: آخر تحديث
الصين تتهمه بترويج "الدعاية السياسية الخارجية"

حجب "تشات جي بي تي" لا يمنع الطلاب من الاستعانة به

60
64
56

بكين: لم يحُل حجب "تشات جي بي تي" في الصين دون تهافت عدد كبير من التلاميذ والطلاب الصينيين على الاستعانة في تنفيذ فروضهم الدراسية بالتطبيق الذي يولّد نصوصاً بواسطة الذكاء الاصطناعي.

وقد أثارت برمجية "تشات جي بي تي" للمحادثة التي أطلقتها شركة ناشئة في كاليفورنيا في تشرين الثاني/نوفمبر الفائت ضجة كبيرة في العالم بفعل قدرتها على إنشاء نصوص متقنة مثل المقالات أو القصائد، أو برامج معلوماتية، في ثوانٍ فقط.

وأدى الإقبال على "تشات جي بي تي" إلى تهافت المستثمرين على قطاع الذكاء الاصطناعي، إلا أن التطبيق الذي اكتسب شهرة واسعة أثار قلق المعلمين من احتمالات استخدامه للغش والسرقة الأدبية.

ومن المستحيل في الصين استخدام "تشات جي بي تي" ما لم يتوافر برنامج "الشبكة الافتراضية الخاصة" أو "في بي إن" (VPN)الذي يخفي عنوان المتصل بالبرنامج.

إلا أن هذا لا يمنع عشرات التلاميذ والطلاب الذين استصرحتهم وكالة فرانس برس من استخدام "تشات جي بي تي" لمساعدتهم في حلّ مسألة ما في الرياضيات أو الإجابة عن سؤال علمي، وسوى ذلك.

وتؤكد إستر تشين (11 عاماً) أن برنامج "تشات جي بي تي" ساعدها في خفض الوقت اللازم لإعداد الواجبات المنزلية إلى نصف ما كان يستلزمه، بينما تستخدمه أختها نيكول لتعلّم اللغة الإنكليزية.

وكانت إستر، وهي تلميذة في مدرسة تنافسية في شنتشن (جنوب الصين)، تحتاج في السابق إلى ما بين أربع وخمس ساعات يومياً في أداء واجباتها المدرسية.

وتروي: "كانت والدتي تبقى مستيقظة إلى ساعة متأخرة حتى أنهي واجباتي، وكنا نتشاجر باستمرار".

وتشير إلى أن "تشات جي بي تي" بات يعينها على إنجاز بحوثها في وقت أقصر.

ويشرح طلاب لوكالة فرانس برس أنهم اشتروا أرقام هواتف أجنبية أو لجأوا إلى تنزيل شبكات "في بي إن" للالتفاف على الرقابة الرقمية الصينية والتمكن من إقامة اتصال بـ"تشات جي بي تي".

ويبلغ سعر الرقم الأميركي الذي يشترونه عبر الإنترنت 5,5 يوان فحسب اي أقل من دولار (0,79). أما سعر الرقم الهندي فهو أقل من يوان واحد.

وتتوافر حلول أخرى، بينها مثلاً خدمات عبر تطبيق المراسلة "وي تشات" الذي يحظى بشعبية كبيرة في الصين، على غرار "إيه آي لايف" (AI Life)، تتولى لقاء يوان واحد طرح سؤال على "تشات جي بي تي" نيابة عن المتصل.

وافادت إحدى وسائل الإعلام المحلية الشهر الفائت بأن شركات تكنولوجيا صينية أبرزها "تنسنت" التي تملك "وي تشات" و"آنت غروب" التابعة لمجموعة "علي بابا" تلقّت أوامر بقطع اي إمكان للاتصال بالبرنامج عبر منصاتها.

ووصل الأمر بوسائل الإعلام الحكومية الصينية إلى اتهام "تشات جي بي تي" بترويج "الدعاية السياسية الخارجية".

إلا أن وانغ جينغ جينغ، والدة إستر، لا تشعر بالقلق.

وتقول "نحن نستخدم الشبكات الافتراضية الخاصة (في بي إن) منذ سنوات. نشجع بناتنا على الحصول على المعلومات من مصادر مختلفة".

ما يقلق وانغ أكثر هو احتمال وقوع ابنتها في الانتحال، وهذا ما يجعلها تراقب من كثب الواجبات المنزلية لابنتها الصغرى.

وتؤكد إستر أنها لا تستخدم هذه الأداة لإنجاز العمل بدلاً منها، لكنها تدرك أن المساعدة التي يوفّرها قيّمة، إذ كان مطلوباً منها مثلاً في الآونة الأخيرة إعداد مراجعة لكتاب "هولد آب إن ذي سكاي" (غير مترجم) لمؤلف الخيال العلمي الشهير ليو سيشين.

لكنّ الوقت لم يكن متوافراً لديها لإنجاز مهمة قراءة الكتاب نظراً إلى أن أسبوعها حافل بالأنشطة، كدروس العزف على البيانو والسباحة والشطرنج والجمباز الإيقاعي.

لذلك، طلبت من "تشات جي بي تي" ملخصاً عنه، يتضمن فقرة عن كلّ من أبرز شخصياته، ومواضيعه الرئيسية. ثم تولّت بنفسها كتابة نص مراجعة الكتاب.

توفير الوقت

ويستخدم الطلاب أيضاً البرنامج لتفادي تكبّد تكلفة كبيرة واستهلاك وقت كبير في التحضير لامتحانات اللغة الإنكليزية المطلوبة للالتحاق بالجامعات الأميركية والبريطانية والأسترالية.

وتقول ستيلا زانغ (17 عاما) لوكالة فرانس برس "لم أكن أرغب في حفظ قوائم من الكلمات أو محادثات كاملة".

من هذا المنطلق، وعوضاً عن دفع مبلغ قد يصل إلى 600 يوان (86 دولاراً) في الساعة لمدرّس خاص، لجأت إلى الدردشة مع "تشات جي بي تي".

وتشرح أن هذه الطريقة ترتّب عليها "ضغطاً أقل"، ويمكّنها من الحصول على تقويم وملاحظات فورية على النصوص التي تكتبها.

ويقول توماس لاو الذي درَج في مدينة سوتشو (جنوب الصين)على توفير المساعدة في مقابل أجر للطلاب الراغبين في الالتحاق بجامعات أجنبية، إنه خسر العشرات من الزبائن الذين باتوا يفضلون استخدام "تشات جي بي تي" لإعداد ملفاتهم.

ويضيف "لقد استخدمت برنامجاً للتحقق مما إذا كانت توجد في ملفات ترشحّهم فقرات مكتوبة بمساعدة الذكاء الاصطناعي، فتبيّن لي أن الحال كذلك لدى كثر منهم".

ويثير الأقبال على "تشات جي بي تي" أيضاً شهية شركات التكنولوجيا الصينية العملاقة على نحو "بايدو" و"علي بابا" و"جيه دي.كوم" التي أعلنت أنها في طور العمل على برامجهم الخاصة للمحادثة القائمة على الذكاء الاصطناعي.

غير إن السلطات تتعامل مع هذا التوجه بحذر، إذ أعلن وزير العلوم وانغ تشيغانغ الشهر الفائت إن الدولة ستعتمد قريباً قواعد جديدة في هذا المجال.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في اقتصاد