إيلاف من البندقية: يبدأ مهرجان فينيسيا السينمائي الدولي (27 أغسطس – 6 سبتمبر) دورته الثانية والثمانين هذا العام بفيلم يحمل عنوانًا شخصيًا وقوميًا في آن: بابا وقذافي.
الفيلم، من إخراج وكتابة جيهان، يسجّل عرضه العالمي الأول كأول فيلم ليبي يشارك في المهرجان منذ 13 عامًا. تتولى شركة MAD Distribution توزيعه في العالم العربي، بينما تمثل MAD World مبيعاته في باقي أنحاء العالم.
بحث عن الأب
الفيلم ليس فقط عملًا سينمائيًا، بل فعلُ تفتيش طويل في الظلام. في أولى تجاربها الإخراجية، تنبش جيهان في واحدة من أكثر القصص الليبية غموضًا: اختفاء والدها، منصور رشيد الكيخيا، وزير الخارجية الليبي السابق، وسفير ليبيا لدى الأمم المتحدة، وأبرز رموز المعارضة السلمية لمعمر القذافي.
من خلال تجميعها لخطى والدتها التي قضت 19 عامًا تبحث عنه، تحاول جيهان ترميم صورة رجل لا تتذكره. في غيابه، تستعيد صوتها، وتعيد تعريف هويتها الليبية، بين ذاكرة مبتورة ووطن يوشك أن يُمحى.
خلف الصورة الأسطورية
تقول جيهان:
"لا أريد أن يختفي والدي مرة أخرى. في فيلمي بابا وقذافي، أفتّش في ذاكرة الآخرين، أحاول رسم ملامح إنسان خلف الأسطورة. أحاول أن أعيده إلى حياتي، كأبٍ محب، لا كاسم منسي في قوائم المفقودين".
وتضيف:
"غيابه جرحٌ في العائلة، وفي المجتمع، وربما في الوطن بأسره. صناعتي لهذا الفيلم كانت محاولتي لأقول: أنا أراه، رغم أن العالم أدار وجهه".
إنتاج متعدد الوجوه
يُعد الفيلم إنتاجًا أمريكيًا-ليبيًا مشتركًا، بمشاركة جيهان كمنتجة، إلى جانب ديف جينيت، محمد سويد، وسول جاي كمنتجين منفذين، وأندرياس روكسين وويليام جوهانسون كالين (عن شركة لايكا فيلم) كمنتجين مشتركين. كما شارك جايسون جاكسون ومحمد صيام كمنتجين استشاريين.
تولّى مهام التصوير كل من جيهان، وميكا ووكر، ومايك ماكلولين. أما المونتاج فكان بقيادة أليساندرو دوردوني، وكلوي لامبورن، ونيكول هالوفا. الموسيقى الأصلية ألفها تياغو كوريا باولو.
تمويل ومختبرات
حصل الفيلم على دعم وتمويل من جهات دولية بارزة، منها كوايت، معهد الدوحة السينمائي، الصندوق العربي للفنون والثقافة (آفاق)، الرابطة الدولية للأفلام الوثائقية، صندوق سين جونة، دعم الإعلام الدولي، صندوق هوت دوكس-بلو آيس دوكس، مهرجان مالمو للأفلام العربية، والمعهد السويدي للأفلام.
وشارك المشروع في مراحل تطويره ضمن مختبرات ومنتديات عدّة، منها مختبر كلوز أب، منتدى قمرة السينمائي (مؤسسة الدوحة للأفلام)، ديربان فيلم مارت، قافلة صانعات الأفلام الاستشارية، سوق ميديميد الأورومتوسطي، منتدى العروض التقديمية، ومختبر فيرست كات.
ذاكرة في مواجهة المحو
في لحظة تعبير شديدة الصدق، تقول جيهان:
"أخشى أن تختفي هويتي الليبية مع اختفاء والدي، في فوضى لا تنتهي. أحاول أن أحتضنه، بطريقتي، قبل أن يغيب نهائيًا من ذاكرتي أو من ذاكرة ليبيا".
فيلم بابا وقذافي لا يكتفي بطرح سؤال عن مصير رجل، بل يفتح جرحًا لم يُغلق بعد: ماذا يحدث حين تختفي الحقيقة… ويتأخر الوطن عن استعادتها؟