في حوار شامل تناول الوضع السياسي الداخلي في إسرائيل والانتخابات المقبلة والعلاقة مع الفلسطينيين وحل الدولتين والعلاقة مع الدول العربية، أكد زعيم المعارضة الإسرائيلية إسحاق هيرتسوغ أن حزب العمال وحلفاءه سيسقطون حكومة نتانياهو اليمينية، وسيفاوضون الفلسطينيين على حل الدولتين.
إيلاف: ناشد إسحاق هرتسوغ، زعيم المعارضة في إسرائيل وعضو الكنيست عن حزب العمل، العرب وعلى رأسهم السعودية، العمل للخروج من الطريق المسدود في عملية السلام. وقال خلال حوار موسع مع "إيلاف" إن الشعب الإسرائيلي مستعد للسلام، وهو في طريقه نحو تغيير رئيس حكومته اليمينية بنيامين نتانتياهو، وإن في إسرائيل أرضية للتوصل إلى اتفاق تاريخي.
بشأن القدس، قال إن هناك حلولًا وأفكارًا جديدة وخلاقة، وطالب منح السعودية مكانة خاصة للأماكن المقدسة في القدس، ودعا الجميع إلى التروي بعد إعلان ترمب، وأخذ جملته أن "حدود السيادة الإسرائيلية في القدس تحدد بالمفاوضات" أرضية للمفاوضات.
وطالب هرتسوغ المجتمع الدولي بمساعدة العاهل الأردني على وقفته الشجاعة والإنسانية باستضافة مليون لاجئ سوري، على الرغم من أوضاع بلاده وعدم الاكتفاء بالكلام، كما ثمّن غاليًا مواقف وليي العهد السعودي والإماراتي وتوجهاتهما ووصفها بالمثيرة للإعجاب والمشاعر، وامتدح الأمير محمد بن سلمان، واصفًا إياه بأحد الثوريين في الشرق الأوسط، والذي يصنع تاريخًا جديدًا في المنطقة.
تطرق هرتسوغ كذلك في الحوار إلى ضرورة تغيير نتانياهو وإسقاط حكومته والانتصار في الانتخابات المقبلة من أجل إعادة الأمل إلى الشعبين الإسرائيلي والفلسطيني، وبيّن أن إسرائيل تفتقر إلى مناحيم بيغن جديد أو إسحاق رابين جديد، وعبّر عن تفاؤله بالانتصار في الانتخابات المقبلة، ودعا رئيس السلطة الفلسطينية أبو مازن إلى إلقاء خطاب من على منبر الكنيست الإسرائيلي.
بي بي سي واتش توضح: "إيلاف" عربية... وليست سعودية |
كان هرتسوغ قد خسر زعامة حزب العمل أمام آفي غباي، الذي جاء إلى الحزب حديثًا، وكان قد قاد حزب العمل، وأسس "المعسكر الصهيوني" مع الوزيرة السابقة تسيبي ليفني، وقاد حزبه في أكبر انتصار بأكبر عدد من مقاعد الكنيست خلال السنوات العشرين الأخيرة، وكان على قاب قوسين من الانتصار على نتانياهو خلال انتخابات 2014 الأخيرة، إذ حصل على 24 مقعدًا، وهو قائد المعارضة الآن على الرغم من فقدانه زعامة الحزب، لأن آفي غباي ليس عضو كنيست.
كان ضابطًا في الاستخبارات الإسرائيلية في الوحدة 8200 بالجيش، وهو محامٍ مثل والده وينحدر من عائلة استخباراتية، فوالده حاييم هرتسوغ المحامي والرئيس السادس لإسرائيل قدم من إيرلندا الشمالية، وعمل في الجيش البريطاني، ثم كان لواءً في الجيش الإسرائيلي، وشغل منصب رئيس الاستخبارات الإسرائيلية في الجيش. والدته أورا كانت في الهاجاناه، ولدت في الإسماعيلية بمصر ثم انتقلت إلى الإسكندرية مع عائلتها قبل القدوم إلى إسرائيل.
