: آخر تحديث

العودة إلى العمل من المكتب

82
97
79
مواضيع ذات صلة

تشير دراسة حديثة أعدتها منظمة (غريت بليس تو ورك) أن 30 % فقط من الموظفين يرغبون في العودة إلى العمل من مكاتبهم، هؤلاء بالإضافة إلى قلق كورونا يرون أن عملهم من المنزل جعلهم أكثر سعادة وإنتاجية.

تلك النتيجة تقود إلى تساؤلات، لماذا 30 % فقط؟ هل الـ 70 % يجدون العمل من المكتب يتضمن إيجابيات أكثر في العمل من المنزل؟ هل بيئة العمل جاذبة بوجود زملاء العمل، والرؤساء، والخدمات، ومقابلة الناس والتفاعل معهم بشكل مباشر؟

أعتقد أن كثيرين من الموظفين هم من الفئة التي تفضل العمل من المكتب، لأنه مهما كانت التقنية متوفرة ومتطورة فهي لا تغني عن التفاعل الإنساني المباشر، ثم إن الخروج من البيت حاجة نفسية ضرورية.

المكتب جو عمل، وجو تفاعل مع الرؤساء والزملاء والمراجعين، التفاعل الإنساني والمهني في مقر العمل يقابلك في المكتب، والمصعد، والممرات، والمطعم، ومواقف السيارات، وقاعات الاجتماعات، هذا لا يتوفر في العمل من المنزل إلا عن بعد، وهذا تفاعل ناقص.

الذين يجدون أن العمل من المنزل جعلهم أكثر سعادة وإنتاجية لهم ظروفهم الخاصة، هي ظروف من المهم طرح الأسئلة حولها للتعرف عليها من باب الفضول الإداري، هل بيئة العمل السبب في تفضيلهم العمل من المنزل؟ إذا كانت كذلك، فأي جزء من بيئة العمل هو المشكلة؟ هل المقر غير المناسب، أم الخدمات، أم تعامل الرؤساء أو الزملاء، أم بعد المقر عن المنزل، أم عدم التمكن من إدارة الوقت في مقر العمل بسبب وجود الزملاء، أم وجود سلوكيات سلبية مثل التنمر والعنصرية، أم أن ضغوط العمل تكون أقل في العمل من المنزل؟ أم هي مرتبطة بظروف مؤقتة مثل ظروف جائحة كورونا؟ أم ماذا؟

لكل حالة ظروفها، وفي تقرير إخباري تلفزيوني ذكرت مالكة مطعم في أميركا بعد تخفيف الاحترازات وفتح المطاعم أنها تعاني صعوبة في توظيف موظفين للعمل في المطعم لأن بعضهم لا يرغب بالعمل في هذا المجال بعد الجائحة.

بشكل عام يمكن القول إن العمل من مقر العمل – رغم التطور التقني – يتضمن إيجابيات كثيرة أهمها الجانب الإنساني، ومنها تعزيز الانتماء والولاء والمشاركة والدعم المتبادل بين زملاء العمل، ومنها أيضا اكتشاف قدرات الموظفين، والجوانب التي تحتاج إلى تطوير، وكذلك مشكلاتهم المهنية أو النفسية، كل ذلك سيكون مهمة أسهل خلال العمل من قرب.

جائحة كورونا تسببت بآلام إنسانية واقتصادية على مستوى العالم، وكشفت عن النعم التي وهبها الله للإنسان ولا يدرك قيمتها إلا إذا فقدها أو حتى أحس بأنه سيفقدها، كما كشفت عن تفاوت في مستوى الرعاية الصحية والبنية التحتية بين دول العالم، وأن التفوق العلمي أكثر تأثيرا من التفوق العسكري، وكشفت أهمية التقنية، وأهمية عدم المبالغة في استخدامها حتى لا تكون سببا في صناعة البطالة.

في وسط هذه الظروف الصعبة التي سببتها جائحة كورونا يتقبل الإنسان العمل من المنزل ويتكيف لفترة من الزمن، ولكنه سيشعر برغبة للعودة إلى مقر العمل، وسيشعر بالقلق على وظيفته.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد