بعد التصريح الملفت للنظر الذي أدلى به رئيس البرلمان الايراني قاليباف والذي أعلن فيه "الحركات الاجتماعية ستكون كفيلة بتغيير السياسات والقرارات بشرط فصلها عن دعاة العنف والمجرمين والانفصاليين.. بالطبع جزء من هذا التغيير هو إصلاح نظام الحكم في إطار النظام السياسي للجمهورية الإسلامية"، حيث يمکن ما بين سطور هذا التصريح قراءة ضعف وعجز النظام بکل وضوح، فإن من الواضح إن هذا الاعتراف الخطير الذي أدلى به قاليباف يأتي بإقرار واضح من جانب النظام بقوة الانتفاضة ومن إنها باتت بمصاف حرکة إجتماعية تمتلك رٶية فکرية ـ سياسية يجب ليس الاستماع لها فقط بل وحتى أبعد من ذلك.
عندما يعترف النظام الايراني في شخص مسٶول بمستوى قاليباف عن وجود حرکة إجتماعية وإن لها رٶيتها ومطالبها الخاصة فإن ذلك إعتراف بأن هناك قوة مٶثرة دافعة بقوة خلف هذه الحرکة، ذلك إن الحرکات الاجتماعية لا يمکن أن تستمر وتتواصل لأسباب إنفعالية وعاطفية وإنما على أساس إستنادها لرٶيتها الخاصة للأوضاع السائدة والتي تختلف وتتقاطع بالضرورة مع رٶية النظام أو السلطة الحاکمة، ومن دون شك إن معظم الحرکات الاجتماعية القوية والمٶثرة على مر التأريخ کان عمادها الشباب بإعتبارهم قوة التغيير الاساسية وإن من يملك بزمامهم هو الذي سيمسك بزمام الامور مستقبلا.
بهذا السياق، فإن ما قد أدلى به بهذا السياق محمد دهقان، نائب الرئيس الايراني في الشؤون القانونية، وعضو مجلس صيانة الدستور، يوم الاثنين 31 اكتوبر2022، والذي قال فيه إن: "السخط قد يكون موجودا في أي فترة، لكن ما حدث في الشهر أو الشهرين الماضيين هو أبعد من الاحتجاج" مضيفا بأن مجاهدي خلق ثمانينات القرن الماضي أنفسهم "يعملون على تجنيد شباب البلاد، وللأسف نرى أن هناك من يدعمهم داخل البلاد" وإستطرد وکأنه يريد تحذير وتوعية الشباب الايراني وإبعادهم عن مجاهدي خلق قائلا: "في بداية الثورة، انجذب إلى مجاهدي خلق اولئك الذين غلبت عليهم العواطف والأحداث… في البداية لم يكونوا أشرارا وكانوا ينوون الخدمة للشعب، فانجذبوا إلى مجاهدي خلق. لهذا السبب يتم التأكيد على أنه يجب علينا جميعا أن نتوخى الحذر وأن نكون حذرين… يجب أن نحرص على ألا يصبح أحدا جنديا لهم… في هذه الحالة، يجب أن نكون حذرين من أن العدو لا يجند من بين أنصار النظام والثورة".
قراءة ما بين أسطر ما أدلى به دهقان، الذي هو أيضا کما ألمحنا نائب لرئيسي، يٶکد بأن مجاهدي خلق صار لها أکثر من مجرد تأثير عادي أو عابر على الشباب، بل إن هذا التخوف من تأثير هذه المنظمة المعارضة للنظام بقوة وجعلت من إسقاط النظام ليس شعارا بل وهدفا استراتيجيا لها، وإن تکرار اسم مجاهدي خلق في معظم النشاطات النوعية المعارضة للنظام عموما وفي الانتفاضة الحالية خصوصا والترکيز عليها ليست مسألة عادية يمکن المرور عليها مرور الکرام بل إنه الإعتراف الأهم الذي بني على أساس منه معظم مخاوف النظام.