إيلاف من أبوظبي: مع إعلان فوز إبراهيم رئيسي في الانتخابات الرئاسية الإيرانية، يرجح مراقبون أن المفاوضات في فيينا، التي تهدف إلى إحياء الاتفاق النووي، سوف تشهد جملة من التعقيدات، لا سيما أن رئيسي مصنف على قوائم العقوبات الأميركية، على خلفية وجوده ضمن "لجان الموت" والتي تشكلت في ثمانينات القرن الماضي، بهدف تنفيذ أحكام الإعدام بحق آلاف المعارضين السياسيين.
وعقب الإعلان عن نتائج الانتخابات الإيرانية، قالت منظمة العفو الدولية: "وصول رئيسي إلى الرئاسة بدلا من إخضاعه للتحقيق في جرائم ضد الإنسانية وجرائم قتل وإخفاء قسري وتعذيب، هو تذكير قاتم بأن الإفلات من العقاب يسود في إيران، إذ إنه انخرط في (لجان الموت)، بينما كان يحتل منصب معاون المدعي العام للمحكمة الثورية في طهران عام 1988، وقد تورط في تنفيذ عمليات قمع واسعة بحق آلاف المعارضين المعتقلين، تراوحت بين إخفاء قسري وإعدامات خارج نطاق القضاء بشكل سري"، بحسب تقرير نشره موقع "سكاي نيوز عربية".
واعتبرت المنظمة التي تعنى بحقوق الإنسان، أن "السلطات الإيرانية لا تزال حتى اليوم متكتمة حول مصير الضحايا والمكان الذي توجد فيه الجثث، وهو ما يرقى أيضا إلى جرائم ضد الإنسانية".
كما دانت المنظمة "حملات القمع التي تسبب فيها رئيسي، خلال العامين الأخيرين، حين كان على رأس السلطة القضائية، وذلك بحق المعارضين والناشطين السياسيين الذين قادوا الاحتجاجات الفئوية، منذ نهايات عام 2019، وقد طالت مئات المعارضين السلميين والمدافعين عن حقوق الإنسان وأفراد أقليات مضطهدة اعتقلوا بشكل تعسفي".
وأضافت: "رئيسي مسؤول أيضا عن توقيف آلاف المتظاهرين ومئات عمليات الإخفاء القسري بعد الاحتجاجات التي اندلعت في نوفمبر 2019 وتم قمعها بشكل عنيف".
وتبدو الجولة السادسة من المحادثات في فيينا "مرتهنة" لحساب الرئيس الجديد الذي يخلف حسن روحاني في قصر سعيد آباد في طهران، بحسب المحلل السياسي الإيراني علي رضا اسدزاده، الذي أوضح لموقع "سكاي نيوز عربية": "إن تنصيب إبراهيم رئيسي في موقع رئاسة الجمهورية الإيرانية أمر مخطط له مسبقا، وبالتالي، لم يباغت الخبر أي أحد، ولكن سيكون له تأثيرات سلبية كبيرة على مسار المفاوضات فيينا، وكذا علاقات الغرب مع إيران، عامة، والولايات المتحدة، على وجه خاص".
وبحسب المحلل السياسي الإيراني، فإن الحكومات الغربية رغم ذلك اعتادت أن "تغض الطرف على انتهاكات حقوق الإنسان في إيران بحجة تعزيز الإصلاحيين في مواقعهم ضد الأصوليين، بيد أنه، اليوم، تم حذف جميع الإصلاحيين بدون لف ودوران، وفي عملية استبعاد قسري لصالح رئيس محافظ وأصولي، بل ومصنف في القوائم السوداء الأوروبية والأميركية، بسبب دوره في مجزرة السجناء السياسيين التي حدثت في عام 1988، نجم عنها مشهد إعدامات دموي، ويضاف لذلك قمع الانتفاضة في إيران، خلال الأعوام الأخيرة، بصفته رئيس القضاء وسيكون من الصعب على الغرب أن تبرر أي اتفاق مع حكومة رئيسي أمام الرأي العام".
وبيّن علي رضا أن "قرار المفاوضات لم يكن بيد حسن روحاني، طيلة الأعوام الماضية، بل إن الاتفاق النووي منذ عهد أحمدي نجاد كان يجري بتأييد المرشد الإيراني، والأمر ذاته في فترة حكم روحاني، ومن ثم، الاستمرار في المسار التفاوضي في فيينا سيكون بتأييد خامنئي، ولكن تغيير الحكومة وحضور وجه أصولي متطرف وأصولي جديد في سدة الحكم سوف يؤخر، على كل حال، مسار المفاوضات في هذه المرحلة".
وكان دبلوماسي أوروبي قد صرّح الجمعة، أن الاتفاق في محادثات فيينا حول إيران "لا يزال بعيدا رغم التقدم"، لافتا إلى أن أطراف المحادثات تسعى للتوصل لاتفاق سياسي تقني.
وقبل أسبوع، أوضح المتحدث باسم الخارجية الأميركية نيد برايس أنه لا يوجد جدول زمني للجولة السادسة من مفاوضات إيران النووية في فيينا.
وبحسب مبعوث الاتحاد الأوروبي فإن الجولة السادسة سوف تكون الأخيرة، وقد ذكر بيان صادر عن المجموعة الممثلة لدبلوماسيي الدول الأوروبية الموقعة على الاتفاق النووي: "واصلنا تحقيق تقدم واتضحت الآن أجزاء مهمة من الاتفاق المقبل لكن القرارات الأصعب قادمة. عملنا بالطبع وفقا لمبدأ عدم الموافقة على شيء لحين الاتفاق على كل شيء، كما ندرك جميعا أن الوقت ليس في صالح أحد. وقت اتخاذ القرارات الحاسمة يقترب".