يتحدث هرتسوغ العربية بطلاقة، ويهتم بما يدور بالعالم العربي، وكان على وشك الحصول على منصب وزارة الخارجية الإسرائيلية بالتحالف مع نتانياهو، وبتشجيع من قوى عربية وإقليمية ودولية لقيادة المفاوضات مع الفلسطينيين في إطار حل الدولتين، إلا أن تردد نتانياهو وخشيته من شركائه بالليكود والائتلاف الاستيطاني أجهض الاتفاق.
يفصّل هرتسوغ خلال الحوار مع "إيلاف" ما حدث مع نتانانياهو، ومن هي الأطراف العربية والغربية التي أدت دورًا في المشروع الإقليمي للحل السلمي، ويطرح رؤيته للحل مع الفلسطينيين، الذي يستند إلى المبادرة العربية، ومرحلة 10 سنوات لبناء الثقة ومؤسسات الدولة الفلسطينية.
في ما يأتي نصّ الحوار:
خسرت رئاسة حزبك بسبب محاولتك الانضمام إلى حكومة نتانياهو في 2016 والذهاب إلى حل سلمي مع الفلسطينيين وحل إقليمي كبير. حدثنا عن هذا المسار؟
كان هذا المسار بمثابة التقاء مصالح في المنطقة طفت على السطح كرد فعل على الاتفاق النووي بين الدول العظمى وإيران، في تلك اللحظة برز وضع جديد. كانت دول عدة تبحث عن شريك لها في المنطقة لمواجهة إيران، ولم تعد تلك الدول تصدق القوى العظمى لأنها باعتها إلى الإيرانيين. قالت هذه الدول إنها ترى في إسرائيل الشريك الوحيد الذي يستطيع أن يساعد على تحقيق الاعتدال. لكي يصلوا إلى ذلك، على إسرائيل أن تقدم شيئًا في الموضوع الفلسطيني. وكما قلت دائمًا، ليس المطلوب إخلاء مستوطنات، بل سلسلة خطوات تنتج مسارًا حقيقيًا لبناء الثقة مع الفلسطينيين. هذا المسار كان من أجل بناء تحالف كبير في المنطقة مع إسرائيل.
أي دول تقصد بهذا الحلف؟
لهذه الدول مصلحة مشتركة معنا في مواجهة إيران وداعش، مثل مصر والأردن والسعودية والإمارات والمغرب والبحرين والكويت وعمان.
مصالحة تاريخية
من أين جاءت التوجهات إليك كزعيم المعارضة حينها لهذا التحالف الإقليمي؟
جاءت التوجهات بالتوازي من رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو الذي أراد انضمامنا إلى الائتلاف في نهاية عام 2015، ومن وزير الخارجية الأميركي آنذاك جون كيري، ومن أطراف أخرى مباشرة لا أريد التطرق إليها. حصلت قمة سرية في العقبة بين نتانياهو والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والعاهل الأردني عبدالله الثاني وكيري في محاولة لدفع الأمور إلى الأمام، ثم بدأت أنا بمفاوضات للانضمام إلى الحكومة في مارس 2016، ووصلنا إلى الذروة في مايو 2016، حيث كان الاتفاق أن أتولى حقيبة الخارجية، وأقود المفاوضات مع الفلسطينيين ومع الأطراف العربية الأخرى، وأن نصبح ائتلافًا معتدلًا يقوم بتقليص قوة المستوطنين والمتطرفين، ونذهب إلى مسار نوافق فيه على تبني مبادئ المبادرة العربية للسلام وتجميد الاستيطان خارج الكتل الكبيرة، وإنهاء الخطوات للانفصال عن الفلسطينيين وخطوات مركبة أخرى تتجه نحو حل الدولتين، على أن نصل جميعًا إلى قمة إقليمية في إحدى الدول العربية، وخلال كل هذه التطورات، التقيت شخصيات عربية مهمة من الأردن ومصر والخليج والدول التي لها علاقة بالأمر. كانت الأجواء إيجابية.
