: آخر تحديث
في حديث خاص لإيلاف

شريف البنداري: أتمنى أن تصل أفلامي لجميع الناس

24
31
28
مواضيع ذات صلة

إيلاف من القاهرة:  في حديث خاص مع إيلاف تحدث المخرج المصري شريف البنداري عن احترافه لمجال الإخراج وتجربته في إخراج مسلسل "الجماعة 2" الذي قدمه قبل 5 سنوات وغاب بعده عن الدراما التليفزيونية بالإضافة إلى رأيه في صناعة السينما المصرية والأفلام المستقلة والصعوبات التي تواجه خروجها للنور.

في المقابلة المطولة التي تحدث فيها شريف البنداري بصراحة تطرق للحديث عن السينما في السعودية والأعمال الفنية التي يجري تقديمها في المملكة بالإضافة إلى رؤيته للأعمال الفنية المأخوذة عن نصوص أدبية وكيفية التعامل معها، وإلى نص الحوار

*من هو المخرج الذي تشعر أن الهامه كان سبباً في احترافك لمجال الإخراج؟

كمال الشيخ، هو المخرج المثالي، أو المخرج الذي أجده نموذجاً من وجهة نظري، فهو مخرج يقدم الحكاية كما يجب أن تروى، فتقريباً كل أفلامه أحب مشاهدتها من "حياة أو موت"، "غروب وشروق"، "على من أطلق الرصاص"، وهذه الأفلام شاهدتها في طفولتي، وهنا اتحدث عن هذه المرحلة السينمائية لكن في المقابل هناك مخرجين آخرين بعد ذلك مثل يوسف شاهين، محمد خان، وخيري بشارة.

*هل تعتقد أن التوجه السياسي لجمال الشيخ تسبب في ظلمه؟

- بالتأكيد، فهو مخرج لم يكن لديه أيدولوجية وقدم أعماله للفن، فكانت حكايته تقدم للجمهور بشكل بصري متنوع، وهو واحد من المخرجين المتميزين للغاية في هذا الأمر، فهو يقدم حدوتة ممتعة بشكل بصري ممتع من دون أي عوامل إبهار آخرى لها علاقة بالموضوع، فمثلا عندما تشاهد فيلم "حياة أو موت" تشعر بأهمية الإنسان وكيف توقفت الحياة في مدينة كاملة من أجل انقاذ حياة إنسان، والعمل يعتبر مرجع بصري للقاهرة في الخمسينات في وقت لم يكن أحد يملك الجرأة على النزول للشارع والتصوير فيه بهذه الطريقة، فهو مخرج لديه اهتمام بالإنسان في المقام الأول، مثلاً هذه القصة إذ حاولت أن تعيدها الآن لا يمكن التعامل معها نهائياً بشكل واقعي، وسيكون فيلم عبثي وغير حقيقي، جمال الشيخ مخرج سبق عصره، فمثلاُ عندما تشاهد فيلمه "المنزل رقم 13" تجد خلط زمني ونقل من فترة لآخرى في نفس اللقطة، وهذا الأمر سابق لزمانه ولم يكن منتشر حتى في السينما العالمية وقتها.

*متى تتخذ قرار تحويل نص أدبي لفيلم سينمائي؟

- لا اقرأ أي نص أدبي بهدف تحويله لفيلم، اقوم بقراءة الأدب من قبل الالتحاق بمعهد السينما وقبل العمل بالإخراج، عندما اقرأ نص أدبي يكون هدفي الغوص في عالم الرواية والاستمتاع بها، ودرجة انفعالي بها فيما بعد هي التي تحدد ما إذ كان يمكن أن تتحول لفيلم من الأساس أم لا، فمثلاً قصة "آخر النهار" لإبراهيم أصلان التي قدمتها كمشروع تخرجي من معهد السينما عام 2007 قرأت وقتها القصة وأحببتها، وحركتني لتقديمها خاصة طبيعة العلاقة بين الأب والأبن، وللامانة هناك عامل آخر شجعني وقتها مرتبط بالظروف الإنتاجية فلم يكن لدي أموال للتصوير خارج المعهد على العكس من التصوير بداخله الذي يوفر معدات التصوير وكافة التفاصيل الفنية وطبيعة القصة وأحداثها في شقة واحدة وامكانية بناء ديكور باستغلال الامكانيات المتاحة أمر اضافي جعلها تكون مشروع تخرجي فكانت الأكثر ملائمة لظروفي، صحيح أنها لم تكن أكثر شئ أحب تقديمه لكن في الوقت نفسه كانت الأنسب، خاصة وأنني كنت أرى في كتابات إبراهيم أصلان الأدبية فخ كبير بالاعتقاد أنه يمكن تقديمها بالسينما وكان هناك تجارب لخريجي الدفعات التي سبقتني من أعماله لكن 95% تقريباً من الأعمال عندما تشاهدها تجد أنها لم تستطع أن تمسك بروح النص الأدبي وأحبط عندما أشاهدها إلا في حالات نادرة للغاية.

