: آخر تحديث

قمة العلا.. عودة المياه إلى مجاريها

80
64
61
مواضيع ذات صلة

القمة التاريخية التي انعقدت الأسبوع الماضي، في منطقة العلا بالمملكة العربية السعودية، منهيةً مقاطعة دامت سنوات ثلاث، أتت في ظل استشراف جديد يضع الماضي خلفه، ويتجه نحو مستقبل جديد في سنة جديدة، ووسط ظروف سياسية جديدة، في المنطقة والعالم.

اليوم وبعد تجربة كورونا وما أصبح عليه العالم من تهديد اقتصادي، وكذلك بعد التحول الجديد في الولايات المتحدة، ومع بقاء التهديدات الإيرانية في منطقة الخليج، ثمة العديد من الاستحقاقات التي تفرض موقفاً خليجياً واحداً لمواجهة تحديات مصيرية لازالت تلوح في أفق منطقة الخليج.

لا تحتمل العلاقات الخليجية، بعد اليوم، أي شرخ في ظل الواقع الجديد للمنطقة. فمجلس التعاون الخليجي الذي أصبح بمثابة جسم وحيد للعمل العربي المشترك في منطقة الخليج، بعد أن انهارت كل منظومات العمل العربي المشترك في المشرق والمغرب، يستحق أن يعود بكامل طاقته للعمل العربي الخليجي المشترك، رغم التحديات الصعبة التي تتقاذف منطقة الشرق الأوسط بعد عقد من الاضطرابات التي عمت المطقة منذ ما سمي بالربيع العربي.

يحتاج الخليجيون إلى أكثر من ملف للعمل المشترك، سواء عبر المشاريع البينية المشتركة، أو السوق الخليجية المشتركة، أو توحيد العملة الخليجية، أو كذلك الربط بشبكة سكك حديدية وغيرها من المشاريع العملاقة لتمتين أواصر العلاقات البينية لشعوب الخليج. لقد فرح العرب وشعوب الخليج جميعاً بقمة العلا في المملكة العربية السعودية، بعد أن بدا للجميع أن الحاجة إلى التعاون أهم من القطيعة، وأن الاتفاق في البيت الخليجي أهم بكثير من الاختلاف. وبعد أن أدركت كل دولة على حدة حاجتها الضرورية إلى شقيقتها في أكثر من ملف جامع.

استهداف الخليج هو استهداف واحد فما يجمع بين شعوب الخليج أكثر بكثير مما يفرقها، فهي شعوب متجانسة لغوياً واجتماعياً ودينياً، واقتصادياً، الأمر الذي يعكس مدى حاجتها إلى بعضها البعض. كما يعكس في الوقت نفسه، كم سيكون أي فراغ أو قطيعة في العلاقات البينية بالضرورة على حساب دول المجلس جميعها. لهذا فإن تقديم العلاقات البينية الخليجية ينبغي أن يكون أولاً في نسج التحالفات والسياسات، لأن أي شرخ في جدار الخليج يمكن أن يكون سبباً في انتقال الأزمات للخليج كله.

ولهذا فإن في جملة القرارات الفورية التي تم اتخاذها في كل من المملكة العربية السعودية والامارات وقطر بخصوص فتح الأجواء والمعابر وعودة التواصل والتنقل كما كان الوضع ما قبل 5 يونيو 2017 كانت قرارات حاسمة ودالة على النوايا الصادقة في طي صفحة الخلاف والقطيعة واستشراف غد مشرق من العلاقات البينية المنتجة.

لطالما كان الخليج دائماً مهماً للمنطقة العربية، لا سميا الدور الكبير للمملكة العربية السعودية وشقيقاتها بالنسبة للوضع العربي الذي يشهد ضعفاً شديداً بعد التجارب المريرة التي مر بها إثر ما سمي بعقد الربيع العربي.

إن قدرة بلدان الخليج على دعم الدول العربية والوقوف إلى جانبها أمر لا يحتاج إلى مبرر وسيكون هذا الدعم أكثر فعاليةً إذا كانت السياسة الخارجية لمجلس التعاون الخليجي تجاه الأشقاء العربي أكثر قوة وفعالية، وذلك لا يكون إلا بوحدة دول المجلس .

ومن هنا نظن أن هذه القمة الخليجية التي أعادت المياه إلى مجاريها بين دول الخليج، بداية لاستعادة العافية في جسد العمل العربي المشترك انطلاقاً من الخليج. لأن التحديات العربية في حقيقتها تحديات مشتركة ولا يمكن فصلها عن بعضها البعض، ولهذا فإن الحاجة إلى مجلس التعاون الخليجي ضمن العمل الموحد والفعال هي حاجة ضرورية لدو الخليج وللعرب أجمعين.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في فضاء الرأي