من التقيت من العرب؟
زرت مصر والتقيت الرئيس المصري. زرت الأردن، وكانت لي لقاءات مع الرئيس الفلسطيني. زرت البيت الأبيض، وقصر الإليزيه و10 داوننينغ ستريت وروما. كانت الدول العربية تريد القضاء على دولة إسرائيل، والآن أرى الدول العربية تريد الذهاب مع إسرائيل في مسيرة سلمية ومصالحة تاريخية، وفي هذا المسار تقاطع للمصالح ضد إيران وداعش.
من عرقل هذا المسار التاريخي؟
أعترف أنني كنت مستعدًا للتضحية بمستقبلي السياسي. وهذا ما حدث. واجهت معسكري السياسي، الذي كنت قريبًا من الانتصار معه على نتانياهو، لأنني لا أريد سفك دماء إضافية، ولأن هناك فرصة ذهبية، وأملًا للشعبين، وهذا ما أؤمن به حتى الآن. لكن بعدما وصلنا إلى شبه اتفاق مع نتانياهو، والتقينا يومًا بعد يوم في بيته في القدس في مايو 2016، كانت هناك معارضة قوية من معسكرينا. لا أريد التطرق إلى اسم الوزير المقرب من نتانياهو الذي عرقل الاتفاق. أعرف أن ممثلي المستوطنين في حزب الليكود أدخلوا ليبرمان إلى الحكومة، وفي إحدى الجلسات جلب نتانياهو ذلك الوزير المقرب إلى الجلسات، وبعد إطلاعه على بنود الاتفاق والمسار الإقليمي والحل مع الفلسطينيين، الذي تضمن تجميد الاستيطان وغيره، قال له ذلك الوزير إن المستوطنين وممثليهم في الحزب الحاكم وفي الحكومة لن يتركوك تفعل ذلك، وسيسقطون حكومتك. عندها، بدأ نتانياهو يتراجع عن النقاط التي اتفقنا عليها. عمليًا، أجهض اتفاق الائتلاف، وأنهى المسار الإقليمي.
يمين أيديولوجي؟ أو براغماتي؟
أي أن اليمين والمستوطنين أجهضوا الاتفاق؟
مارس اليمين والمستوطنون ضغوطًا كبيرة على نتانياهو، الذي كان ممزقًا بين التقدم على المسار السلمي الإقليمي وبين قاعدته السياسية. عندها، خشي من الذهاب في هذا المسار للأسف. المستقبل بتغيير نتانياهو في انتخابات ديمقراطية، وأرى أن الحتمية التاريخية تسير في اتجاه تغيير نتانياهو.
ربما يغيّر الإسرائيليون نتانياهو، لكن هل يغيرون اليمين؟
لا أعتقد ذلك. أرى أن الانتصار في الانتخابات يأتي في الساحة السياسية. هذا ما فهمه أرئيل شارون وإسحاق رابين. نتانياهو فهم ذلك بطريقة ذكية ومثيرة للإعجاب بالنسبة إلى سياسي محنك. بعد الانتخابات يعودون إلى القاعدة السياسية. وانظر الآن، حيث يقر مركز حزب الليكود بضم مناطق، بينما نتانياهو يغيب عن هذه الاجتماعات. يفهم نتانياهو أن عليه أن يعطي حزبه مجالًا للإيحاء بأنه الأكثر يمينية في إسرائيل، لأنه ستكون هناك انتخابات تمهيدية في الليكود قريبًا، الأمر الذي أراه مؤشرًا إلى اقتراب الانتخابات، فالمستوطنون يضغطون داخل الليكود.
المستوطنون يضغطون، والليكود يرضخ بسلسلة قرارات يمينية، مثل ضم مناطق، وعقوبة الإعدام، وقانون القدس وغيره. هل يلزم هذا حكومة إسرائيل؟
هذا ليس اليمين الأيديولوجي، هذا هو اليمين البراغماتي، الذي يقول لا ثقة لي بالفلسطينيين. فأنا خرجت من غزة فتلقيت الإرهاب، وخرجت من لبنان، وتلقيت الإرهاب. لا أريد أن أغامر بأي خطوة من دون اتفاق ثنائي مستقر مثلما حصل مع الأردن ومصر.