*يرى المخرج داود عبد السيد أن تحويل رواية أو أي عمل أدبي لعمل فني هي خيانة لكاتبه الأصلي؟

- لو لم تحدث هذه الخيانة لن تستطع أن تقدم فيلم جيد من النص الأدبي، لم أرى في السينما فيلم مخلص بشكل كبير للنص الأدبي واستطاع التفوق عليه أو حتى يحافظ على جماله، وهذا الأمر طبيعي لأنهما مختلفين تماما، كصانع فيلم خلال العمل على نص مأخوذ من عمل أدبي مفروض عليك أن تأخذ طريق مختلف لكي تصل لنفس النقطة، ومن هنا تحدث الخيانة التي أراها طريق أساسي وأكيد لأي عمل، فالخيانة هنا ليست هدف في حد ذاته ولكنها تعبر عن الوعي بطريقة التقديم عبر وسيط مختلف، فالصيغة الأدبية الرائعة في أحيان كثيرة لا تصلح بصرياً، لذا يجب أن يكون هناك اختلاف لكي نصل لنفس النقطة بنفس الأحساس وهذا الأمر شرط لنجاح العمل السينمائي.

*كيف ترى الحراك الذي تشهده السينما السعودية في الفترة الحالية؟

- ساتحدث من منطلق زيارتي للمملكة ومشاهدتي الأفلام السعودية وعلاقاتي وصداقتي مع السينمائيين السعوديين، فالأمر بالنسبة لي مدهش للغاية خاصة من كم المواهب الموجودة في كافة المجالات سواء الكتابة، التمثيل، أو الإخراج، فهناك مواهب كثيرة جداً أكثر حتى مما كنت اتوقع، فهناك مواهب فنية وأشخاص شغوفين بالسينما، وهناك حالة تعطش للسينما لمستها لديهم خاصة في ظل الانفتاح الثقافي والاجتماعي وتأثيره على المجتمع.

*هل تعتقد أن هذا الانفتاح سيؤثر على السينما؟

- بالتأكيد، هناك موجة صعود للسينما السعودية لكن ما استغربه أنه بالرغم من ثراء المجتمع السعودي وديناميكيته المختلفة ووجود الكثير من الأمور التي يمكن الحديث عنها إلا أن المرجع لكثير من المواهب السينمائية تكون الأفلام الأميركية وليس حتى الأوروبية أو العالمية، فالسينمائيين السعوديين منشغلين بالثيمات الخاصة بالرعب بشكل رئيسي، رغم وجود مادة غنية جداً في العلاقات الاجتماعية بين الأشخاص في السعودية، صحيح أنه من المنطقي وجود نسبة تأثر لكن المشكلة أننا نتحدث عن أكثر من 50% وهو أمر مرتبط بما اعتاد الجمهور مشاهدته، لكن السينمائي السعودي عليه مراقبة ورصد العالم والمجتمع من حوله وتقديمه صحيح أن هذا الأمر موجود لكن ليس كثير.

*أي من الأسماء السعودية لفت انتباهك؟

- محمود الصباغ في "بركه يقابل بركة"، أو "في عمرة والعرس الثاني "، فهو مشغول جداً بواقع المجتمع السعودي، وأفلامه تتحدث عن واقع المجتمع وتناقش قضاياه، فهو يتميز بأن لديه قدرة على حكي الحدوتة وسردها بشكل جيد وتقديمها كما هي، فأعماله ترصد المجتمع بشكل حقيقي.

*كيف ترى فكرة الاستعانة بكتاب عرب في الأعمال السعودية؟

- هذا الأمر مفيد لصناعة السينما بكل تأكيد، فالسينما المصرية نفسها عندما قامت في بدايتها كان يتم الاستعانة بالإيطاليين والفرنسيين واليونانيين الموجودين في مصر وكانوا مؤثرين في الصناعة وساهموا فيها بشكل جيد مما سهل نقل خبرات سينمائية مختلفة وساعد في تطورها، وبالتالي اعتقد أن وجود عناصر من الخارج لديها خبرة يمكن أن تنقلها للمواهب الجديدة وتساعد شباب السينمائيين على التطوير، أمر تحتاجه صناعة السينما السعودية، اعتقد ما يمكن أن يشكل فارق هو طبيعة من يتم الاستعانة بهم هل هم مدركين للمجتمع السعودي وتفاصيله ولديهم درجة من الرصد والتحليل الاجتماعي له أم أنه مخرج حركة ينقل خبرته فقط في التنفيذ على سبيل المثال.

