وقعت السعودية اتفاقات أممية عدة للحد من العنف ضد المرأة والطفل، لكن النسبة آخذة في الزيادة، ما حدا بدراسة موّلها الوقف العلمي في جامعة الملك عبد العزيز إلى المطالبة بضرورة تغليظ العقوبة على كل من تسول له نفسه التعرض للطفل بأي نوع من أنواع العنف.
إيلاف من جدة: أظهرت دراسة سعودية عنوانها "البيئة السكنية للأسرة في ممارسة العنف ضد الأطفال" أن عاملة المنزل هي الأكثر ممارسة للعنف ضد الأطفال داخل البيت، متفوقة على الأب الذي حل في المرتبة الثانية في ممارسة العنف ضد صغاره.
وأفردت الدراسة التي شارك فيها الباحثون مشبب غرامة الأسمري وأشرف مجاهد وخالد محمود، بتمويل من الوقف العلمي في جامعة الملك عبد العزيز، جدولًا يوضح نسب ممارسة قاطني المنزل العنف ضد الأطفال.
الأكثر عنفًا
ذكر الدكتور محمود مرداد، نائب المدير التنفيذي للوقف العلمي في جامعة الملك عبد العزيز، أن هذه الدراسة تهدف إلى تعريف العنف ضد الأطفال، وتحديد انواعه، وتركز على تدخل البيئة السكنية وتأثيرها مع تحديد للفئات الأكثر تعنيفا للطفل داخل المنزل.
وأضاف مرداد: "لقد حلت عاملة المنزل في المرتبة الأولى بين الفئات الأكثر ممارسة للعنف ضد الأطفال بنسبة 38,3 في المئة، ليحل الأب ثانيًا بنسبة 35,7، فيما جاء عنف أحد الأبناء لأخوانه الأصغر سنًا بنسبة 21،8 في المئة".
وأظهر جدول الفئات الأكثر ممارسة للعنف أن زوجة الأب جاءت في المرتبة الأخيرة بنسبة 2،8 في المئة، وعللت الدراسة هذا الرقم الضعيف لقلة وجود زوجات أب ضمن عينة الدراسة.
وتحدد الدراسة أربعة آثار ناتجة من إساءة المعاملة وتعنيف الطفل، تمثلت في آثار طبية ربما تصل إلى حد الإصابة بالجروح، والاصابات الخطرة، وبالآثار الانمائية التي تقود إلى ضعف الذكاء وصعوبات التعلم، والآثار النفسية بعيدة المدى، والآثار الاجتماعية التي يمكن أن تأخذ شكل عزلة الطفل عن محيطه.
وخلصت الدراسة إلى ضرورة استصدار تشريعات تنزل العقوبة على مرتكبي العنف والايذاء ضد الأطفال.
كلكم راعٍ
في هذا الصدد، توضح المستشارة النفسية والأسرية والمدربة الدولية المعتمدة الدكتورة سحر رجب أن اختلاف البيئة والثقافة والديانة يجعل من الخدم معول هدم أكثر منه بناء. وقالت لـ"إيلاف": " إن قسوة بعض ربات البيوت أو الأسر عمومًا تجعل بعض العاملات يتفنن في العنف الممارس ضد الأطفال من دون أن نشعر وفي غفلة منا، وهذا يعد تفريغًا للشحنات السلبية عندهن".
وتطرح رجب تساؤلًات عدة هي: "لماذا نترك أطفالنا بين يدي العاملات؟ هل تخاف الزوجة العاملة على راتبها ولا تخاف على فلذة كبدها؟ وعندما نحقر العاملة ألا نخاف على من هم بين يديها؟".
وتضيف: "حين نجد أن الزوجة تركت زوجها وأبناءها لأن العوز أثقل كاهلها، علينا إذًا أن نراعي هذا الجانب ونحسن للعاملة لترد لنا هذا الاحسان، فالكثير منهن يتصرف مع صغارنا بسوء معاملة عندما نسيء لهن".
وتشير رجب إلى أهمية الاستماع إلى شكوى الأبناء من العاملات وأخذها في الاعتبار، وأن لا ندع حاجتنا لهن تلغي المؤشرات التي في بعض الأحيان تكون واضحة جدًا، مذكرة: "كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته".
إتفاقات أممية
يقول الباحث القانوني والمستشار محمد عوض الفكي لـ"إيلاف": "اهتمت السعودية بالمشاركة دوليًا في اتفاقات منظمة يونيسيف التابعة لمنظمة الأمم المتحدة، والتزمت تفعيل مضمون تلك الاتفاقات على أرض الواقع من طريق تفعيل نظام حقوق الطفل قانونيًا وتفعيل دور القضاء في حماية الطفل من الأذى، وعرفت اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل العنف ضد الأطفال أنه كافة أشكال العنف أو الضرر أو الإساءة البدنية أو العقلية أو الإهمال أو المعاملة المنطوية على إهمال أو إساءة المعاملة أو الاستغلال بما في ذلك الإساءة الجنسية، فالطفل انسان لم يتجاوز الثامنة عشرة".
في إشارة منه لأهم أسباب عنف الأب ضد أطفاله، عدّد الفكي: " انخفاض مستوى التعليم، ضعف الحالة الإقتصادية، غياب التشريعات القانونية أو عدم تفعيلها هذا على سبيل الذكر لا الحصر".
وينوه بضرورة التوجه إلى الجهات المخولة تلقي البلاغات المتعلقة بتعنيف الأطفال، منها وزارة الشؤون الإجتماعية (إدارة الحماية)، والجمعية الوطنية لحقوق الإنسان، وبرنامج الأمان الأسري (خط مساندة الطفل)، وإمارات المناطق، وأقسام الشرطة.
تطبيقات قضائية
وعن التطبيقات القضائية في حماية الطفل من الإيذاء يقول: "هي القضايا الجنائية التي تقام بواسطة هيئة التحقيق والإدعاء العام ضد مرتكب جريمة إيذاء الطفل (عنف أسري)، سواءً طالب المدعي في الخاص بحقه أم لم يطالب، ويتم التحقيق في الجريمة والمطالبة القضائية وفق نظام هيئة التحقيق والإدعاء العام ونظام الإجراءات الجزائية".
كما ويوضح أنواع قضايا إيذاء الطفل، وهي قتل وضرب مبرح أو متكرر وتهديد بأمر خطر وإيذاء لفظي، وأي جريمة يترتب عليها إلحاق الضرر بالطفل يجرم به الفعل بالنص الشرعي أو دخوله ضمن المنهي عنه شرعًا الموجب للتعزيز أو بموجب النص النظامي المجرم للفعل.