إذًا... كيف تقنع الشعب والناخبين؟
أريد أن يكون عندي شريك حقيقي. كانت لي لقاءات عدة مع أبو مازن. تحدثنا كثيرًا بشأن ذلك. أعتقد أن في الظروف الراهنة ومع المسار الإقليمي، يمكن التقدم في خطوات مرحلية. فأنا أخالف هنا ما يعتقده ترمب بشأن الحل الفوري، وأقول يمكن التقدم في خطوات مرحلية على مدى عشر سنوات مع بناء مؤسسات الدولة الفلسطينية ومع نقل صلاحيات إضافية للفلسطينيين في مجالات عدة، في مقابل إنهاء التحريض، والتعاون بشكل كامل على المستويات كلها، وبناء أفق مشترك للشعبين. أعتقد أننا اليوم في أصعب وضع للشعبين، فهناك فقدان للأمل عندنا، وهناك طريق مسدود أمام الفلسطينيين. وعندما يكون الطريق مسدودًا تبدأ الخطوات الأحادية بالبروز. أقترح على الجميع الحذر من خطوات أحادية، وأدعو الجميع إلى التعقل. هنا أقول إن هناك دورًا كبيرًا للسعودية في هذه المرحلة، وأنا أحترم كثيرًا خطوات ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وأعتقد أنه أحد الثوريين الكبار في الشرق الأوسط، وممنوع أن نترك هذا المسار، وعلينا مساعدة السعودية على إحياء العملية السلمية مع الفلسطينيين.
مسؤولية سعودية على القدس
هل تعتقد أن السعوديين في هذا الوقت يستطيعون الذهاب إلى الفلسطينيين، والقول لهم عودوا إلى المفاوضات؟
أعتقد أن السعوديين حاولوا كثيرًا في السنوات الأخيرة التأثير في المسألة، كما فعلت الإمارات والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وملك الأردن عبد الله الثاني، وما زال الجميع يحاول، لكن لا قيادة على رأس هذه المجموعة ليقول للجميع أدخلوا إلى الغرفة للاتفاق. هناك مشاكل مع قطر ومسائل أخرى. لا توجد قيادة تجلس للنظر مليًا في الأمر. أتفهم أنهم غاضبون من قرار ترمب بشأن القدس، لكن عليهم الانتباه إلى أن ترمب قال في قراره إن حدود السيادة الإسرائيلية بالقدس تتقرر في المفاوضات، وهذه قاعدة للمفاوضات برأيي، فلينزلوا من برجهم العاجي، وليأتوا إلى التفاوض.
أنتم في حزب العمل، هل ترون القدس كما يراها الليكود، موحدة وعاصمة إسرائيل الأبدية؟
لا أتحدث عن القدس أكثر من اللازم. القدس موحدة، ولن تقسم، لكن يمكننا أن نكون خلاقين ومبدعين عندما نأتي للحديث حول حل لمسألة القدس بالنسبة إلى التواجد والسيادة الفلسطينية في أماكن وأحياء وقرى حول القدس بدون التقسيم، توجد الكثير من الحلول الخلاقة، ولا أعتقد أن نبدأ بمسألة القدس، فبداية حل مرحلي كما طرحت لعشر سنوات مع بناء الدولة والوصول إلى حل بالقدس، وأعتقد هنا أن للسعودية دورًا كبيرًا في الموضوع. عندما نصل إلى الحديث عن القدس والأماكن المقدسة، مثل الأقصى، أعتقد أنه يجب أن يكون هناك دور ومسؤولية للسعودية على الأماكن المقدسة، بحكم كونها الدولة التي تضم أقدس أماكن الإسلام، وللسعودية تجربة في إدارة الأماكن المقدسة في مكة والمدينة. أعتقد أنه يجب منح السعودية دورًا مركزيًا في هذا الأمر.
