: آخر تحديث
أزمة غلاء معيشة تزايدت مع نسبة تضخم قياسية

تهديدات وأعمال عنف بين الأتراك مع ارتفاع الإيجارات

22
23
21

أنقرة: علق التركي جنكيز أورسيل لافتة خارج ورشة النحت الخشبية الخاصة به للتنديد بطلب صاحب العقار رفع الإيجار إلى مستوى غير مسبوق، بينما يجد الحرفي نفسه مهدداً بالإخلاء بعد عشرين عاماً.

وتقول اللافتة "مطلوب 25 ألف ليرة (ما يعادل 911 دولاراً) إيجاراً لهذا المحل"، بدلاً من 3200 ليرة (117 دولاراً) شهرياً.

وشهدت الإيجارات في تركيا ارتفاعاً قياسياً العام الماضي، ما أدى إلى اندلاع أعمال عنف بين أصحاب العقارات والمستأجرين، وأفادت وسائل الإعلام عن مقتل 11 شخصًا وإصابة 46 آخرين.

وبحسب دراسة نشرتها جامعة بهتشه شهير التركية في آب/أغسطس، ارتفعت الإيجارات خلال العام الماضي بنسبة 121%. وفي المدن الكبرى مثل أنقرة واسطنبول، بلغت نسبة الارتفاع 188%.

ويخشى أورسيل الذي دفع ايجار المحل بانتظام لمدة 20 عاماً أن يضطر للإغلاق.

وأضاف "أريد أن يتم سماع صوتي. هذه المطالب ستدفع الناس إلى حافة العنف، وصولاً إلى قيامهم بطعن بعضهم البعض".

وتابع "لا أستطيع دفع ذلك!"، متداركاً "لكن إذا اضطررت لترك هذا الحي، سأخسر حرفتي أيضاً".

ويعاني الأتراك أزمة غلاء معيشة تزايدت مع نسبة تضخم قياسية.

سجّلت تركيا تسارعاً في التضخم خلال آب/أغسطس إذ لامس نسبة 60 في المئة على فترة سنة، لكن يشكك اقتصاديون مستقلون بذلك ويقولون إن زيادة أسعار المستهلك وصلت فعليا إلى 128% على الأقل.

في مواجهة الارتفاع القياسي، حددت الحكومة سقفا لزيادة إيجارات العقارات بـ 25 بالمئة، بما يتماشى مع نسبة التضخم الرسمية للأعمال.

وسائل مختلفة
لكن يؤكد خبراء أن هذه الإجراءات لم تؤد إلا إلى زيادة التوترات، ودفع الكثير من أصحاب العقارات إلى اللجوء إلى وسائل مختلفة- بينها غير قانونية- لطرد وإخلاء المستأجرين والعثور على مستأجرين جدد مستعدين لدفع أسعار أعلى.

وذكر وكيل عقاري اشترط عدم الكشف عن اسمه أن بعض أصحاب العقارات لجأوا إلى استئجار عصابات لترويع المستأجرين لدفعهم إلى ترك منازلهم في حي بشكتاش في اسطنبول المطل على مضيق البوسفور.

والشتاء الماضي، تصدرت قصة قيام صاحب أحد العقارات بهدم بيت مستأجر لديه بالفأس لطرده بالقوة، عناوين وسائل الإعلام المحلية.

لاحظت المحامية في أنقرة مليحة سيلفي أن "عدد الخلافات بين المستأجرين وأصحاب العقارات زاد بشكل كبير في السنوات الأخيرة".

وقالت "يرى المستأجرون أن حقوقهم انتهكت بينما يشعر أصحاب العقارات بأن الأزمة ظلمتهم" مشيرة الى أن الجانبين "يتبادلان الاتهامات بدلا من محاسبة الحكومة".

وهذا العام، قالت وسائل إعلام تركية إن 47 ألف محاكمة افتتحت تتعلق بإخلاء مستأجرين، و100 ألف اخرى تتعلق بزيادة غير قانونية للإيجارات في الأشهر الستة الأولى من العام، تجاوزت الضعف مقارنة بالفترة نفسها من عام 2022.

إضافة الى ذلك، فإن الزلزال المدمر الذي ضرب في السادس من شباط/فبراير، و دمّر جنوب البلاد ومناطق في سوريا وقتل أكثر من 55 ألف شخص، أدى أيضًا إلى تفاقم الوضع، بحسب ما اوضح عثمان كال الذي يعمل وكيلا عقاريا في العاصمة أنقرة.

وقفزت قيمة إيجار شقة تتألف من غرفتين أو ثلاث وسط العاصمة من مبلغ يراوح بين 2000 و2500 ليرة شهرياً (ما بين 70 إلى 86 يورو) لتصبح نحو 17 ألف ليرة (590 يورو تقريباً) في سنة واحدة، بزيادة قدرها 650% تقريباً.

وقال كال "يطالب أصحاب العقارات بزيادة في الإيجار أعلى بكثير من التضخم" مع تدفق الكثير ممن فقدوا بيوتهم في الزلزال.

أكثر المناطق أمانًا
وتعد أنقرة التي تقع بعيداً عن خطوط التصدع الرئيسية التي تهدد البلاد، واحدة من أكثر المناطق أمانًا.

وعلى الرغم من جهود إعادة الإعمار بعد الزلزال، ثمة نقص في المساكن ذات الأسعار المعقولة.

وأورد كال "يفضل المطورون بناء مساكن فاخرة مربحة بدلاً من أخرى اجتماعية، والحكومة تسمح بذلك".

ويبلغ الحد الأدنى الصافي للأجور في تركيا حالياً 11,400 ليرة (395 يورو).

تركت مريم ألتونلو هاتاي المتضررة بالزلزال وقدمت إلى العاصمة. وتشعر حالياً بالقلق من ارتفاع الإيجارات.

قالت "أدفع حاليا 13 ألف ليرة (450 يورو) بصعوبة. وفي حال رغب المالك بزيادة أعلى من 25 بالمئة، سأضطر للمغادرة. لا أعرف أين أذهب".


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في اقتصاد