: آخر تحديث

دور الترك في انحطاط العرب

51
49
47
مواضيع ذات صلة

خلال العقد الأخير، لم ينقطع قادة حركة اسلامية تونسية عن  تمجيد نظام الرئيس التركي أردوغان باعتباره نموذجا يجدر بالدول العربية والاقتداء به، والسير على خطاه لتحقيق التقدم والرقي والرفاهية لشعوبها. وفي العديد من التصريحات، أشاد رئيس الحركة المذكورة بسنان باشا الذي قاد الحملة العسكرية التي شنتها الإمبراطورية العثمانية على الاحتلال الاسباني لتونس في النصف الثاني من القرن الثاني من القرن السداس  معتبرا أنه لولاه ل"فقدت تونس اسلامها". ولا تترك هذه الحركة فرصة واحدة لدعم العلاقات السياسية والاقتصادية بين البلدين. بل أنها سعت إلى ادراج تدريس اللغة التركية في البرامج الدراسية التونسية لتعادل بنفس المستوى اللغتين الفرنسية والانجليزية.

وواضح أن قادة هذه الحركة يجهلون، أو هم يتجاهلون  الحقب السود التي عاشها العرب مشرقا ومغربا في ظل الهيمنة العثمانية على بلدانهم والتي امتدت إلى قرون عدة. وللرد على مزاعمهم أعود بهم إلى كتب التاريخ للكشف عن الحقيقة المرة التي يهربون منها، ويتحاشونها. وهذه الحقيقة التي أثبتها كبار المؤرخين بالدليل القاطع تؤكد أن الترك كان لهم دور كبير في انحطاط العرب.

وفي البداية كان أهل الصين يغيرون من جهة الشرق على الترك فيبددون شملهم، ثم يغيرون على حدود المملكة العربية، مثل الاقليم الذي كان يسمى "ما وراء النهر"، وخوارزم فيفتك بهم حكام تلك الأقاليم، ويأسرون منهم رجالا من الترك، ويرسلونهم إلى بغداد.  

وكان المعتصم أول من اتخذ من هؤلاء عسكرا وحرسا له بهدف "تعظيم شوكته على أعدائه". إلاّ أن الترك سرعان ما اخذوا يُفسدون في بغداد، ويدبرون المؤامرة تلو الأخرى.

وهربا من شرهم اختار المعتصم ترك بغداد والإقامة في سامراء. وفي زمن الواثق ازداد فسادهم حتى أن الفوضى شاعت في البلاد بأسرها. وبعد وفاته، اعتلى المتوكل العرش.

وكان، بحسب جل المؤرخين، طاغية سفاحاً، يحرق وزراءه إن هم تجرؤوا على عصيانه، أو انتقاده، ويطلق في قصره الحيوان المفترس على من أراد الفتك به.

وللتخلص من كبار عسكره، دعاهم إلى مأدبة، ثم أحضر من قاموا بذبحهم جميعا.

ولأنه أظهر الحذر منهم، فإن الترك ساعدوا ابنه المستنصر على قتله ليتولى الخلافة بعده شرك أن يَعْهَدَ بالخلافة للمستعين بالله، ويحرم إخوته الآخرين منها لئلا لا يغدروا بهم. فكان ذلك بداية تدخلهم المباشر في شؤون الدولة.

وبسببهم كثرت الخلافات والنزعات وتعددت. وعندما قويت شوكتهم، قتلوا المهدي بن الواثق الذي أراد الضغط عليهم بعد أن عاثوا فسادا وطغيانا في بغداد. وبعذ ذلك،  أخذت عساكر الترك تشعل نيران الفتن في أماكن متعددة. فلما فقدت الحكومة البغدادية احترام حكام الأقاليم القريبة والبعيدة بسببهم، كان للترك بحسب المؤرخين "من الخلافة مسمّاها وللخلفاء اسمها". 

ولما كثرت الحركات الانفصالية التي استقلت عن بغداد، شرع الترك في بسط نفوذهم ليصبحوا في الفترات اللاحقة أمراء مصر، بلاد الشام.

ولتفكيك الخلافة العربية، ألفوا أحزابا ضدها واستقلوا بالحكم ليصبحوا سادة على العرب فلا يجرؤ أحد على الحد من هيمنتهم ومن نفوذهم. وفي عهدم كثر القتل والنهب. وكانوا يعذبون معارضيهم بتجويعهم حتى الموت، أو بسجنهم في كهوف مظلمة، أو برميهم في أوعية كبيرة مملوءة ثلجا، أو هو يفقؤون عيونهم. وكانوا يجبرونهم على ارتداء الثياب البالية والوسخة حتى يكون لهم مظهر المتسولين....

وهكذا كانت بداية انحطاط العرب ليصبحوا أمة مغلوبة على أمرها، يطمع في الهيمنة عليها كل من أراد التوسع على حسابها ليستغل ثرواتها، ويذيقها المذلة والهوان.  

 


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.