القدس عاصمتنا
هل جاء قرار ترمب في وقت ملائم، أم نسف إمكانيات التفاوض؟
لا يوجد إسرائيلي واحد لا يبارك قرار ترمب، فوظيفة القرار بنظري هي إزالة الأكاذيب عن الطاولة. كلّ زعيم عالمي وصل إلى الكنيست والمكاتب الحكومية في القدس الغربية، وفكر أن هناك من يعتقد أن الولايات المتحدة لن تعترف بالقدس عاصمة لدولة إسرائيل كذب، وكل واحد يعرف أن القدس عاصمة إسرائيل. أما السؤال الأكبر فهو: ما هي حدود القدس، وعن أي حدود نتحدث، وماذا نفعل بـ 28 قرية فلسطينية حول القدس؟، هذا أمر يجب البحث فيه عندما يحين الحل النهائي. هذا ما قاله ترمب في خطابه.
حتى بعد إعلان ترمب، أما زالت لديك علاقات مع الفلسطينيين؟
نعم. لديّ علاقات طيبة، واتصالات مع الجهات العربية في الشرق الأوسط.
ماذا يقول لك الفلسطينيون؟
هناك طريق مسدود. في هذا الظرف، إما تنحدر الأمور نحو العنف أو نحو خطوات أحادية لا يريدها أي طرف. العبر استخلصت، وهذه هي الحقيقة. علينا عمل كل شيء لمنع سفك الدماء، لكن إن حدثت حرب لا سمح الله فسنتخذ كل الخطوات الأمنية القاسية. لا نريد أن نقترح ذلك لشبابنا من الجانبين، وعلينا عدم التصعيد نحو العنف. حان الوقت للكفّ عن الاكاذيب. فمن النظرة الإسرائيلية، هناك مشكلة وخيبة أمل عندما يرون أن ملكة جمال العراق التي التقطت صورة "سيلفي" مع ملكة جمال إسرائيل تعرّضت للتهديد حتى هربت، مع أن الجميع يعلم أن إسرائيل قدمت إلى العالم الكثير في مجالات الطب والتقنيات والزراعة وحلول المياه والعلوم والطاقة، وفي المجال الديمقراطي فنحن البرلمان الوحيد في المنطقة الذي يوجد فيه ممثلون للإخوان المسلمين، الذين يعملون هنا بشكل حر. ومع أن الأمر قاسٍ جدًا، إلا أننا نعتز بديمقراطيتنا هذه.
نحن الأقوى ونتانياهو ليس بقائد
هل تتعاونون كمعارضة مع القائمة المشتركة المكونة من أحزاب عربية؟
نجلس على مقاعد المعارضة مع القائمة المشتركة، وبيننا لقاءات مستمرة. ثمة أمور لا نتفق فيها، وأمور نتفق فيها. أنا مسرور أنهم في الآونة الأخيرة ملتزمون قرارات المعارضة، ويحضرون الجلسات، ويصوّتون معنا ضد الحكومة. نلعب اللعبة السياسية بشكل قوي. هناك معركة سياسية ضد الائتلاف للأسبوع الثالث على التوالي، نمارس العمل البرلماني الحقيقي معًا ضد الحكومة لإجهاض قوانينها وقراراتها.
إلى أين يقود نتانياهو هذه الدولة الآن؟
ثمة اختلاف في وجهات النظر مع نتانياهو، وثمة اتفاق معه في بعضها. مثلًا في الأمور الأمنية والتهديد الإيراني لا أختلف معه، لكن الاختلاف معه في كيف نغيّر الوضع الراهن لمصلحة الأجيال المقبلة. تصرّفه انطوائي، والخوف من الشركاء في ائتلافه، فهم يقررون عنه بدلًا من أن يكون هو القائد. فهو يخضع لهم، فمعظم القوانين التي أقرّت في الآونة الأخيرة وعارضناها، لا قيمة لها، مثل قانون الإعدام، فهو بمثابة إعلان، هناك عقوبة إعدام في القانون الإسرائيلي لا تنفذ، والقانون الذي يتطرق إلى القدس يمكن إلغاؤه بـ 61 صوتًا، وكل القوانين ضد الشرطة والمحاولات للتضييق على الأجواء الديمقراطية في إسرائيل "كلام فارغ"، فهذا لن يقدم شيئًا إلى الشعب الإسرائيلي، لا في التعليم ولا المعيشة ولا الضمان الاجتماعي ولا مخصصات التقاعد، هذه القوانين تؤدي إلى الغضب بين الجمهور، ما سيؤدي إلى تغيير نتانياهو والليكود. الأمور تتجه نحو القوة السياسية المعتدلة، والتي أؤمن أنها ستكون قوتنا نحن.
