: آخر تحديث

"من تعب ليستريح"!

57
63
56
مواضيع ذات صلة

المفترض أنّ لا خلاف على أنّ بعض العرب قد أتعبتهم فلسطين وقضيتها، وبالطبع وبالتأكيد ليس كلهم، فالقضية الفلسطينية على مدى مراحل التاريخ حتى عندما كانت تعتبر الدولة العثمانية نفسها دولة الخلافة الإسلامية وقبل ذلك بكثير بقيت قضية عربية، وهذا مع أنّ مع هؤلاء الحق كله في إن هذه القضية "المقدسة" حقاًّ هي أيضاً ولا جدال في ذلك قضية إسلامية وقضية مسيحية، وحيث إن أخذنا في الإعتبار الدين في هذا المجال فقد جاء في كتاب الله المنزل: "سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير.."، ففي هذه المدينة التي هي أول قبلة إسلامية، بالإضافة إلى ما جاء في الآية الكريمة قبة الصخرة المشرفة ومسجد عمر.

 وأيضا فيها بالنسبة للمسيحيّين العرب كنيسة القيامة وأماكن تراثية تاريخية أخرى، وهذا بالإضافة إلى أنّ هذه المدينة بقيت وعلى مرِّ حقب التاريخ ذات هوية عربية، وأن إحتلالها من قبل غزاة كثر من بينهم: "الفرنجة" وقبل ذلك من قبل الرومان وبعد ذلك من قبل البريطانيين كان يشكل وهو لا يزال في ظل الإحتلال الإسرائيلي "الصهيوني"، تحدٍّ للأمة العربية كأمة .. بمسلميها ومسيحييها وهذا كان سابقاً ولاحقاً وحتى الآن.

ولهذا فإنّ خطوة ضم هذه المدينة المقدسة إلى إسرائيل يعتبر تحدياًّ للعرب، مسلمين ومسيحيين، وحقيقة ويعتبر تحدياًّ للمسلمين والمسيحيين في أربع رياح الأرض، وهنا فإذا كانت هذه القضية قد أتعبت "البعض" وعن بعد فإنها بالتأكيد لم تتعب الذين، في الشرق وفي الغرب وفي كل الإتجاهات، والذين يرفضون أي إحتلال لأرض "الغير" بالقوة، وعليه فإنّ المعروف أنّ فرنسا ومعها بعض الدول الأوروبية قد أطلقت تحذيراً للإسرائيليين من أيّ ضم جديد للأراضي الفلسطينية.
وهكذا في كل الأحوال فإنّ المعروف أنّ الفلسطينيين ومعهم بعض العرب قدموا في "كامب ديفيد" تنازلاً تاريخياً تخلّوا فيه عن الأرض التي إحتلها الإسرائيليون بإسناد دوليّ تآمري في عام 1948 وأقاموا عليها دولة إسرائيل، لكن المعروف أنّ "هؤلاء" لم يلتزموا بما وافقوا عليه.. بـ "كفالة دولية" وأنهم زرعوا الضفة الغربية بالمستوطنات، وهذا بالإضافة إلى ضم المدينة المقدسة بما فيها المقدسات الإسلامية والمقدسات المسيحية، وأن بنيامين نتنياهو قد دأب على الإعلان عن أنه سيضم المزيد من الأراضي الفلسطينية في منطقة "الأغوار" ومنطقة مجرى نهر الأردن من الجهة الغربية.

ثم وفوق هذا كله فإنّ المعروف أنّ الإسرائيليين قد بادروا إلى ضم هضبة الجولان السورية التي كانوا إحتلوها في عام 1967  وأيضاً فأنّ هناك شعار: "أرضك يا إسرائيل من النيل إلى الفرات"، وحقيقة أنّ التطلعات الإسرائيلية تنظر إلى أبعد من هذا بكثير وذلك مع أنّ وجودهم حتى في بعض أراضي فلسطين قبل آلاف السنين كان وجوداً عابراً وحيث لم يجدوا حتى "هُمْ" له أثراً لا في القدس ولا في غيرها رغم مواصلتهم "الحفر" و"التنقيب" منذ إحتلال عام 1967، وحتى الآن.. ويبقى أنه لا بد من التأكيد على أن القضية الفلسطينية بأبعادها المتعددة ليست مجرد قضية الفلسطينيين وحدهم وإنما هي قضية عربية، إسلامية ومسيحية، وقضية ضمير إنساني عام، وأنّ الإسرائليين إنْ ليس كلهم فبغالبيتهم أصحاب تطلعات إحتلالية إستعمارية تشمل مناطق عربية كثيرة، ولهذا فإنه غير جائز أنْ يردد بعض الأصدقاء :"لقد أتعبتنا القضية الفلسطينية"!

ونقول لهم إنّ من تعب بإمكانه أن يستريح!!..ويبقى هنا أن مرشدنا بالنسبة لهذه المسألة هو موقف المملكة العربية السعودية الحاسم في إجتماع وزراء الخارجية العرب (الإفتراضي) الأخير في القاهرة.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.