لم تتغير إيران الخمينية بعد الاتفاقية الصينية، فهي الدولة الشيعية الثائرة على المجتمع المدني والجوار السني والشيعي العربي... إيران الأوهام السياسية والاحلام العسكرية لا زالت تتحكم فيها قبضة الملالي والمرجع الديني.
خرجت إيران من عزلة دولية قبل سنوات لتشتري الأسلحة المتطورة وليس مواكبة ما فاتها من عدالة اجتماعية مدنية، فقد كانت أولى صفقات طهران الدولية صفقة صواريخ مع روسيا وليس استيراد الطائرات المدنية أو المشتريات الضرورية التي كثيرا ما حلم فيها الشعب الإيراني قبل رفع العقوبات الأميركية.
ابتسم المجتمع الخليجي العربي إلى إيران، الجارة المسلمة، بعد الاتفاق الصيني مع الشقيقة المملكة العربية السعودية ولكن طهران لم تبتسم إلى الشيعة والسنة في الجوار العربي وخاصة الكويت، فإيران جل همها واهتمامها السياسي في القومية الفارسية وتصدير الثورة الخمينية!
لا زالت إيران تعول على تصدير الاوهام حول السلام المزعوم وحسن الجوار الإقليمي، وتصدير حجة "نصرة المستضعفين"، وهو الغطاء السياسي و"الدستوري" الذي تستغله إيران الملالي في التدخل في شؤون الجوار الخليجي والعربي أيضاَ.
جددت طهران ثبات الوجه السياسي الإيراني القبيح تجاه الكويت حين أعلنت مؤخرًا عن الحق المزعوم في حقل "الدرة" والدعوات المشبوهة إلى مفاوضات مباشرة مع الكويت وليس الجلوس على طاولة مفاوضات مع السعودية والكويت كطرف تفاوضي واحد.
لم تتغير السياسة في إيران في ازدواجيتها ولا يبدو أن طهران عازمة على التغيير من أجل تحقيق الاستقرار في منطقة الخليج وترسيخ علاقات حسن الجوار مع الجوار الخليجي وخاصة مع الكويت، فطهران تعول على الازدواجية في العمل الدبلوماسي والسياسي، فتارة تصرح إيران دبلوماسيا عن الحرص المزعوم في المحافظة على حسن الجوار واحترام سيادة الدول الأخرى وتارة تصرح عبر مراجعها السياسية والدينية بلغة مختلفة ومتناقضة مع الواقع والممارسة الفعلية وهو ما يجعل المواقف الدبلوماسية الإيرانية يتيمة سياسيا في داخل إيران!
الغطرسة الإيرانية لها تاريخ مع الدول العربية وخاصة الخليجية، فطهران له وجود عسكري مباشر وغير مباشر في لبنان والعراق وسوريا واليمن ومواقف غير صديقة مع السعودية والبحرين والكويت علاوة على التواجد السياسي عبر مناهج فارسية تقف وراءها "الدبلوماسية" الإيرانية.
لقد مارست السفارة الإيرانية لدى الكويت التدخل المتكرر في عمل "مجمع المدراس الإيرانية" في الكويت الذي يدار من قبل السفارة عبر الاستيراد الممنهج للمناهج الفارسية من طهران وفرضها بغطاء دبلوماسي وعبر الحصانة الدبلوماسية!
في العام 2016، اعترفت السفارة الإيرانية لدى الكويت "أن المدارس الإيرانية في الكويت تواصل عملها بانتظام منذ خمسين عاما وبإشراف يومي من 6 المديرين الاكفاء من وزارة التربية على المدارس الايرانية".
لم تنكر السفارة الإيرانية لدى الكويت العلاقة بينها وبين "مجمع المدارس الايرانية" وخضوع المدارس لتوجيه سياسي ودبلوماسي علاوة على عدم نفي علاقة أحد الدبلوماسيين في السفارة الإيرانية وعمله كمدير لأحد المدارس الإيرانية في الكويت وهي واقعة موثقة.
رضخت إيران إلى الوساطة الصينية مع الشقيقة السعودية ولكنها لا زالت تمارس سياسة الغطرسة والاستفزاز والشحن السياسي والإعلامي الإيراني ضد الكويت بتجاهل متعمد للقراءة الواقعية لطبيعة الشراكة الاستراتيجية بين الكويت والسعودية.
وبالرغم من الموقف السعودي الواضح والمتكرر من مزاعم طهران بشأن حقها في “الاستثمار في الدرة"، لا زالت إيران الخمينية تراهن على الأوهام والأحلام من دون الاستسلام إلى الواقع السياسي الدولي والإقليمي الذي يتطلب أفعال إيرانية على احترام حسن الجوار وتحقيق السلام في منطقة الخليج العربي.
يجب على إيران الملالي استيعاب أن الشراكة في السلام تستوجب توفر الثقة من كافة الدول الخليجية وهي كما يبدو شبه مستحيلة مع طهران في ضوء استمرار التناقض والازدواجية الإيرانية من دون نهاية!
إن كانت إيران تنشد السلام مع الجوار الخليجي العربي، فيجب عليها أن تبادر بتقديم ضمانات من المراجع الدينية وخاصة "المرشد" بشأن احترام سيادة الدول المجاورة وخاصة الكويت وطي رسميا صفحة أوهام "العدو العربي الحقيقي".
إن إيران أمام اختبار صيني وإقليمي في تحقيق السلام الحقيقي في منطقة الخليج العربي والكويت ليست استثناء منها وهو ما يتطلب تقديم الأفعال على الاقوال والتخلي عن الازدواجية في السياسية والعمل الديبلوماسي حتى لا تخسر إيران الضمان الصيني ولا القبول السعودي.
*إعلامي كويتي