*خضت تجربة إخراج الجزء الثاني من مسلسل الجماعة، حدثنا عن هذه التجربة؟

- الجزء الأول من الجماعة كانجح نجاحاً إستثنائياً تجاوز كونه مسلسل وكان بمثابة نقلة في الدراما والمسلسلات من الصعب تكرارها، وهي طفرة تحدث كل عدة سنوات عندما تجد عمل درامي ينفذ فيه تكتيك مختلف، وحدثت هذه النقلة في 2010 وكانت لحظة استثنائية جداً، وما قدمه الاستاذ محمد ياسين في العمل أصبح يسير وراه جميع صناع الدراما لاحقاً، فالرهان بالنسبة لي كان مختلف في أن تستطع تحقيق نفس النجاح، لذا كنت حريص على أن اتعامل مع الجزء الثاني باعتباره مكمل للجزء الأول أي أنهما عضوين في جسد واحد، وأنني استكمل نفس العمل ولا اقدم تجربة منفصلة، وهو أمر ارتبط بالحفاظ على المزيكا وعلى شكل وايقاع الحلقات، لأنهما في النهاية ليسوا عملين يتم مقارنتهم سوياً، وكنت حريص على أن اكمل العمل بنفس الروح رغم أنه يدور في فترة زمنية مختلفة واتفقت مع الاستاذ وحيد حامد على هذا من أول لقاء، وشجعني عليه.

*وبالنسبة للوضع السياسي؟

- الوضع السياسي في الجزء الثاني كان أهدأ من الجزء الأول، واستقبال الناس للعمل في الجزء الأول عام 2010 مختلف تماما عن استقبالهم للجزء الثاني في 2017، لأن عند عرض الجزء الثاني كانت الناس لا تريد أن تسمع كلمة إخوان مع وجود نفور عام من الجماعة وأي شئ يخصهم، فالظرف المحيط نفسه بالعمل اختلف بشكل كامل، الخوف الفني بالنسبة لي كان أكثر في كيفية تحويل العمل والورق المكتوب لشكل يخرج بصورة مشرفة ولائقة، فالكاتب الكبير وحيد حامد جعلني اشعر بالطمأنينه فيما يتعلق بالمضمون، فهو لديه ميزان حساس جداً ويعرف ماذا يقول وإلى أي درجة.

*لماذا لم تكرر تجربة إخراج الأعمال الدرامية؟

- عندما جلست مع الاستاذ وحيد حامد أعطاني 25 حلقة دفعة واحدة مكتوبين ومع ذلك كانت تجربة الدراما الرمضانية ليست بالأمر السهل بالرغم من أننا بدأنا التحضير ولدينا هذا العدد الكبير من الحلقات وهو أمر لا يحدث تقريباً في المسلسلات، وشعرت بانها تجربة قاسية، ثقيلة ومرهقة جداً.

*تصف التجربة بالمرهقة في الوقت الذي يصفها البعض بـ"غير الآدمية؟

- هي بالفعل غير آدمية، لكن بالنسبة لي لا ارغب في تكرارها برمضان مرة آخرى، أحب أن اقوم بتقديم مسلسل لكن ليس بظروف الأعمال الرمضانية، فلست مضطر إلى البدء في تصوير مسلسل ومعي 3 أو حلقات أقوم بتصويرهم لحين الانتهاء من الكتابة وليس لدي معرفة بتفاصيل الشخصيات وإلى أين ستذهب في الأحداث.

*هل تحرص على أمر معين عندما تقرر البدء في مشروع سينمائي جديد؟

- يشغلني دائما التفكير في الطريقة التي يفترض أن احكي بها الفيلم للجمهور، طريقة تقديم الحكاية التي يتناولها العمل، ابحث عن عناصر الالتقاء مع القاعدة الأعرض من الجمهور من أجل ايصال الفيلم لهم، حتى لا يصنف كفيلم نخبوي.

*هل تعتقد أن وصف فيلم "نخبوي" يقلل من العمل؟

- بالتأكيد لأن الأفلام تقدم من أجل أن يشاهدها الناس، تخيل أنك تقوم بحكي حكاية يسمعها 10 أشخاص، ونفس الحكاية يسمعها 100 الف، أيهما أفضل.

