المتحدة (الولايات المتحدة): حذّر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الاثنين من أن العالم على بعد "خطوة واحدة غير محسوبة من الإبادة النووية" موقظاً بذلك شبح الحرب الباردة، في وقت دعت الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، روسيا إلى التخلي عن "خطابها النووي".
وتحدث غوتيريش عن أزمات "متفاقمة"، في الشرق الأوسط وفي شبه الجزيرة الكورية وفي أوكرانيا التي تواجه غزوًا روسيًا، معربًا عن مخاوفه من حصول تصعيد.
وقال في مستهل مؤتمر للدول الـ191 الموقّعة على معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية "حالفنا الحظ بشكلٍ استثنائي حتى الآن. لكن الحظ ليس استراتيجية، ولا يقي من التوترات الجيوسياسية التي تتفاقم إلى حد النزاع النووي".
وأضاف "البشرية اليوم على بعد سوء تفاهم واحد، خطوة واحدة غير محسوبة من الإبادة النووية"، معتبرًا أن العالم يواجه "خطرًا نوويًا لا مثيل له منذ ذروة الحرب الباردة".
وتابع "البشرية تواجه خطر نسيان الدروس المستخلصة من القصف المرعب لهيروشيما وناغازاكي"، مشيرًا إلى أنه سيتوجه بعد بضعة أيام إلى هيروشيما في ذكرى قصفها.
ويتشارك القلق مع غوتيريش رئيس هذا المؤتمر الأرجنتيني غوستافو زلاوفينين الذي اعتبر أن "التهديد الذي تشكله الأسلحة النووية ... عاد إلى المستوى الذي كان عليه خلال الحرب الباردة".
وأضاف "إذا تعلّمنا أمرًا ما من الوباء، هو أن الأحداث التي يُعدّ احتمال حدوثها ضئيلًا، يمكن أن تحدث، بدون إنذار مسبق أو بانذار قصير المدة، مع تداعيات كارثية على العالم. الأمر نفسه ينطبق بالنسبة للأسلحة النووية".
المؤتمر العاشر
بعدما أُرجئ مرات عدة منذ عام 2020 بسبب أزمة وباء كوفيد-19، ينعقد المؤتمر العاشر للبحث في معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية التي دخلت حيّز التنفيذ عام 1970، ويستمرّ حتى 26 من الشهر الحالي في مقرّ الأمم المتحدة في نيويورك.
واعتبر غوتيريش أن هذا المؤتمر يشكل "فرصة لتعزيز هذه المعاهدة ومواءمتها مع عالم اليوم"، معربًا عن أمله في تجديد التأكيد على عدم استخدام الأسلحة النووية وأيضًا اتخاذ "التزامات جديدة" لتقليص الترسانة.
ولفت إلى أن "قرابة 13 ألف قطعة سلاح نووي مخزنة ضمن ترسانات في أنحاء العالم، في وقت تزداد فيه مخاطر الانتشار وتضعف الضمانات للوقاية من تصعيد"، متحدثًا خصوصًا عن "الأزمات" في الشرق الأوسط وفي شبه الجزيرة الكورية والغزو الروسي لأوكرانيا.
في كانون الثاني/يناير، تعهّدت الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن (الولايات المتحدة والصين وروسيا وبريطانيا وفرنسا) وهي أيضًا قوى نووية، بـ"الحؤول دون تواصل انتشار" الأسلحة النووية، وذلك قبيل إرجاء جديد لمؤتمر البحث في معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية وقبيل بدء الغزو الروسي لأوكرانيا.
وجدّدت الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا الاثنين التأكيد على هذا التعهّد في إعلان مشترك، مكرّرةً أن "الحرب النووية لا يمكن كسبها ولا ينبغي خوضها أبدًا".
إلا أن القوى النووية الثلاث انتقدت "الحرب العدوانية غير المشروعة وغير المبررة التي تشنّها روسيا على أوكرانيا"، داعيةً موسكو إلى احترام التزاماتها الدولية و"وضع حدّ لخطابها النووي وسلوكها غير المسؤولَين والخطيرَين".
رسالة بوتين
ردّ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في رسالة نشرها الكرملين بالقول إن بلاده التي أعلنت قبيل شنّها الهجوم على أوكرانيا في 24 شباط/فبراير، وضع قواتها النووية في حالة تأهّب، تبقى وفيّة لـ"نصّ وروح" المعاهدة. وأكد أنه لا يمكن أن يكون هناك "رابحون" في حرب نووية لا ينبغي "إطلاق العنان لها أبدًا".
من جانبه، دعا الرئيس الأميركي جو بايدن روسيا والصين للمشاركة في المحادثات الرامية للحد من انتشار الأسلحة النووية، مشيرا إلى أن على موسكو تحديدا التحلي بالمسؤولية بعد غزوها لأوكرانيا.
في حين تحدثت خطابات عديدة الاثنين عن سلوك روسيا، ندّد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أيضًا بكوريا الشمالية "التي تواصل توسيع برنامجها النووي غير القانوني" وبإيران "التي لا تزال على طريق التصعيد النووي".
واعتبر "أننا نجد أنفسنا الآن في لحظة حساسة".
وتهدف معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية التي تقيّم الدول الموقعة عليها حسن تطبيقها كل خمس سنوات، إلى منع انتشار الأسلحة النووية وتعزيز نزع الأسلحة بشكل كامل والترويج للتعاون من أجل الاستخدام السلمي للطاقة النووية.
إلا أن خلال المؤتمر الأخير للنظر في المعاهدة عام 2015، لم يتمكن الأطراف من التوصل إلى اتفاق حول المسائل الجوهرية.
وأشار رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا في مقالة إلى أن "مذاك تزايدت انقسامات الأسرة الدولية" و"الطريق نحو عالم بدون أسلحة نووية أصبح أكثر صعوبة". وأضاف "رغم كل شيء، الاستسلام ليس خيارًا".