بريمن: أطلق المحافظون الألمان حملة إنتخابية لمرشّحهم للمستشارية، وهو تقليد تخلّوا عنه بشكل شبه كامل لأعوام في ظل شعبية أنغيلا ميركل الجارفة، لكنهم اضطروا للعودة إليه مع حلولهم في المرتبة الثانية في استطلاعات الرأي.
في ساحة سوق مدينة بريمن شمال البلاد، صعد مرشّح المعسكر المحافظ أرمين لاشيت إلى المنصة على أنغام الموسيقى التصويرية للجزء الثالث من فيلم "روكي"، في مسعى لاستلهام روح العودة والإنتصار من بطل الفيلم.
بعد أن تقدّم عليه في استطلاعات الرأي منافسه الإشتراكي الديموقراطي، وضع أرمين لاشيت معسكره في موقف ضعيف لم يشهده منذ فترة طويلة بعد أربع ولايات متتالية للمستشارة أنغيلا ميركل.
ويقول الناشط في حزب الإتحاد الديموقراطي المسيحي في بريمن هانز جورج فريدريش "لم أكن أتوقّع أن يكون التنافس حادًّا إلى هذه الدرجة". ويضيف المحامي أنّ لاشيت "عليه أن يعرّف بنفسه".
من جهتها، تقول كرستين إيكاردت وهي رئيسة مكتب محلّي للحزب "علينا أن نبدأ من الصفر، علينا أن نقنع". وتضيف "إنّها حملة حقيقية هذه المرة، لم يعد الأمر محسومًا مثل السابق".
افتقار إلى الشعبية
ويرى الوزير السابق بيرند نيومان أنّ أرمين لاشيت لم يدرك بشكل كافٍ افتقاره إلى الشعبية.
في المقابل، يعتبر نيومان أنّ مرشّح الحزب الديموقراطي الإشتراكي أولاف شولتز "معروف ويمكنه تسخير خبرته في الحكومة". ويشغل شولتز منصب وزير المالية في الإئتلاف الحاكم منذ 2018.
أمّا لاشيت فهو يترأّس حكومة ولاية شمال الراين فستفاليا منذ عام 2017، المنطقة الأكثر تعدادًا للسكان في ألمانيا، لكنه لم يشغل قطّ منصبًا في الحكومة الفدرالية.
اُنتخب لاشيت رئيسًا للإتحاد الديموقراطي المسيحي قبل أقل من عام، وقد رُشح للمستشارية بعد صراع مع حليفه زعيم حزب الإتحاد الإجتماعي المسيحي ماركوس سودر.
يبرّر هانز جورج فريدريش الأمر قائلًا إنّه "لو كان هناك مرشح واحد فقط، لقيل لنا (لا شيء يحدث في الحزب، لستم ديموقراطيين)، ومع وجود اثنين من المرشحين، تم انتقادنا لعدم توحدنا!".
لكن نشطاء الحزب يقرّون بأنّ هذا التنافس ترك بصمته، تمامًا مثل رحيل أنغيلا ميركل الذي يخلف فراغًا سياسيًّا يتطلّب قوة دفع جديدة.
تغيير كبير
ويقر النائب في برلمان بريمن الإقليمي كلاس رومير "أتوقّع أن يكون الأمر صعبًا، لأنّنا وجدنا أنفسنا في المرتبة الثانية في استطلاعات الرأي، لم يحدث ذلك لنا منذ فترة طويلة".
ويضيف رومير أنّ أكبر أحزاب ألمانيا الذي هيمن على الحياة السياسية منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية، "يتّجه نحو تغيير كبير، وهو أمر طبيعي بعد 16 عامًا" في الحكم. ويقارن هذه الصفحة الجديدة بنهاية حقبة هيلموت كول عرّاب أنغيلا ميركل الذي تولّى المستشارية بين عامي 1982 و1998.
وتقول القيادية في الإتحاد الديموقراطي المسيحي تيريزا غرونينغر إنّ "الأحزاب الرئيسية تضعف، نرى الإتجاه نفسه في أنحاء أوروبا. لقد ولّى زمن الإستقرار والأغلبية الكبيرة".
انتقاد لاشيت
ويحظى توجّه ميركل الوسطي بتأييد أرمين لاشيت، وهو ليبرالي معتدل وداعم لأوروبا.
ولكن في حملة إنتخابية تستمر فيها قضية المناخ في اكتساب الزخم، يتعرّض المرشّح للإنتقاد لافتقاره إلى الطموح والأفكار الجديدة. وقد اكتفى لاشيت بالتعهّد بمعالجة العقبات البيروقراطية التي تعوق تنفيذ المشاريع المرتبطة بالتنمية المستدامة.
وقال في خطابه في بريمن، وسط صيحات استهجان أطلقتها مجموعة من النشطاء البيئيين الراديكاليين، "في ما يتعلّق بالقضايا الرئيسية، بما فيها سياسة المناخ، فإنّ الأولوية بالنسبة لألمانيا هي استعادة قوّتها الإقتصادية بعد الوباء".