: آخر تحديث

مُحبطات مرَضية أم منشّطاتُ رياضية؟!

31
32
26

في ظاهرة ملفتة للنظر بدأت تعمّ أوساط شبابنا في الآونة الأخيرة هي تعاطي المنشّطات الرياضية لأجل الحصول على عضلات بارزة منتفخة تُشعرهم بالزهو والخيلاء بين أصدقائهم ومعارفهم دون ان يعلموا بان هذه العقاقير ذات تأثير عكسي على أعضاء الجسد والأعصاب نظرا لما تسببه من مضاعفات سلبية خطيرة للدماغ وتعطيل وظائف  الكبد والجهاز التناسلي وربما يؤدي كثرة تعاطيها الى تمزّق هذه العضلات وتشنّجها على المدى البعيد ولا يُستبعد ان تؤدي تلك الممارسات الى الموت لو أفرط  الشاب المستهلك في استخدامها وتعاطيها الى حدّ غير معقول.
نعرف كلنا ان تلك المنشطات تعتبر من الممنوعات في المباريات الرياضية عموما لخروجها عن الهدف السامي والتنافس المشروع بين اللاعبين وربما يتعرض اللاعب الى عقوبات رادعة أخفّها استبعاده من المباريات لمدد قد تطول سنين فيما لو اكتُشف تعاطيه.
يبدو ان شبابنا اليوم قد ابتعدوا كليا عن الطرائق الصحيحة والسليمة في كيفية بناء اجسامهم واستسهلوا اسلوب تناول المنشطات باعتبارها اسرع الطرق وأسهلها للحصول على جسم رياضي رشيق وقوام ساحر يبهر أنظار المقرّبين منهم وبالأخص الجنس الناعم؛ فتركوا التدريبات الصحيحة الناجحة ولجئوا إلى وسائل ضارة وخادعة لا تُرينا سوى المظهر الجاذب والعضلات المفتولة بسبب الاستخدام المفرط لهذه العقاقير الكيميائية المصنّعة من الهرمونات الحيوانية.
فهل يعلم ابناؤنا الشباب فتية الغد المقبل وولاة أمورهم والمعنيّون بالطبّ الرياضي والمربّون ان هذه العقاقير الهرمونية الحيوانية مستخرجة من رؤوس الحيوانات النافقة والميتة كالكلاب والقطط وبقية الثدييات؟؟؟؟!!! والتي غالبا ما تؤدي الى حدوث امراض خطيرة جدا مثل إضعاف وظائف الكِلْيتين وتضرر البروستات وتساقط الشَعر وربما إنهاك القلب شيئا فشيئا وتفاقم الامراض فيه الى درجة تجلّطه ناهيك عن التأثير السلبي على الدماغ واحتمال تجلّطه ايضا في حالة الهوس باستخدام هذه المنشّطات.
وفي تقديرنا ورؤانا كآباء ومربّين بان الطريقة الأسلم لبناء اجسام رياضية رشيقة وقوام بارز وعضلات مفتولة صحيحة النمو هي في مراعاة اساليب التغذية السليمة اولا ومن ثم اجراء التمارين والتدريبات تحت رعاية مختصين رياضيين أكفّاء لهم باع طويل في هذا المجال.
ثمّ ما هي أسباب فوضى انتشار دكاكين بيع تلك المنشّطات – دون منح أية إجازات او ترخيصات من الدوائر الصحية المعنية بالأمر أو وزارة الرياضة والشباب -- والتي نرى تلك الدكاكين في كلّ مكان بعد ان كانت مقتصرة على الصيدليات والمحلات المهتمة بالأجهزة الرياضية؟!. وهذا ما أثار انتباهنا في أماكن عديدة في معظم بلادنا العربية ودون أية رقابة من جهات صحية مهتمة بالأمر.
فنحن لم نلمس ايّ دور لهذه الدوائر المعنية بمراعاة صحة فتيتنا وشبابنا  لتنظيم عمليات توزيعها وفقا للحاجات الضرورية الماسّة والحدّ من تسويقها بهذه الفوضى العارمة بحيث اخذ معظم الشباب يتعاطاها وكأنها فاكهة القوة وغذاء بلسما لنموّ العضلات الزائفة.
ليت شبابنا وفتياننا  يعلمون ان الهرمونات التي ينشدونها هي اصلا موجودة في جسد الانسان سواء كانت ذكرية او انثوية وهي تعمل دوريا على تنظيم عملية الافراز بصورة دقيقة بواسطة الغدد المنتشرة بأنحاء الجسد؛ تماما مثلما يفرز هرمون الانسولين لتنظيم نسبة السكّر في الدم؛ وإذا أُحسن استخدام هذه الهرمونات الطبيعية فإنها تكفي لبناء جسم سليم وتساعد على ابراز عضلات نامية مفتولة (وليس ورما شكليا) الى ان تتجدد الخلايا البروتينية وتعمل على تخفيض ضغط الدم وتنظيم نسبة السكّري حتى يكون الجسم مبنيا على اسس سليمة ويتعافى ومن ثم يكون الشاب بصحة جيدة بلا أية منشطات كيميائية مصنّعة في مختبرات الموت البطيء او هرمونات حيوانية لا تناسب ابدا شبابنا الطامح الى قوام رشيق صحي لا الى هيكل يوحي لك ظاهريا بالزهو والقوة ولكنه مليء بالسقم والانتفاخ والأورام الكيميائية في الداخل.
فالرياضة عقل سليم قبل ان تكون جسما سليما وما حباه الله الصانع العظيم يفوق كثيرا ما أنتجته المعامل والمصانع التي تهدف أولا وأخيرا الى تحقيق أرباح واستنزاف جيوب المستهلكين.
فيا أبناءنا  الشباب؛ لا تفرغوا جيوبكم من المال من أجل أن تملأوا أجسامكم أسقاما لا يحمد عقباها.


[email protected]

 

#فضاءـالرأي


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في فضاء الرأي