آخن (ألمانيا): حضّت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل الناخبين على التصويت لمرشّح تحالفها أرمين لاشيت لتشكيل مستقبل ألمانيا، في محاولة أخيرة لدعم حملته قبل 24 ساعة من بدء الإقتراع.
ويحلّ لاشيت (60 عامًا) في المرتبة الثانية خلف منافسه الإشتراكي الديموقراطي أولاف شولتز للفوز بالمستشارية، رغم أنّ الإستطلاعات النهائية تشير إلى أنّ الفارق بينهما يقتصر على هامش الخطأ، ما يجعل الإنتخابات الأكثر غموضًا منذ سنوات.
وخطّطت ميركل للإبتعاد عن الأضواء في المعركة الإنتخابية في وقت تستعد للإنسحاب من الساحة السياسية بعد 16 عامًا في السلطة. لكنها وجدت نفسها مضطّرة للدخول على خط برنامج حملة زعيم حزبها، لاشيـت الذي لا يحظى بشعبية واسعة.
وفي آخر أسبوع من الحملة الإنتخابية، رافقت ميركل مرشّح حزبها إلى دائرتها الإنتخابية المطلّة على بحر البلطيق فيما كانت الجمعة على رأس تجمّع ختامي شاركت فيه كبرى الشخصيات المحافظة في ميونيخ.
جولات ميركل
وفي مناشدة موجّهة إلى الناخبين الذين يهيمن عليهم كبار السن الجمعة دعت ميركل إلى إبقاء المحافظين في السلطة من أجل الإستقرار الذي لطالما ميّز ألمانيا.
وقالت "من أجل إبقاء ألمانيا مستقرّة، يجب أن يصبح أرمين لاشيت المستشار وينبغي أن يكون (تحالف) الإتحاد المسيحي الديموقراطي والإتحاد الإجتماعي المسيحي القوة الأكبر".
وقبل يوم من الإنتخابات، توجّهت إلى بلدة لاشيت ودائرته الإنتخابية آخن، وهي مدينة منتجع تقع قرب حدود ألمانيا الغربية مع بلجيكا وهولندا، حيث ولد المرشّح وما زال يعيش.
وقالت "يتعلّق الأمر بمستقبلكم ومستقبل أطفالكم ومستقبل آبائكم"، داعية إلى تعبئة قوية لصالح تحالفها المحافظ.
وشدّدت على أنّ حماية المناخ ستكون التحدي الأبرز أمام الحكومة المقبلة، لكنّها أكّدت أن ذلك لن يتحقّق عبر "القوانين والقواعد بكل بساطة".
وقالت "من أجل ذلك، نحتاج إلى تطورات تكنولوجية حديثة وإجراءات جديدة وباحثين وأشخاص مهتمّين يفكّرون بما يمكن القيام به".
وأفادت أنّ لاشيت هو "باني الجسور الذي سيتمكّن من إقناع الناس" في تشكيل ألمانيا بما يتوافق مع مواجهة هذه التحديات.
ونزل مئات الآلاف إلى الشوارع الجمعة مطالبين بالتغيير وبحماية المناخ بشكل أفضل، فيما وصفت ناشطة بارزة الإقتراع بإنتخابات "القرن".
ومع بدء العد العكسي للإنتخابات، بقي شولتز أيضًا قريبًا من مسقط رأسه سعيًا لكسب الأصوات.
وسيجري شولتز "حوارات بشأن المستقبل" مع الناخبين في دائرته الإنتخابية بوتسدام، وهي مدينة على أطراف برلين تشتهر بقصورها التي كانت مقرًّا لملوك بروسيين.
وتجنّب شولتز، وزير المال الحالي في حكومة ميركل الإئتلافية، ارتكاب أي أخطاء خلال الحملة الإنتخابية، وكسب دعمًا واسعًا إذ طرح نفسه على أنّه "مرشّح الإستمرارية" بعد ميركل بدلًا من لاشيت.
كما دعا خلال حملة الجمعة إلى "بداية جديدة لألمانيا" و"تغيير الحكومة" بعد 16 عامًا من حكم ميركل.
وبينما يوصف بأنه ذو إمكانيات رغم اعتباره شخصية مملة، تفوّق شولتز مرة تلو الأخرى على لاشيت بأشواط من ناحية الشعبية.
المحافظون يقلصون الفارق
ومع اقتراب موعد الإنتخابات، يقلّص المحافظون بزعامة لاشيت الفارق، حتى أنّ أحد الإستطلاعات أشار إلى أنّ الفارق بينهم وبين الإشتراكيين الديموقراطيين (26 بالمئة) بات نقطة مئوية واحدة.
وخاض لاشيت المعركة الإنتخابية من أجل المستشارية متضرّرًا بشدة من معركة صعبة خاضها للفوز بتسمية المحافظين له مرشّحًا للمستشارية.
لكن حزبه تقدّم على الإشتراكيين الديموقراطيين مع دخول فصل الصيف.
إلا أنّ لاشيت شوهد يضحك خلف الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير بينما كان الأخير يلقي خطابًا تكريميًّا لضحايا الفيضانات المميتة التي اجتاحت ألمانيا في تموز/يوليو، في لقطة أحدثت تحوّلًا في المزاج العام حياله وحيال حزبه.
وبينما كشفت الإستطلاعات بأنّ الفارق يزداد لصالح الإشتراكيين الديموقراطيين، ما كان للمحافظين إلّا أن لجأوا إلى أهم شخصية لديهم، ميركل، التي لا تزال تحظى بشعبية واسعة.
وقال المحلّل السياسي أوسكار نييديرماير من جامعة برلين الحرة إنّ الإعتماد على المستشارة لا يأتي من دون مخاطر.
وأفاد "لا تزال ميركل السياسية الأكثر شعبية. لكن ظهورهما معًا بشكل متكرّر قد يتحوّل إلى مشكلة بالنسبة للاشيت إذ ستجري المقارنة فورًا بينهما".
وأضاف "ويمكن بالتالي أن تكون لذلك نتائج عكسية نظرًا إلى أن الناس قد يعتقدون بأنّ ميركل أنسب من لاشيت".