مانيلا: بمجرد ذكر اسم ماركوس الابن المرشح للانتخابات الرئاسية في الفيليبين، تعود إلى لوريتا روزاليس الذكريات المؤلمة للتعذيب الذي خضعت له بسبب معارضتها للحكم الديكتاتوري لوالده.
وقالت هذه المدرسة السابقة البالغة من العمر اليوم 82 عاما والتي تعرضت للتعذيب والاغتصاب على أيدي فرق الديكتاتور فرديناند ماركوس خلال الأحكام العرفية في سبعينات القرن الماضي، لوكالة فرانس برس إنها تخشى أن يعيد التاريخ نفسه.
وتدعو هذه الناشطة الحكومة الفيلبينية إلى استبعاد أهلية نجل ماركوس الذي يحمل اسم أبيه ويلقب "بونغبونغ"، حتى لا يتمكن من الترشح لانتخابات التاسع من آذار/مارس.
وهي تخشى أن يفعل ما فعله والده الراحل من إلغاء البرلمان وكل المؤسسات الديموقراطية ليحكم بمراسيم فقط.
طي صفحة الماضي
ويتصدر بونغبونغ (64 عاما) استطلاعات الرأي ويقود حملة تتجاهل الجرائم التي ارتكبت في عهد والده، مفضلا الدعوة إلى الوحدة ووضع خططه لطي صفحة جائحة كوفيد-19.
وتقول منظمة العفو الدولية إن قوات الأمن التابعة لفرديناند ماركوس الأب قتلت أو عذبت أو اعتدت جنسياً أو شوهت أو احتجزت بشكل تعسفي حوالى سبعين ألف معارض، حسب نائبة رئيس المنظمة في الفيليبين أورورا بارونغ.
خلال هذه الفترة المظلمة، شاركت روزاليس في التظاهرات بصفتها ناشطة في "الرابطة الإنسانية" المنظمة التي كانت تعتبر على يمين الحزب الشيوعي، حزب المعارضة الحقيقي الوحيد بعد القمع الذي مارسه ماركوس ضد المعارضين.
في 1976، اعتقلت روزاليس واقتيدت إلى منزل احتجزت فيه. وتروي المدرسة السابقة كيف سكب معذبوها الشمع المغلي على ذراعيها وشدوا حزاما حول رقبتها. وأوضحت أنها أخضعت لصدمات كهربائية في أطراف أصابع يديها وقدميها ما أصابها بارتعاشات لا يمكنها التحكم بها.
وكان هؤلاء يريدون أن تقودهم إلى خوسيه ماريا سيسون مؤسس الحزب الشيوعي ، الذي بدأ قيادة تمرد ماوي مسلح، وإلى رفاقه في القتال.
ويقلل المرشح للمنصب الأعلى بالتقليل من أهمية الروايات حول الانتهاكات أو خلال فترة حكم والده، أو ينفيها.
وقال في مقابلة مع تلفزيون الفيليبيني في أواخر كانون الثاني/يناير "لا أعرف من أين أخرجت (منظمة العفو) هذه الأرقام ولم أرها".
وأضاف "لنطلب من منظمة العفو الدولية تقاسم المعلومات التي تملكها وقد يساعدنا ذلك على ضمان عدم تكرار الانتهاكات التي حدثت مرة أخرى".
وردا على سؤال عن الوقائع التي أوردتها روزاليس، قال فيك رودريغيز المتحدث باسم ماركوس لفرانس برس "السيدة إيتا روزاليس تبدأ من جديد وتذهب بعيدا جدا في أكاذيبها لتعزيز السياسة الدنيئة لحزبها".
في 2013، اعترفت الحكومة الفيليبينية بحالات سوء المعاملة التي ارتكبت خلال فترة الأحكام العرفية ,منحت 190 مليون دولار (167 مليون يورو) كتعويض لأكثر من 11 ألف ضحية من أصل 75 ألفا قدموا طلبات للحصول عليها.
وتقول روزاليس إن معذبيها كانوا "عملاء" في ثياب مدنية يراقبون المناهضين لماركوس.
وبعد تعذيبها نُقلت إلى سجن عسكري وأفرج عنها بعد شهر. وقد انتخبت في مجلس النواب في 1998 مع أحد جلاديها وكان ضابطا سابقا في القوات الخاصة.
وقالت إن الرجل الذي توفي منذ ذلك الحين، نفى باستمرار مشاركته في الانتهاكات.
في 2010، تولت روزاليس رئاسة اللجنة الحكومية المستقلة لحقوق الإنسان بعد عام على حظر الفيليبين التعذيب و"غيره من أشكال المعاملة القاسية واللاإنسانية والمهينة".
وتقول لجنة الانتخابات إن 56 بالمئة من الفيلبينيين المسجلين للتصويت هذا العام ولدوا بعد الأحكام العرفية.
وتشير استطلاعات الرأي إلى أن الناخبين ومعظمهم من الشباب، سينتخبون بونغبونغ رئيسا بعد 36 عاما من الانتفاضة التي أنهت حكم والده الذي دام عشرين عاما ودفع الأسرة الأولى إلى الهرب إلى الولايات المتحدة.
محو الأفعال الإجرامية
وتعتقد روزاليس أن عائلة ماركوس التي سُمح لها بالعودة إلى البلاد بعد وفاة الديكتاتور في هاواي في 1989، تقف وراء تمويل حملة انتخابية تهدف إلى محو الأفعال التي ارتكبها الرئيس الراحل من الضمير الجماعي.
وقالت "ما إن يصبح رئيسا، سيكون قادرا على استخدام القوة. وسيتعلم (كيف يستخدمها)".
ولتبرير استبعاد ماركوس، أشارت روزاليس إلى أنه أدين منذ عقود لعدم تقديمه بيانات ضريبية. وقد رفض طلبها مرات عدة بعدما اعتبر أنه لا يستند إلى أدلة كافية. واستأنفت القرار.
وترى بارونغ وروزاليس أن وصول بونغبونغ إلى السلطة يجبر ضحايا التعذيب على العودة مرة أخرى إلى هذه الصفحة المظلمة من تاريخها.
ورأت السيدتان أنه "يجب علينا أن نفعل شيئا لأننا لا نريد فرض الأحكام العرفية مجددا".