بحسب ما صورته لنا، نتانياهو ليس قائدًا؟
أعتقد أن نتانياهو يتمتع بالركوب على النمر المزمجر من دون أن يروّضه، أي يركب موجة الائتلاف الحكومي من دون أن يقوده بانضباط... هذا أمر خطر جدًا.
هل تعتقد أن الجمهور الإسرائيلي سيختاركم في الانتخابات المقبلة؟
عندما نافست على رئاسة الحزب وضعت صورة أمامي تشكل ائتلافًا لكتلة من الأحزاب، نحن وكحلون (حزب كلنا) ولابيد (حزب يوجد مستقبل) وياعلون (وزير الدفاع السابق). أما حزب ميرتس والقائمة المشتركة فعن يسارنا، عندها ننتصر على نتانياهو ونشكل حكومة. هذا الجسم باستطاعته قضم نحو 15 في المئة من اليمين الناعم البراغماتي في إسرائيل.
هل هناك وضع كهذا في إسرائيل اليوم مع تعاظم قاعدة اليمين؟
أعطيك أرقامًا. في انتخابات 2011، حصل حزب العمل على 400 ألف صوت. في انتخابات 2015 بقيادتي المعسكر الصهيوني، حصلنا على 800 ألف صوت. كي تنتصر تحتاج مليوناً و200 ألف صوت من إسرائيليين غاضبين على الحكومة وقراراتها والذين يشعرون بأن نتانياهو لا يعمل من أجلهم، بل من أجل نفسه. هذا ممكن وممكن جدًا الآن. وأقدر أن الانتخابات ستكون في 2019.
يقول آفي غباي أنها في 2018؟
يمكن ذلك، لكني أرى تفكك الحكومة بنهاية العام، وحصول الانتخابات في عام 2019. أعتقد أن الربع الأخير من هذا العام سيكون دراماتيكيًا.
نحارب.. ونريد السلام
هل تستطيع القول إلى الجهات العربية التي تتصل بها إن الشعب الإسرائيلي يريد السلام؟
أعتقد اليوم أن على الجمهور العربي أن يعي أن إسرائيل ليست فكرًا واحدًا. هناك تعددية، لكن في الموضوع الأمني هناك إجماع. نحن دولة صغيرة ومهددة هوجمت مرات عدة، وليس لدينا أي تهاون مع الإرهاب. أذكر هنا أن اثنين من قادة حزبي، شيمون بيريز وإسحاق رابين، هما من قاما بعملية عنتيبة لتحرير الرهائن، وإيهود باراك حارب الإرهاب بلا هوادة. لكننا نؤمن بحل الدولتين، ويجب تنفيذه بدون فلسفة. علينا حل مسألة غزة المتفاقمة، وأنا أتحفظ عن القرار بشأن الأونروا وإضعافها، لأنها عامل يساهم في الاعتدال في غزة، ويحافظ على مناهج تعليمية معقولة وجهاز رفاه معقول، لذلك يجب أن تصبح جزءًا من مفوضية الأمم المتحدة للاجئين، لا جسمًا منفردًا يكرّس اللجوء.
