هونغ كونغ: اعتقلت شرطة هونغ كونغ إحدى منظمي التجمع السنوي في ذكرى القمع الدموي لتظاهرات ساحة تيان أنمين، في وقت سعت السلطات لمنع أي مظاهر للحراك الشعبي المطالب بالديموقراطية في المناسبة الحساسة المصادفة الجمعة.
ووضع قرابة 7 آلاف شرطي في حالة تأهب لمنع أي محاولة لتنظيم تجمع حاشد على ضوء الشموع، كالذي واظب الأهالي على المشاركة فيه بالالاف في كل ذكرى على مدى العقود الثلاثة الماضية.
جاءت أولى الاعتقالات في ساعة مبكرة الجمعة عندما اعتقل أربعة عناصر من الشرطة المحامية تشاو هانغ-تونغ، إحدى النشطاء القلائل المتبقين خارج السجن وليس في المنفى. واعتقلت أمام مركز عملها.
وتشاو البالغة 37 عاما، عضو في تحالف هونغ كونغ الذي ينظم التجمع السنوي.
وأكدت الشرطة أن شخصين، هما تشاو وشاب عمره 20 عاما، اعتقلا بشبهة الدعاية لتجمع غير قانوني من خلال التعليقات على مواقع التواصل الاجتماعي.
وقال المسؤول الكبير في الشرطة لو كواك-هوي للصحافيين إن "تعليقاتهما على الانترنت تضمنت الدعاية ودعوة أشخاص للمشاركة أو لحضور أنشطة عامة محظورة".
واظبت حشود كبيرة على التجمع سنويا في ذكرى قمع الجنود الصينيين تظاهرات سلمية مطالبة بالديموقراطية في ساحة تيان أنمين ببكين في الرابع من حزيران/يونيو 1989. وقتل المئات في عملية القمع، بل تشير بعض التقديرات إلى أكثر من ألف قتيل.
وفي ظل سياسة شعارها "بلد واحد في نظامين"، تهدف إلى منح هونغ كونغ مزيدا من الحريات، كانت هذه المدينة المكان الوحيد على الأراضي الصينية حيث يتم التساهل مع تجمعات حاشدة ومع الأعداد الكبيرة من الناس الذين تجمعوا كل عام في فكتوريا بارك.
لكن بعد أشهر من تظاهرات حاشدة تخللتها أحيانا أعمال عنف في 2019، نفذت الصين حملة كاسحة لإسكات المنتقدين وفرض "الوطنية".
حظرت السلطات التجمع السنوي لهذا العام لمخاوف مرتبطة بوباء كورونا، علما بأن هونغ كونغ لم تسجل أي إصابة محلية غير معروفة المصدر منذ أكثر من شهر.
وأغلق المئات من عناصر الشرطة فكتوريا بارك بعد ظهر الجمعة ونفذوا عمليات توقيف وتفتيش متكررة في الشوارع المجاورة.
وحذرت السلطات في الأيام القليلة الماضية من احتمال تطبيق إحدى مواد قانون الأمن القومي الجديد الذي فرض على هونغ كونغ، بحق المشاركين في مراسم الذكرى.
وفرضت بكين القانون بعد أسابيع قليلة على تجمع العام الماضي، وغيّرت المشهد السياسي الحر في المدينة.
وتم توقيف أكثر من 100 من شخصيات الحراك الديموقراطي بموجب القانون، لأسباب تتعلق في معظمها بالآراء والخطاب السياسي. ورُفضت طلبات الافراج بكفالة عن غالبية الموقوفين الذين يواجهون عقوبة السجن مدى الحياة في حال الإدانة.
لكن الصين لم تتمكن من إسكات الأصوات المعارضة بالكامل، ويخطط أهالي هونغ كونغ لطرق مبتكرة لإحياء الذكرى الجمعة.
وقال لي تشوك-يان، الناشط المسجون حاليا والرئيس الحالي لتحالف هونغ كونغ في رسالة نشرت على صفحته في فيسبوك الخميس "يمكن لنظام ما أن يحظر تجمعا، لكنه لا يستطيع أبدا أن يحظر المظالم التي لا تُمحى من قلوب الناس".
ودعا النشطاء الأهالي إلى إشعال الشموع في منازلهم أو أحيائهم مساء الجمعة، أو نشر رسائل تحيي الذكرى على مواقع التواصل الاجتماعي.
كتبت تشاو قبل ساعات على اعتقالها "أضيئوا الأنوار أينما كنتم، أكانت مصابيح أو هواتف أو شموعا حقيقية أو الكترونية".
وكانت كلارا تشونغ بين مجموعة صغيرة من الفنانين الذين تجمعوا قرب فكتوريا بارك مساء الخميس. وأحضرت معها 64 زهرة بيضاء صفّتها على الطريق.
وقالت لوكالة فرانس برس "يجب أن نبحث عن طريقة جديدة للتعبير عن أنفسنا".
واقترح سياسيون موالون لبكين أن تعتبر الدعوات المطالبة ب"إنهاء حكم الحزب الواحد" وإحضار الديموقراطية إلى الصين" والتي كثيرا ما تطلق كهتافات في تجمعات ذكرى تيان أنمين، غير قانونية ومن الجرائم المنصوص عليها في قانون الأمن القومي الواسع.
وترافق قانون الأمن مع حملة أُطلق عليها "الوطنيون يحكمون هونغ كونغ" تهدف إلى إزاحة أي شخص يعتبر من غير الموالين للسلطة، من الوظائف العامة.
عادة ما يتم إحياء ذكرى تيان أنمين في البر الرئيسي بزيادة الرقابة على الانترنت. وقد فُرض طوق على الساحة في بكين.
وتم تشديد التدابير الأمنية في الساحة الجمعة وقامت الشرطة بتفحص بطاقات هوية المارة في كل النقاط المؤدية للساحة، بحسب مراسل لفرانس برس في بكين.
وعادة ما تواجه الصين انتقادات دولية على خلفية حملتها لخنق ذكرى القمع.
الجمعة دعا وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الصين إلى "الشفافية" وتقديم "حصيلة كاملة لكل القتلى والمعتقلين والمفقودين"
وقالت وزارة الخارجية التايوانية إن "لا يجب محو أو نسيان طلاب تيان أنمين وهونغ كونغ".