ينوي فرانسوا هولاند تعيين جان بيار شوفينمان اليساري العلماني رئيسًا للمؤسسة الفرنسية للاسلام، في خطوة انتقدها الفرنسيون ورحب بها المسلمون في فرنسا.
إيلاف من باريس: تتجه السلطات الفرنسية إلى تعيين وزير الدفاع الأسبق جان بيار شوفينمان رئيسًا للمؤسسة الفرنسية للإسلام، وهي مؤسسة تعنى بأوجه نشاط الديانة الإسلامية في فرنسا، وعلاقة الإسلام بالمؤسسات الرسمية الفرنسية، في خطوة تهدف لإضفاء شفافية أكبر على تمويل المساجد والنشاط الديني الإسلامي.
ورأت المؤسسة الفرنسية للإسلام النور في عام 2005 في عهد وزير الداخلية آنذاك الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي، بهدف إيجاد محاور سياسي يمثل مسلمي فرنسا أمام الدولة الفرنسية، وتنظيم عملية تمويل بناء المساجد، والسيطرة على الخطاب الديني لمنع التأثير المباشر وغير المباشر للدول الممولة، في الوقت الذي يمنع فيه قانون عام 1905 الدولة من تمويل أنشطة دينية في إطار فصل الدين عن الدولة، الركيزة الأساس للنظام العلماني الفرنسي، وهذا ما مكن بلدانًا أجنبية عدة من ملء الفراغ عبر تمويل بناء مساجد وتعيين أئمة وتصدير خطاب ديني معين.
يرأسها علماني
وقع اختيار الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند على وزير الدفاع الأسبق جان بيار شوفينمان (77 عامًا) ليرأس هذه المؤسسة الفرنسية للإسلام، وهو يعتبر من رواد الخط العلماني في اليسار الفرنسي، ويتمتع بشعبية واسعة في العواصم العربية بسبب موقفه المعارض للاجتياح الأميركي للعراق.
شغل منصب وزير الدفاع في عهد الرئيس اليساري فرانسوا ميتران، ثم وزير الداخلية في عهد الرئيس اليميني جاك شيراك، وتعرضت فرنسا في عهده لهجمات إرهابية عدة، شنتها الجماعات الإسلامية المسلحة الجزائرية.
يعرف بدفاعه الشرس عن مبدأ "فصل الدين عن الدولة"، وتمسكه بالعلمانية. من أقواله: "يوجد مكان للإسلام في إطار الجمهورية الفرنسية، ولا يندرج في إطار حقوق المسلمين المكتسبة فحسب، بل هو فرصة لهم ولفرنسا من أجل إرساء عيش مشترك في إطار إسلام حداثي".
يواجه شوفينمان تحديات عدة، منها إمكانية إقناع الفاعلين في الفضاء الإسلامي الفرنسي من جمعيات ومنظمات وأئمة للانخراط تحت مظلة هذه المؤسسة، ودعم خطواتها كلها، وسط تضارب في المصالح بين الفاعلين المختلفين في الفضاء الإسلامي الذين يتأثرون بأجندات دول أجنبية مثل المغرب والجزائر اللتين تتحدر منهما أغلبية الجالية المسلمة في فرنسا.
إنتقادات داخلية
انتقدت شخصيات سياسة فرنسية عدة هذا الإختيار، ومنهم بريس أورتوفر، وزير الداخلية في عهد ساركوزي، الذي اعرب عن استغرابه لاختيار شخصية بعيدة كل البعد عن الديانة والثقافة الإسلاميتين مثل شوفينمان، وتابع متهكمًا: "كأننا نقترح اليوم على بوذي ان يكون رئيسًا لمؤتمرٍ للكهنة المسيحيين!". في المقابل، أثنى فرانسوا بايرو، المرشح السابق للرئاسة الفرنسية وزعيم الحزب الوسطي 'الحركة الديمقراطية' على مزايا شوفينمان لكن انتقد تعيينه: "كيف يُمكنُ اختيارُ شخصية غيرُ مسلمة ولا تتمتع بثقافة إسلامية لترؤس مؤسسة فرنسية للإسلام؟".
ترحيب إسلامي
في الجانب الآخر، لقي اختيارُ هولاند فرنسيًا غير مسلم لرئاسة المؤسسة الفرنسية للإسلام ترحيبًا لدى بعض المنظمات الإسلامية، منها اتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا الذي قال رئيسه عمار لصفر: "لم لا يكون فرنسيٌ غير مسلم رئيسًا للمؤسسة الفرنسية للديانة الإسلامية؟ فهو صاحب خبرة سياسية وكان وراء تأسيس المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية".
وامتنع المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية عن التعليق، وقال رئيسه أنور كبيبش لـ "إيلاف" إن المجلس لا يعلق ما دام هولاند لم يعين شوفينمان رسميًا على رأس المؤسسة الفرنسية للإسلام، وما دام تناقل الخبر تم في لقاء الرئيس الفرنسي مع الصحافيين".
من المرتقب أن ينصب شوفينمان رسميًا على رأس المؤسسة الفرنسية للإسلام في بداية سبتمبر المقبل.