هل تشعر بقلق مما هو حاصل في المنطقة؟
الشرق الأوسط مليء بالفرص وبالانفجارات. هناك فرص، لأن هناك تيارات تحت الأرض، تعرف أن العالم تغير، وتعرف أننا كدولة إسرائيل موجودة هنا إلى الأبد، ويعرف الجميع أن هناك ائتلافًا لمتطرفين متشددين مقابل معتدلين، وأن هناك مأساة تاريخية في سوريا، والعالم وقف يتفرج ، ولم ينبس ببنت شفة، ومنحوا جزار دمشق فرصة الإفلات بجنونه. من جهة أخرى، هناك تيارات متشددة ومتطرفة تريد جر المنطقة إلى العنف والدمار. هناك تحديات كبيرة في الشرق الأوسط، من التكاثر السكاني إلى مشكلة المياه والطاقة والصحة والتعليم. هناك رياح التشدد والتطرف من إيران، التي تصرف أموال شعبها من أجل خلق حال من عدم الاستقرار في دول الجوار، وهناك دول تريد الحياة والتقدم. على القيادة الإقليمية أن تنهض لمواجهة هذا التحدي، وأن تحلق فوق الصراعات المحلية، وأن تعرف أن هناك فرصة للوصول إلى مستقبل أفضل.
هل تكون إسرائيل شريكة في مواجهة هذا التحدي؟
أعتقد أن الجهود التي يقوم بها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وولي العهد السعودي محمد بن سلمان وولي العهد الإماراتي محمد بن زايد هي جهود مثمرة، فهم يقدمون طروحات مثيرة للإعجاب والمشاعر، وهي طروحات تاريخية بعد انقضاء 100 عام على إنهاء الاستعمار وترسيم الحدود. هناك شيء جديد، وهنا تكمن الفرصة للتفاهم العميق، للانطلاق بمسيرة تاريخية وتكنولوجية عميقة وإحراز تطور كبير.
كيف تنظر إلى ما يحدث في سوريا وتموضع إيران فيها؟
دخول إيران إلى سوريا قريبًا من حدودنا تهديد خطير يلزم التطرق إليه. عندما التقيت الجهات العربية، وكنا في الطريق إلى المبادرة، رأيت أننا والفلسطينيين ندخل غرفة المفاوضات ومن حولنا الدول العربية المعتدلة والولايات المتحدة وروسيا والاتحاد الأوروبي، وقادة العرب يقولون نعترف بإسرائيل وباحتياجاتكم الأمنية، ونعترف بالدولة الفلسطينية وحقها بالوجود، والهدف ألا نخرج من الغرفة حتى نصل إلى حل، وتحصل إسرائيل على الأمن، ويحصل الجانبان على الأمن والسلام، هذه هي الرؤية، وحول هذا الأمر يمكن تشكيل حلف ناتو شرق أوسطي في مواجهة التحديات والتهديدات. أعتقد أنه بعد عشرين عامًا من مقولة شمعون بيريز حول شرق أوسط جديد، أنا أتحدث عن شرق أوسط متغير يستجيب للتحديات. أعتقد أن القيادة العربية الحالية في المنطقة أكثر شبابية وخالية من عقد الماضي والتغيير ومنفتحة على التغيير ويمكنها أن تقود شعوبها نحو التغيير والأفضل. وهذا يلزم القيادة الإسرائيلية أن تستجيب للوضع الحالي والتحديات، وهذا ما لا تقوم به في هذا الوقت للأسف.
مفاوضات أخرى!
تحدثت عن حل الدولتين، لكن الخطوات الأخيرة والأوضاع تتجه نحو دولة واحدة سيكون في حكم الأقلية على الأكثرية؟
نحن اعتمدنا حل الدولتين لكي ننفصل عن الفلسطينيين، لكي نمنع مثل هذا التهديد على كياننا كدولة إسرائيل. فهذا تهديد مركزي على الوعي الإسرائيلي.
هناك من يدعو إلى الحل الأردني، أي الضفة الغربية أو جزء منها للأردن؟
لا أعرف ما هذا الحل، ولا أعترف به بتاتًا، فأنا أحترم وأقدر العاهل الأردني الملك عبد الله والمملكة الأردنية الهاشمية المستقرة التي تواجه مع ملكها تحديات عظيمة. هناك من يتناسى أن هناك نحو مليون لاجئ سوري في الأردن يرعاهم الملك ويعلّمهم ويطعمهم ويقوم بعمل إنساني عظيم، والأفضل والأصح أن تقف كل دول العالم إلى جانب الأردن ويساندوا الملك بالمساعدات.
