تعاني ليبيا من حالة انسداد سياسي جراء عدم إجراء الانتخابات، حيث إن استمرار الوضع في ظل تمديد المرحلة الانتقالية وإطالة عمرها سيدخل البلاد في متاهات عديدة، لكن مشكلة ليبيا ليست فقط في انتخابات، بل تتعداها إلى الانهيار القانوني والدستوري في غياب دساتير جديدة ومواثيق شرف توافقية يبنى عليها التحول الديمقراطي، فالانقسام ليس مرده فقط عدم الاتفاق على القاعدة الدستورية، بل إلى حرص البعض على البحث عن تموقعات جديدة تضمن لها استمرار الحفاظ على مصالحها ومكتسباتها.
إن الحل لتجاوز الانسداد اليوم هو الابتعاد عن التسويات الظرفية التي أسهمت في الانقسامات وباتت تهدد وجود دولة من الأساس، حيث إنه كلما يتم صياغة حل يتم دفن العديد من بذور المشاكل، وهو ما أدى إلى الوضع الحالي، لذلك فلا مناص من اللجوء إلى الدستورية الشرعية الليبية لقطع الطريق أمام انتهاك مؤسسات الدولة والتسابق على الغنيمة، بالحرص التام عن مخرج نهائي لبقية الأزمات لضمان التخلص من شوائب الماضي وقبول ثقافة الديمقراطية الحقيقية.
وغني عن القول أنه بدون الرجوع إلى أصل أزمات ليبيا لا يمكن إيجاد الحلول، كما أن كل عملية سياسية مهددة بالتعثر، حيث إن عدم وجود دستور أعطى فرصة للبعض للتلاعب بمصير البلاد وجعلها رهينة التدخلات الخارجية، فالحل في عودة هيبة الدولة من بوابة الدستور بأن تصاغ وثيقة محل احترام يتفق عليها، تبين طبيعة النظام الحاكم وتنهي التدخلات القبلية، وتكون قوة رادعة قادرة على إعادة البلاد إلى السكة وفتح أمام البلاد أبواب واعدة من الاستقرار وتوحيد ليبيا ومؤسساتها في ظل سلطة مدنية منتخبة والتقدم في ملف توحيد الجيش وإخراج المرتزقة وفتح الطرقات.