*يسمعها أكثر لكن يمكن أن لا تعجبهم؟

- هذه نقطة آخرى، لا ارغب في أن تصنف الافلام التي اقدمها باعتبارها أفلام مستقلة أو أفلام موجهة لجمهور قليل بالعكس أود أن تصل لأكبر عدد من الجمهور وأن تكون سهلة الهضم للجمهور العادي.

* هل الجمهور هو من يقود الحراك الفني بالأشياء التي يحبها؟

- هذا الأمر يحدث طوال الوقت، فالأفلام تأخذ قيمتها الكبيرة من درجة تماسها مع الجمهور ودرجة تأثيرها في الناس وتفاعلهم معها، فبالنسبة لي مشاركة الفيلم في مهرجان كبير وحصوله على جائزة أمر جيد، لكن الأهم أن يكون هناك تماس بينه وبين قاعدة أعرض من الجمهور وعند عرضه بعد سنوات يكون لديه بريق خاص لذلك اعتقد أن الزمن هو أفضل حكم على الأفلام وليس الجوائز أو مشاركتها في المهرجانات.

*مثلما عرض فيلم "الكيت كات" في الدورة الأخيرة من مهرجان القاهرة بعد 3 عقود من طرحه بالسينما؟

- بالضبط، هل عرض الكيت كات في مهرجاني كان أو برلين؟ الإجابة لا، لكن يمكن أن تقول أن هذا الفيلم اثر في أجيال كثيرة سواء سينمائيين أو صناع للسينما أو حتى الجمهور الحقيقي، فهذا الفيلم اكتسب قيمته من داخله، ومن جمهوره الذي لا يزال يتذكره حتى الآن ويحفظ جمله، وأرى أن هذا الأمر هو النجاح الحقيقي لأي فيلم.

*هل تعتقد أن الإرث الموجود في السينما المصرية الذي يتجاوز 100 عام بات يشكل عبء على صناع السينما في الفترة الحالية؟

- تاريخ السينما المصرية الذي نتحدث عنه اليوم جزء أساسي في تشكيل شخصيتنا، وجيلنا وكثير من الأجيال الأخرى ترك هذا الإرث أثر فيها وشكل وجدانها، ولا اشعر انه ثقيل علينا بقدر ما هو محرض لنا لتقديم أعمال أفضل، لكن اتفق في أنه يجعلنا نفكر في العمل بشكل مختلف والذهاب لتقديم اللحظة الراهنة بصورة تناسبها وتلائمها، اشعر بالفخر أنني ترس صغير في سينما كبيرة وتاريخ كبير لم أكن احلم أن أكون جزء صغير منه.

*لماذا تراجعت السينما المستقلة؟

- دعنا نتفق أن مصطلح السينما المستقلة لم يكن موجود في الثمانيات، لكن أرى أن هناك أفلام قدمت في تلك الفترة كان يتوافر بها عناصر السينما المستقلة، بفكرة الخروج عن التيار السائد، والأفلام التي يتم تقديمها خارج المنظومة الفنية الخاصة بالسينما بشكل ما، لكن ثمة فارق كبير أو عوائق موجودة أمامنا الآن من بينها إيمان النجوم وتصديقهم في هذه النوعية من الأفلام في الوقت الذي كان من الممكن أن يؤمن فنان مثل أحمد زكي الذي قدم فيلم البرنس على سبيل المثال.

*مثل ما حدث مع هند صبري في فيلم "صباح الفل"

- هند صبري بالنسبة لي حالة خاصة جداً، وهي تحدثت عن جزء مما أرغب الإشارة إليه خلال تسلمها جائزة عن دورها في فيلم "نورة تحلم" بمهرجان الجونة، فمخرجة الفيلم عندما رشحتها لم تكن تتوقع حماسها للتجربة، لكن هند دعمتها ووقف خلف الفيلم، ومن هنا كانت الرسالة بأن السينما المستقلة مفتوحة للجميع وفي عام 2005 وخلال دراستي بمعهد السينما قدمت لهند فيلم قصير واقتنعت به وشاركت بالتمثيل فيه ودعمتني.

*هل غياب المنتج الجريء يؤثر على السينما المستقلة؟

- اعتقد أن منظومة الانتاج نفسها مختلفة والطريقة التي تعمل بها الشركات لإنتاج الأفلام مختلفة، فهناك مشكلة في المنظومة وغياب لدعم النجوم


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في ترفيه