اسطنبول: ارتفع معدل التضخم في تركيا إلى أعلى مستوى له منذ 24 عاما متخطيا 83% في أيلول/سبتمبر، على ما أظهرت أرقام رسمية الإثنين، بعد أسبوع على إعلان البنك المركزي خفض معدلات الفائدة.
ويعارض المسؤولون عن السياسات النقدية في تركيا النهج الدولي المتمثل برفع البنوك المركزية معدلات الفائدة لمحاربة التضخم، في حين تعمل معدلات الاقتراض المرتفعة على تهدئة الاقتصاد والأسعار.
ويؤكد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان الذي يركز على النمو قبل انتخابات عامة في حزيران/يونيو باستمرار أن معدلات الفائدة المرتفعة تشجع التضخم واعتبرها "العدو الأكبر".
واتبع البنك المركزي سياسته المعتادة وخفض النسبة من 13 إلى 12 بالمئة الشهر الماضي.
كما دعا إردوغان إلى خفض جديد لمعدلات الفائدة في الاجتماع المقبل للبنك المتعلق بالسياسات النقدية في 20 تشرين الأول/أكتوبر.
وذكرت الوكالة التركية الرسمية للإحصاء أن أسعار الاستهلاك ارتفعت بنسبة 83,45% في أيلول/سبتمبر على أساس سنوي، فيما بلغ الارتفاع 80,2% في آب/أغسطس.
وبدأ التضخم في الارتفاع في جميع أنحاء العالم بعدما بدأت تحاول الاقتصادات أن تنتعش بعد الإغلاقات العامة التي رافقت تفشي كوفيد-19، لكنه تفاقم هذا العام إذ يساهم الغزو الروسي لأوكرانيا في ارتفاع أسعار الطاقة والغذاء.
وقال اردوغان الاثنين عبر التلفزيون "نحن نمرّ في مرحلة أثّرت فيها الأزمة الاقتصادية العالمية التي تفاقمت بفعل زيادات أسعار الطاقة والسلع الناجمة إزاء الجائحة والحرب في أوكرانيا، بشكل عميق على جميع الاقتصادات".
وأضاف "سنبني قرن تركيا معًا على أمل التغلب على مشكلة التضخم".
وسجلت العملة التركية مزيدا من التراجع لتبلغ 18,56 ليرة أمام الدولار في أعقاب الإعلان.
وأجّج ارتفاع أسعار النقل بنسبة 117,66% التضخم في أيلول/سبتمبر، إلى جانب ارتفاع أسعار المواد الغذائية بأكثر من 90% وأسعار السكن بأكثر من 80%.
وقال هاكان كارا كبير خبراء الاقتصاد السابق في البنك المركزي التركي على تويتر إن البلاد شهدت الآن أشد ارتفاع في التضخم منذ الحرب العالمية الثانية.
ولفت إلى أن "تحطيم الرقم القياسي" أمر لا مفر منه في ظل سياسات الحكومة غير التقليدية.
ويقول كبير الخبراء في الأسواق الناشئة في مركز "كابيتال ايكونوميكس" للأبحاث الاقتصادية ليام بيتش إن الزيادة الكبيرة في أسعار الكهرباء والغاز رفعت مستوى التضخم في تركيا.
وكتب في مذكرة لزبائن "نعتقد أن التضخم سيرتفع قليلا لكن مع دعوة الرئيس إردوغان لمزيد من التيسير من البنك المركزي، من المرجح أن يُخفّض سعر الفائدة مرة أخرى هذا الشهر".
يمنح إردوغان النمو والصادرات أولوية على استقرار الأسعار، ويعد بأن الأسعار ستبدأ في الانخفاض في كانون الثاني/يناير.
ويرى الخبير الاقتصادي في الأسواق الناشئة تيم آش في شركة "بلوباي لإدارة الأصول" Bluebay Asset Management في لندن أن "اردوغان فقد السيطرة على التضخم، والتضخم هو ما يهتم به الناس أكثر من النمو. الناخبون عاجزون عن الشعور بنمو حقيقي في إجمالي الناتج المحلي، لا يرون إلّا التضخّم".
وارتفاع التضخم هو أحد القضايا الملحّة التي يحتاج حزب اردوغان الحاكم إلى معالجتها إذ أدّت الأزمة إلى تراجع معدلات التأييد له إلى أدنى مستوياتها التاريخية في الفترة السابقة لانتخابات العام المقبل.
ولم يعد قادة المعارضة وعدد كبير من الأتراك يثقون بالأرقام الرسمية الحكومية.
وأظهرت دراسة شهرية موثوقة نشرها خبراء اقتصاد مستقلون من معهد "إي إن إيه جي" التركي للأبحاث ارتفاع الأسعار بنسبة أعلى مقارنة بأرقام وكالة الإحصاء.
وقال المعهد إن المعدلات السنوية الرسمية لارتفاع أسعار الاستهلاك وصلت إلى 186,27% في أيلول/سبتمبر مقارنة بـ181,37% في آب/أغسطس.