: آخر تحديث

جنة المهاجرين والعبور الاحمق

87
82
54

 يعرف كثير من المهاجرين الى (الجنة الموعودة) في أوروبا أن قسماً كبيراً منهم يؤلفون قصصا مأساوية من خيالهم الخصب لتمرير وتبرير لجوئهم الى دول أوروبا أو غيرها، وقد شهدتُ حالات كثيرة منها في العديد من تلك الدول وربما أكثرها سخرية تلك التي يتقمص صاحبها ديناً ليس دينه أو مذهباُ ليس مذهبه بل وقومية أو عرقاً ليس مما يوصف حقيقته، كل ذلك من أجل قبول لجوئه، والقصص كثيرة ومبررة للتغطية على حقيقة هجرته وأسبابها ولا أقصد الجميع ولكن هناك ظاهرة متداولة ومبررة لدى كثير من المحامين هناك خاصة في استغلال مناسبات الحروب والكوارث التي تصنعها الأنظمة الطاغية والأحداث الكارثية كما حصل في غزوات داعش الإرهابية ضد المكونات غير المسلمة مثل الإيزيديين والمسيحيين والشيعة والكاكائيين والعلويين وفتح أبواب اللجوء والهجرة لهم في دول أوروبا وغيرها، وقد تقمص العديد من اللاجئين مأساتهم وادعوا انتسابهم لهم، كما قام غيرهم ببهلوانيات أخرى لتمرير عبوره ولجوئه وخاصة أولئك الهاربين من الخدمة العسكرية أو المحكومين غيابيا بأحكام على جرائم جنائية لا علاقة لها مطلقا بحرية الرأي او الاضطهاد القومي أو الديني او السياسي، كالقتل والسرقات والاختلاس والمخدرات وزنا المحارم والاغتصاب، وقد بانت حقيقة كثير منهم بعد سقوط انظمتهم والاطلاع على ملفاتهم الشخصية، خاصة أولئك الذين عادوا ليمثلوا أدوار المعارضين السياسيين وضحايا الأنظمة الدكتاتورية.

ومن بشاعة اللعب على الحبلين ان العديد من هؤلاء الممثلين اللاجئين عادوا الى اوطانهم بعد أن حصلوا هناك في بلدان المهجر على مواطنية تلك الدول وتقاعدها، عادوا للبحث عن حقوق مفترضة بل وتبوؤا مناصب مهمة في دولهم الأصلية مع تعويضات خيالية، ولعله من المفيد أن نذكر ان افواجاً جديدة تأثرت بهؤلاء الممثلين البارعين في صناعة قصص للعبور بها الى تلك الجنان على حساب أوطانهم بل وفي كثير من الأحيان حتى على أنظمتهم السياسية بادعائهم انها اضطهدتهم بينما الحقيقة كانوا اكثر الناس استفادة منها ولم يكن هروبهم ولجوئهم إلا بسبب  تداعيات جرائم اقترفوها بحق المجتمع والدولة وليس بحق النظام السياسي.

وما حدث مؤخرا من أحد الأشخاص في حرقه للقرآن وادعائه بالاضطهاد إلا واحدة من تلك القصص التي يتم استثمارها وممارستها لإثبات مصداقية القصص المؤلفة للحصول على مواطنية تلك الدول وهي ليست غريبة أو الأولى من نوعها لكن الغريب ردود الأفعال المبالغ بها دون دراية، حيث منحت تلك الردود ذلك الشخص وامثاله سمة الدخول لدول المهجر وحمايتها، فقد اثبتت تطورات الأحداث في بغداد والاستثمار السيء للحدث بأن من يقف وراء تلك الانفعالات إما يتاجر بشعارات ومزايدات لتمرير برامج معينة لاستثمارها انتخابياً، أو لإعطاء أفواجٍ أخرى من الشبيبة فرصة لاستثمار تداعيات تلك الردود لصناعة قصص جديدة للهجرة، وفي كلا الحالتين لم يستفد من كل ما جرى إلا أصحاب القصص والمغامرات ومن ينوي تقليدها لاحقاً، والذين يستثمرون الحدث سياسياً كدعاية انتخابية مبكرة ورسائل لمجتمع محافظ بانهم القيمين على الدين وحماته!
 


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.