على الرغم من مرور سنين طويلة على الطائفية والتطرف وظن البعض أن هذه الأمور قد انتهت ولكن أصبح الأمر مزمن كما هي الأمراض المزمنة التي لاتنتهي وها نحن نلاحظ المنشورات التي تحوي خطاب كراهية وتحريض طائفي وعنصري واستقطاب فئوي، تحصد أعلى نسب تفاعل ومشاركة في العراق وفي تزايد مستمر عام بعد آخر.
الدلالات تعني أن المجتمع ما زال يعاني من أزمات وجودية تجعله يميل للتحريض ضد بعضه البعض ويرفض من ينتهج خطاب إنساني معتدل ويحاول إسكاته، مع استمرار مغذيات هذا السلوك السيئ سياسياً وإعلاميا وحتى منزلياً على مستوى التربية الأسرية.
لن نستطيع أن نعيش الحياة في هذا البلد دون قناعة تامة بقبول بعضنا البعض وفق مبدأ المواطنة والإنسانية بعيداً عن فكرة إلغاء الآخر وشيطنته.
أن الطائفية لم تنبع من مؤسسات الدولة الاستقلالية نفسها، وإنما أتت إليها من خارجها، فهي أحد أبعاد الأزمة الوطنية الشاملة، وليستأزمة قائمة بذاتها، ولا حتى البعد الرئيسي فيها. وهذا يعني أن الطائفية، على الرغم من تحولها إلى إستراتيجية رئيسية عند بعض القوى الاجتماعية للدفاع عن مصالح وامتيازات ومكاسب استثنائية وتكريسها، ليست ظاهرة مستقلة، ولا يمكن دراستها بمعزل عن الأوضاع السياسية والاجتماعية.
إنها تشكل بعدا من المسألة السياسية والاجتماعية، وهي مرتبطة بها ارتباطا عميقا وليس لها من دون هذا الارتباط حظ في الحياة والبقاء. وهي لا تملك حتى الآن، على الأقل، أي ديناميكية مستقلة، ولا تعمل إلا مقنعة ومن وراء حجاب. ويعني كل هذا، أنه من غير الممكن فهمها بمعزل عن السياق الاجتماعي والسياسي الذي نشأت فيه في العقود الماضية.
وهذا ما يعني عمليا تفكيك عرى التلاحم المجتمعي وتحويل الممسكين بالسلطة والشأن العام، أنفسهم، داخل أجهزة الدولة ومؤسساتها، إلى طائفة وحيدة، محتكرة للسلطة والثروة جميعا، بصورة نهائية، في وجه شعب أفرغ من أي علاقة اجتماعية، وتحول إلى ذرات لا تعمل ولاتتحرك ولا تفكر ولا تشعر إلا عبر طائفة السلطة وبإرادتها وأوامرها وهذه الأفعال تؤدي إلى تصادم حقيقي مع الطوائف والقوميات الأخرى وهذا ما تسعى إليه الحكومات المتعاقبة التي حكمت العراق بالسنوات الأخيرة فهل سيبقى الحال كما هو عليه أم سيتغير.؟
الطائفية تتصدر الموقف
مواضيع ذات صلة