: آخر تحديث
ترك انهياره جرحًا في نفسه

هاجس بوتين في أوكرانيا.. استرجاع المجد السوفياتي

64
56
75

موسكو: تشكّل إعادة أوكرانيا إلى الفلك الروسي هاجسًا لدى فلاديمير بوتين الذي يسعى الى استرجاع مجد الاتحاد السوفياتي، بعد أن ترك تفتّت هذا الاتحاد خلال ثلاث سنوات فقط (1989-1991)، جرحًا عميقًا في نفسه ونفوس كثيرين من الروس من أبناء جيله.

عاش بوتين الهزيمة بشكل مباشر في حينها، في فترة كان فيها ضابطًا في الاستخبارات السوفياتية في ألمانيا الشرقية. وبحسب قوله، عانى من البؤس والفقر الذي اجتاح منازل العديد من الروسيين، وأُجبر على العمل كسائق سيارة أجرة عند عودته إلى روسيا.

وازداد الذلّ والفقر في ما كان جزءًا من الاتحاد السوفياتي قبل سقوطه، مع ازدياد انتصار الغرب وازدهاره.

واقتنع، بحسب قوله، بأن سقوط الاتحاد السوفياتي هو "أكبر كارثة جيوسياسية في القرن العشرين" رغم الحربين العالميتين اللتين هزّتاه.

وغذّى هذا الاعتقاد رغبة في الانتقام لديه تزامنًا مع توسّع الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي إلى أراضٍ كانت تابعة لموسكو قبل 1991.

واتّخذ الرئيس الروسي بذلك مهمّة تاريخية له، تقتضي بوقف التوسّع إلى منطقة نفوذه.

فأصبحت أوكرانيا خطًّا أحمر، باسم الحفاظ على الأمن في روسيا.

ويرى بوتين، حسبما يعتقد أليكسي ماكاركين من مركز التقنيات السياسية، أن "أوكرانيا ستصبح جزءًا من حلف شمال الأطلسي بعد 10-15 عامًا إذا لم تحلّ روسيا مسألة الأمن هذه"، و"ستكون بذلك صواريخ الحلف في موسكو".

وفي علامة على تصميم موسكو على إعادة المجد لها، وبعد ثورة موالية للغرب في كييف في العام 2019، ضمّت روسيا شبه جزيرة القرم فيما انتشر انفصاليون موالون لروسيا في شرق أوكرانيا.

وبالنسبة لبوتين، لا يُفترض أن تعتبر أوكرانيا نفسها ضحيّة للامبريالية القيصرية ثمّ السوفياتية وحاليًا الروسية. ويعتبر أن الثورتان اللتان حصلتا فيها في عاميْ 2005 و2014 هما نتاج مؤامرة غربية للإطاحة بحكّام موالين لروسيا.

وعلى موسكو أن تبدو قويّة، أو حتى تثير الخوف، بنظر بوتين الذي ليس الاستسلام من طبيعته.

وقال في 2015 "إذا كان القتال أمرًا لا مفرّ منه، يجب أن تكون أنت من يضرب أوّلًا".

وتروي إحدى مُدرّساته، فيرا غوريفيتش، أن فلاديمير ابن الـ14 عامًا قال إن البعض "لا يفهم إلّا بالقوة" بعد أن كسر رِجل زميل له.

وتخوض أوكرانيا، منذ "الثورة البرتقالية" فيها (2004-2005)، "حروب الغاز" مع موسكو، ما يزعزع اقتصادها.

ومنذ العام 2008، وبحسب وسائل إعلام روسية وأميركية، لطالما نفى بوتين وجود الكيان الأوكراني، وقال لنظيره الأميركي جورج دبليو بوش إن أوكرانيا "ليست دولة حتّى".

وفي كانون الأول/ديسمبر، قال في مؤتمره الصحافي السنوي إن أوكرانيا اختراع من نسج خيال لينين.

وقبل اشهر، فسّر في مقال عنوانه "حول الوحدة التاريخية بين الروس والاوكرانيين" خيارات جارته بأنّها نتيجة مؤامرة "مضادة لروسيا" تقوم بها الولايات المتحدة مع حلفائها.

وبحسب قوله، خلق الغرب "نظامًا سياسيًا أوكرانيًا يتغيّر فيه الرؤساء وأعضاء البرلمان والوزراء، ولكن لا يتغيّر فيه المسار الانفصالي وعداؤه تجاه روسيا".

وتشير مديرة مركز الأبحاث الروسي "ارزبوليتيك" تاتيانا ستانوفايا إلى أن اتّباع هذا المنطق يدلّ على أن حشد مئة ألف جندي روسي على الحدود الأوكرانية لا يشكّل تهديدًا.

وتضيف "إن الحرب لن تشكّل هجومًا على أوكرانيا بل تحريرًا للشعب الأوكراني من المحتلّين الأجانب".

ولفت المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف في كانون الأول/ديسمبر إلى أن "الشعب الشقيق لا يمكن خسارته، فهو يبقى شعبًا شقيقًا".

ولطالما شدّدت موسكو على أن الغرب استفاد من ضعف روسيا بعد سقوط الاتحاد السوفياتي لكي يُخيّم في جوارها.

ومع نشر جيوشه على الحدود الأوكرانية، يطالب بوتين بعودة حلف شمال الأطلسي إلى خطوط عام 1997 وبالتخلّي عن الهندسة الأمنية التي نجمت عن الحرب الباردة.

وبحسب أليكسي ماكاركين، "إن القوة الدافعة لعمل فلاديمير بوتين هي رغبته في أن يوقف الزمن".


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في أخبار