لكنه انتقدكم بشدة أخيرًا؟
كان انتقاده لنا مغلوطًا، لكن علينا العودة إلى العمل وإيجاد القواسم المشتركة للعمل معًا.
في حال حصولكم على غالبية في الانتخابات، هل ستعودون إلى التفاوض مع الفلسطينيين؟
يتحدث رئيس الحزب أفي غباي بوضوح عن الحاجة إلى المفاوضات مع الفلسطينيين والتوصل إلى اتفاق. إنه برغماتي عملي، يجب ألا تخلى المستوطنات، ويمكن الوصول إلى قناعة بأن يبقى جزء من المستوطنات تحت السيادة الفلسطينية، وهذه إمكانية واردة، وهناك الكثير من الأفكار الخلاقة. يجب إبقاء كل الأفكار واردة حتى الوصول إلى التفاوض على الحل النهائي. أؤمن أنه بإمكاننا التوصل إلى الحل، والتأخير ليس في مصلحة أحد.
لكن يبدو أن الأمور عادت إلى الوراء بعد قرار ترمب عن القدس؟
أفهم ذلك، لكن أدعو الجميع إلى التروي والتفكير مليًا، وأتأمل من الفلسطينيين إنهاء الدراما والعودة إلى التفاهم.
هل هناك شريك إسرائيلي؟
أعتقد أن هناك إرادة إقليمية ودولية للعودة إلى المفاوضات. كنت أريد أن أرى الولايات المتحدة تضع حلًا على الطاولة، وأن تكون وسيطًا عادلًا، لا أعرف إن كان الأمر ملائمًا الآن، لكن هناك أهمية للعودة إلى المفاوضات. قلت سابقًا إنني في حال انتخابي سأذهب إلى رام الله، وأتحدث إلى الشعب الفلسطيني عبر التلفزيون، وأقول للشباب الفلسطيني إننا هنا للأبد، وامسحوا الأحلام بالقضاء على إسرائيل، ولنتعلم من التاريخ، ومن تضييع الفرص التاريخية، وتعالوا إلى المفاوضات، ونذهب معًا بشجاعة لإيجاد واقع يعيش فيه الجانبان بسلام.
ألا يجب أن يقوم الجانب الآخر بذلك أيضًا؟، هل دعوت أبو مازن مثلًا؟
أبو مازن تحدث كثيرًا عبر التلفزيون الإسرائيلي، وخاطب الشعب الإسرائيلي، وسيكون ممتازًا لو نراه يومًا يأتي إلى الكنيست ويلقي خطابًا فيه.
الواضح أن الشعب الإسرائيلي يحب اللفتات من الجانب الآخر؟
نعم. لكن يجب أن تكون تلك اللفتات مدعومة برؤية سياسية واضحة. استمعت مجددًا إلى خطاب الرئيس المصري الراحل أنور السادات بعد مرور 40 سنة على زيارته إسرائيل، وكان هذا خطابًا مثيرًا للإعجاب. عمله كان انتحاريًا، إلا أنه كان عملًا بطوليًا. شعرت بالأسف تجاه من يتحدثون عن السلام في العالم العربي وفي القائمة المشتركة، ولم يثمّنوا ما قام به هذا الزعيم الشجاع. فهو كان من أعلن علينا الحرب في 1973، وكلفنا 3000 قتيل، ثم مد يده للسلام، ومناحيم بيغن استجاب لدعوته.
هل تفتقر إسرائيل لبيغن أو رابين آخرين؟
طبعًا. عندما قال نتانياهو إنه لا سادات فلسطينيًا أجبته بأن لا بيغن إسرائيليًا.
هل يمكن إيجاد مثلهما؟
أكيد. أعتقد أن آفي غباي يستطيع أن يقود إسرائيل نحو السلام.