لي مع هذا الإسم مصيرٌ مشترك و ذكريات عطره تشرّق وتغرّب:
ليلى هو اسم اولى حفيداتي من ابني زهير (المستشار القانوني)، ولدت في شهر أغسطس، شبت وكبرت وتفوقت في كل مراحل دراستها وكانت خطيبة حفل تخرج دفعتها في جامعة الفيصل فرع المحاسبة. وهي الآن احدى العاملات المتخصصات في السياسه المصرفية في البنك المركزي (ساما) تثبت مع رصيفاتها في شتى فروع المعرفه ان شعار تمكين المرأه في رؤية 2030 يستحق كل ماقيل عنه من تقريظ وتهليل.
اسم ليلى يضرب في اعماق تاريخ الجزيرة العربية، فهو اسم لقاعدة محافظة الأفلاج على بعد 300 كيلاً جنوباً من مدينة الرياض، يقال انها اخذت اسمها من ليلى العامرية التي هام بها قيس بن الملوح حبًا، كما علمونا في تاريخ الأدب العربي. نقل الرواة من شعره نماذجاً تفيض رقة وعذوبة وحسرة، وفي منزلي جدارية يطرزها بيت مانسب للمجنون هو:
أمر على الديار ديار ليلى
اقبل ذالجدار وذالجدارا
وعلى مقربة من مدينة ليلى يقع جبل التوباد اوجبل العشاق الذي خلده امير الشعراء احمد شوقي بقصيدته التي غناها محمد عبدالوهاب: جبل التوباد حياك الحيا
وسقى الله صبانا ورعى.
وليلى هو اسم لعاشقة اخرى هي ليلى الأخيليه كان اسمها يزين احد شوارع العاصمة السعودية الرياض في حي الورود إلى وقت قريب قبل نزعه. هي الأخرى شربت كؤوس العشق مع صاحبها "توبة الخفاجي"، ولم تكن تخفي حبها لصاحبها، كانت تبادله العشق مع سبق الأصرار. يقال انها وقفت امام خبائها سافرة الوجه لتحذّر توبة من كيد اهلها الذين رفضوه زوجاً لها، وهددوه ان لم يقلع عن التشبيب بإبنتهم، وقد سجل توبة هذا المشهد بقصيدة منها بيت يقول فيه:
وكنت اذا مازرت ليلى تبرقعت
وقد رابني منها الغداة سفورها
لماذا على غير العاده قابلته سافرة الوجه؟
فهم توبة الرسالة وذكرها في الشطر الثاني من البيت فنجا من موت محقق.
بل يقال انها دخلت على الخليفة عبدالملك بن مروان وقد ذهب الدهر ببعض جمالها، وعندما رآها قال ما الذي رآه توبة فيك حتى وقع في عشقك؟! فأجابته على الفور: "لقد رأى مارآه الناس فيك يا أمير المؤمنين حين بايعوك خليفةً لهم".
قصة تجعلني أقول لو خلا أدب العرب من آفات الرواة لفقد الكثير من جماله ورونقه. وقصص تجعلني أتساءل: هل هناك علاقة طردية بين الحرية العاطفية والإبداع؟
حديث يحلو لكنه يطول!!
حكايتي مع ليلى لم تنته:
عندما كلفني معالي الاخ الدكتور ابراهيم العساف بالتنسيق مع معالي المهندس علي النعيمي برئاسة مجلس ادارة الشركة الوطنية السعودية للنقل البحري 2002-2004، سألت الزملاء في الإدارة عن اسطول الشركة من ناقلات البترول فلفت نظري انها تأخذ اسماء حقول الزيت الخام في المملكة. ثم اردفوا بأن عليّ ان اسافر الى بوسان في كوريا الجنوبيه لتدشين الناقله "صفوى". فقلت على الفور صفوى مدينة في محافظة القطيف لكنها ليست اسماً لحقل بترولي، قالوا بل هكذا قال الزميل فلان.
وعندما دققت في الأمر اتضح ان هذا الزميل من صفوى، اراد ان يخلد اسم مسقط رأسه على ناقلة تمخر عباب البحر يمنة ويسرة. سكت، واسررت الأمر في نفسي الى ان حانت الفرصة.
بعد سنة من عملي في الشركة قضيته في تنظيف سجلاتها والبحث عن مديرٍ قادر على تنفيذ ما قدمته للمجلس من استراتيجية جديدة. وهي اجراءات كان من نتائجها ان اعلنا ووزعنا سبعة ريالات للسهم لأول مرة في تاريخ الشركة (في سنة عادية). بعدها قررنا بناء ناقلتين جديدتين اجمع الاعضاء على تسمية احداهما "وفرة" وهو اسم الحقل الذي تتقاسمه المملكة مع الكويت في اليابسة من المنطقه المقسومة. اما الناقلة الثانية فقد طلب الأعضاء مني البحث عن اسم حقل بترولي استنادًا الى علاقتي بوزارة البترول، فقدمت لهم أربعة اسماء لحقولٍ بترولية صغيرة كلها تقع قي منطقة امتياز ارامكو من بينها حقل صغير اسمه ليلى!!
ولحسن الحظ لاقى هذا الإسم هوى في نفوس الجميع فصوتوا له بالأجماع، وعندما وقع كل عضو على القرار وقضي الأمر صارحتهم بالحقيقة. وهي: صحيح ان ليلي اسم لحقلٍ صغير من حقول أرامكو لكنني وضعته على القائمه وفي ذهني انه اسم ليلى أولى حفيداتي، وما ليلى إلا مثل على مواطنة تفيض حبًا لوطنها وولاءً لقيادته، جاءت الرؤية لتكشف عما تكنّه المرأة السعودية من امكانيات، سنة حلوة ياجميل.