كراماتورسك (أوكرانيا): توجهت حافلات ركاب صغيرة إلى كنيسة في كراماتورسك بشرق أوكرانيا صباح السبت لإجلاء مواطنين بعد قصف صاروخي طال محطة قطارات في المدينة موقعاً 52 قتيلاً و109 جرحى.
وأمضى نحو 80 شخصاً غالبيتهم من كبار السن، ليلتهم في مبنى الكنيسة غير البعيد عن المحطة التي طالها القصف الجمعة.
وقال أحد أبناء الكنيسة البروتستانتية ويدعى يفغيني لوكالة فرانس برس "هرع ما بين 300 إلى 400 شخص إلى هنا بعد الضربة".
أضاف "كانوا في حالة صدمة. نصفهم هرب للاختباء في الملجأ وآخرون أرادوا المغادرة في أسرع وقت. البعض تم إجلاؤهم في حافلات بعد الظهر (الجمعة). بنهاية الأمر بقي نحو 80 هنا واستقبلت سبعة أشخاص في منزلي".
ومن بقوا في الكنيسة افترشوا الأرض وقدم لهم متطوعون فطوراً صباح السبت ريثما انتظروا وصول حافلة تنقلهم بعيداً عن هجوم روسي يخشى وقوعه على المنطقة.
نفت موسكو أي مسؤولية لها في الهجوم الصاروخي الذي وقع صباح الجمعة وأدى إلى مقتل 52 شخصاً وجرح 109 آخرين، وفق آخر حصيلة رسمية.
بعد ستة أسابيع على الغزو الذي أمر به الرئيس فلاديمير بوتين، حولت موسكو تركيزها إلى شرق وجنوب أوكرانيا إثر مقاومة شرسة وضعت حدا لخطط لسيطرة خاطفة على العاصمة كييف.
والمحطة في كراماتورسك كانت تستخدم كمركز رئيسي لإجلاء النازحين من أجزاء من منطقة دونباس (شرق) لا تزال تحت السيطرة الأوكرانية.
المحطة مغلقة
صباح السبت بعد 24 ساعة على الضربة، كانت محطة القطارات لا تزال مغلقة والشرطة تفرض طوقًا أمنيًا على المنطقة.
وكانت هياكل السيارات المتفحمة لا تزال جاثمة في الفناء الخارجي. ووضعت ألواح على بعض نوافذ المحطة التي تطايرت بفعل القصف.
وشوهدت قطعة كبيرة من شظايا صاروخ على المستديرة التي نما عليها العشب خارج المحطة.
كان ليل الجمعة حتى صباح السبت هادئاً في كراماتورسك. وكانت تسمع أصوات مدفعية ثقيلة من مسافة بعيدة، بإتجاه خطوط الجبهة إلى شمال الشرق، لكن أيا منها لم تكن قريبة.
والمدينة تقع بين جبهتين، إلى الجنوب والشرق حيث "جمهوريتا" دونيتسك ولوغانسك الانفصاليتان المواليتان لروسيا، وإلى الشمال حيث يتقدم الجيش الروسي.
وتشهد خطوط الاشتباك استقراراً نسبياً لكن المواجهات اليومية بين القوات المتحاربة محتدمة.
والسلطات المدنية-العسكرية في المناطق الخاضعة لسيطرة أوكرانيا من دونيتسك ولوغانسك، اللتين تشكلان إقليم دونباس، دعت تكرارا المدنيين إلى مغادرة المنطقة خشية هجوم روسي.
وخُصصت قطارات وحافلات لإجلاء الأهالي من المنطقة تدعمها جهود متطوعين.
وفيما لا تزال محطة كراماتورسك خارج الخدمة، من المقرر أن تغادر أربع قطارات مدينة سلافيانسك باتجاه غرب البلاد، وفق الشركة المشغلة للسكك الحديد الأوكرانية.
ومن المقرر أيضا تسيير قطارات محلية أخرى لكن بدون الإعلان عن تفاصيل المغادرة لأسباب أمنية.
عمليات الإجلاء
تواصلت عمليات الإجلاء على نحو متكتم في الاتجاه الآخر، براً نحو المناطق الموالية لروسيا.
وتنطلق مواكب سيارات، غالبًا ما تكون طراز لادا قديمة روسية الصنع على ظهرها حقائب رُبطت بالسقف، يوميًا باتجاه المنطقة الخاضعة لسيطرة روسيا في الشمال، بموافقة ضمنية من القوات الأوكرانية المتمركزة على نقاط التفتيش، كما علم مراسل وكالة فرانس برس.
وقال رجل عمره 30 عاماً كان يعبر في سيارة مع عائلته لوكالة فرانس برس "نحن ذاهبون إلى هناك حيث لدينا أقارب. فهناك طعام والوضع هادئ وليس من مشكلات".
أضاف "هناك أشخاص طيبون وآخرون سيئون في كلا الجانبين". وكان يقوم بتصريف العملة الأوكرانية مقابل الروبل الروسي على جانب الطريق.
ومنطقة دونباس التي كانت تشتهر سابقا بالتعدين وتعرف بأنها القلب النابض للصناعة في الاتحاد السوفياتي السابق، ثم قسمتها الحرب في 2014، تميل تقليديا أكثر إلى روسيا.
ويُستشف الحنين للحقبة السوفياتية من خلال الأحاديث مع الأهالي الذين يأسفون لإغلاق المصانع الكبيرة في المنطقة وكثيرًا ما ينتقدون حكومة كييف.
وأكثر من ذلك فإن كثيرين منهم، من بينهم نساء وأطفال، لا يعتزمون الفرار أمام وصول القوات الروسية.