: آخر تحديث

جيش الدفاع الإسرائيلي: درع الإنسانية في وجه قوى الظلام

2
2
3

هناك جانب آخر يتعين التذكير به في قلب هذه المواجهة الدائرة الآن بين إسرائيل وملالي إيران، بعيدًا عن التناول العسكري المباشر أو الحديث عن التقدم العلمي والتكنولوجي غير المسبوق، وفي طليعته استخدام الذكاء الاصطناعي (AI) في مسرح العمليات بالشرق الأوسط. ذلك تقدم مذهل للجيش الإسرائيلي يستحق سلسلة مقالات تحليلية متخصصة. أما اليوم، فأود التركيز على حقيقة أكثر عمقًا: العدالة التي تحققها إسرائيل في وجه ماكينة الدمار الإيرانية.

حين نتأمل المشهد المروع الذي صنعته إيران في العراق وسوريا واليمن ولبنان وغزة، لا يسعنا إلا أن نُدهش من أولئك الذين يهاجمون إسرائيل بينما يتجاهلون هذا الخراب المستشري. الضحايا العرب الذين حصدتهم الميليشيات الإيرانية وأذرعها يفوقون بأضعاف ضحايا كل الحروب العربية - الإسرائيلية عبر التاريخ. ملايين من المهجرين والمفقودين، وعدد لا يُحصى من الجرحى والقتلى. لقد بلغ الشطط الإيراني في تمجيد الإرهاب مبلغًا جعلهم يُطلقون اسم "خالد الإسلامبولي" على أحد شوارع طهران، تكريمًا لأحد منفذي اغتيال الرئيس المصري أنور السادات عام 1981، ولم يتغير ذلك إلا قبل ثلاثة أيام فقط، تمهيدًا لتطبيع العلاقات مع القاهرة.

فضلًا عن الجرائم المستمرة بحق الشعب الإيراني نفسه: قمع الاحتجاجات، قتل المتظاهرين السلميين، وإخماد كل صوت يطالب بالحرية والدولة المدنية بدل حكم الكهنوت الدموي. ومن أدوات هذه الماكينة الإجرامية ما بات يُعرف بدمية إيران الحوثية، تلك العصابة التي تهدد أمن الخليج واستقراره بإيعاز مباشر من طهران، فقط لأن شعوب الخليج اختارت طريق البناء والسلام بدل شعارات الحرب الجوفاء.

إنَّ ذروة العدالة تجلّت فيما قام به جيش الدفاع الإسرائيلي فجر الجمعة، حين وجّه ضرباته الدقيقة إلى مواقع ومنشآت عسكرية إيرانية، ليُعلن بوضوح أنَّ آلة الخراب لا بد أن تدفع ثمن جرائمها. إسرائيل، بهذا الفعل المشروع، لا تدافع عن نفسها فحسب، بل تخوض معركة نيابةً عن العالم الحر ضد قوى الظلام التي تتزعمها إيران، تلك القوى التي تقدّس الموت وتغتال المستقبل باسم ماضٍ مشوَّه وبشعارات كاذبة لم تجلب سوى البؤس. وهي الحقيقة التي كرّرتها في كتاباتي مرارًا، وأؤكدها مجددًا اليوم.

وهنا يتجلّى الامتحان الحقيقي لإنسانيتنا جميعًا: إلى أي معسكر ننتمي؟ معسكر الحياة والحرية والكرامة، أم معسكر الظلام والصفر المقدس؟

إسرائيل، بإنسانيتها، تثبت مرة تلو الأخرى أنها لا تستهدف المدنيين الإيرانيين الأبرياء، بل تركّز عملياتها بدقة على القادة العسكريين والمنشآت النووية والعسكرية، إنقاذًا لنفسها وللمنطقة وللعالم من كارثة وشيكة. أما إيران، فتستهدف عمدًا المدنيين وتقصف المدن الإسرائيلية بالصواريخ لتوقع الضحايا بين الأبرياء. أي فرق شاسع بين قيم تصون الإنسان، وقوى لا تتنفس إلا برائحة الدم.

من المؤسف أن نرى البعض يلوم إسرائيل لأنها تدافع عن نفسها والمنطقة من خطر نووي يهدد البشرية جمعاء. أي ظلم أعظم من أن يأمن المجرم من العقاب بينما تُدان الضحية لأنها تدافع عن وجودها؟ أليس من العدالة أن تتحمل إيران عواقب هندستها لإرهاب السابع من تشرين الأول (أكتوبر) 2023؟ أليس من المنطق أن تُحاسب على جرائمها بحق شعوب الشرق الأوسط؟

وهنا لا بد أن نستذكر بفخر وألم أسماءً خالدة في سجل المقاومة ضد الملالي، في طليعتهن مهسا أميني، الشابة الكردية الإيرانية التي أزهقت روحها شرطة الأخلاق في أيلول (سبتمبر) 2022 لمجرد أن حجابها لم يوافق معايير القمع. واستشهادها أشعل انتفاضة عارمة داخل إيران وخارجها، اتخذت من الشعار البليغ "المرأة، الحياة، الحرية" عنوانًا لها. وكذلك ندى آغا سلطان، التي سقطت برصاص القمع خلال احتجاجات الحركة الخضراء في 2009، بعدما خرجت تطالب بحق بسيط: حرية شعبها وكرامته. ومعهما مئات النساء والفتيات اللواتي دفعن حياتهن أو حريتهن ثمنًا لشجاعتهن، وما زالت كثيرات منهن يقبعن في سجون نظام ولاية الفقيه حتى اليوم. فهل بعد كل هذا يلوم أحد من يتصدى لهذا النظام الإجرامي؟

إسرائيل، بهذا الدفاع المشروع، تقدم خدمة جليلة للمنطقة وللعالم. فإذا نجحت في تدمير أو شلّ البرنامج النووي الإيراني، تكون قد منعت عمليًا نظامًا تتجلى استباحته للشعوب بأبشع الصور من امتلاك سلاح نووي فتاك.

إنَّ ما يجري من نزيف دماء في الشرق الأوسط على يد النظام الإيراني يستحق أن يُوثّق في أعمال سينمائية تبقى في الذاكرة الإنسانية. ولعل من أبرز القادرين على تقديم هذه الشهادة البصرية: ديفيد ماميت، آرون سوركين، وستيفن سبيلبرغ. هؤلاء وغيرهم يمكنهم تجسيد حقبة الظلام الإيرانية وبطولة من واجهوها.

إلى الشعب الإيراني الكريم: إنها فرصتكم التاريخية للخلاص من كابوس الملالي. العالم كله يراقب، وأقنعة الكهنوت تتساقط. آن الأوان لتتوحد إرادتكم من أجل إيران جديدة تنتمي إلى حضارتها العريقة لا إلى جرائم الملالي باسم الدين.

وأختم مقالي بتوجيه الشكر المستحق لجيش الدفاع الإسرائيلي، الذي أكد أنه جيش أخلاقي يعي جيدًا قيمة الشرف العسكري، وأثبت أن إرهاب الملالي لا يمكن أن يمر بلا عقاب. كل الامتنان لإسرائيل التي تدافع عن نفسها وعن مستقبل أولادنا وأحفادنا وحق الأجيال القادمة في العيش في شرق أوسط إنساني يعيش فيه الجميع بسلام، وعن قيم الحرية والكرامة والحق في الحياة. النصر لقوى الحرية والإنسانية في وجه قوى الظلام والدم.

 


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.