هونغ كونغ: مع حلول الساعة الثامنة مساءً في منطقة مونغ كوك التجارية في هونغ كونغ، أضاء عشرات الأشخاص هواتفهم المحمولة في وقت واحد في تحد للحظر الذي تفرضه السلطات في المدينة على إحياء ذكرى أحداث ساحة تيان انمين.
المشهد تكرر في مناطق عدة أخرى من هونغ كونغ التي اعتاد الآلاف من سكانها في السنوات ال32 الماضية على الاحتشاد في حديقة فيكتوريا لاضاءة الشموع تكريما للضحايا الذين سقطوا عام 1989 عندما هاجمت القوات والدبابات الصينية متظاهرين مؤيدين للديموقراطية في بكين.
وفي السنوات الأخيرة أخذت الحشود التي تحيي الذكرى بالتزايد مع تصاعد غضب سكان هونغ كونغ من حكم بكين الصارم للجزيرة.
وتقليديا تُضاء الشموع الثامنة مساء إضافة الى الوقوف دقيقة صمت عند الساعة 8,09 في إشارة الى عام 1989.
وهذا العام وسط حملة قمع واسعة النطاق ضد المعارضين طوقت الشرطة الحديقة متذرعة باجراءات فيروس كورونا.
لكن لا يزال من الممكن رؤية اشارات تحد من الرسوم والشعارات على الجدران الى أشخاص يضيئون الشموع حيث يقفون أو يطلقون هتافات الاحتجاج الشعبية أثناء سيرهم.
وقال أحد الذين حملوا شمعة في مونغ كوك ليل الجمعة خارج مركز للتسوق لوكالة فرانس برس بعد ان عرف عن نفسه باسم بون "لست هنا للمشاركة في تجمع، انا هنا انتظر شخصا ما".
أما يوين البالغة 69 عاما والتي كانت توزع الشموع على المارة فقالت "هناك أكثر من طريقة لاحياء ذكرى الرابع من حزيران/يونيو"، مضيفة "أعتقد أنه ليس ثمة طريقة يمكن أن تجعل الناس ينسون تماما".
ومن بين الذين اوقفتهم الشرطة وأخضعتهم للتفتيش الشابة تشان التي قالت "أنا هنا لأنني أريد مواصلة تقليد إحياء الذكرى. بخلاف الحداد على الموتى يوم 4 حزيران/يونيو، نحتاج أيضا للحداد على الحريات المفقودة في هونغ كونغ".
ومر رجل آخر يدعى نغ حاملا حقيبة تحتوي على الموز وهاتفين مضاءين داخلها ايضا، حيث قال "سبيلنا الوحيد أن نكون خلاقين".
حتى الشركات وجدت أيضا طرقا مبتكرة للتعبير بهدوء عن آرائها السياسية.
وأعرب إلفيس تشان صاحب أحد المطاعم والبالغ 33 عاما عن اعتزامه عرض "مقاطع تاريخية وأفلام وثائقية عن واقعة 4 حزيران/يونيو" على شاشات تلفزيونية.
وقال لوكالة فرانس برس "نأمل ان يكون المواطنون على دراية بالتاريخ. لن ننسى ولن نستسلم".
وأكدت صاحبة مطعم أخرى قالت ان اسمها الأول كاري أنها ستضيء الشموع وتعزف موسيقى أغان احتجاجية.
وأضافت المرأة البالغة 31 عاما "حظرت الحكومة احياء الذكرى في فيكتوريا بارك، لكن لا يمكنها منع الناس من الحداد على الضحايا على طريقتنا الخاصة. من خلال القيام بذلك أنا لا أنتهك أي قانون".
وفي حرم جامعة هونغ كونغ قام طلاب بعد ظهر الجمعة بغسل نصب يحمل اسم "عمود العار"، وهو تقليد آخر مرتبط ب4 حزيران/يونيو لم تمنعه السلطات بعد.
ويجسد النصب 50 جثة متشابكة بعضها مع بعض وبوجوه تعبر عن الألم، ويرمز التمثال الى أولئك الذين لقوا حتفهم في حملة تيان انمين.
وكان ألبرتو وهو طالب فنون يبلغ 25 عاما من بين أولئك الذين وضعوا الزهور أمام النصب.
ووصف حظر الوقفات الاحتجاجية بأنه "شكل من أشكال القمع السياسي يهدف الى إسكات المعارضة وكذلك محاولة غسل ذكرياتنا من مذبحة تيان انمين".
لكنه قال إن سكان هونغ كونغ سيجدون طرقا للحفاظ على الذاكرة حية، مثل طقوس غسل النصب.
وأضاف "أشعر بأنه أصبح أكثر أهمية أن نفعل كل ما في وسعنا ضمن الاجراءات المشددة"، رافضا إعطاء اسمه الكامل.
وقال ايزاك طالب العلوم البالغ 18 عاما إن النصب كان وسيلة "لحفظ التاريخ وابقائه في الذاكرة (...) إنها محاولة لمنع الإنكار التاريخي الذي يمارسه الحزب الشيوعي الصيني".
لكنه أضاف أنه غير متأكد ان كان سيأتي وقت قد لا يتمكن فيه الطلاب من احياء هذه الذكرى.