عماد الدين أديب
يخطئ من يعتقد أن أزمة غزة مرتبطة بـ «حماس» وحدها، وأن أزمة «حماس» مرتبطة بـ «القسام»، وأن أزمة مقاتلي «القسام» مرتبطة بيحيى السنوار.
ويخطئ أيضاً من يعتقد أن أزمة اللاحل في مفاوضات غزة مرتبطة بإسرائيل وحدها، وأن أزمة إسرائيل مرتبطة بتحالف اليمين، وأن أزمة تحالف اليمين التوراتي مع الليكود مرتبطة ببيبي نتنياهو وحده.
ويخطئ من يعتقد أن أزمة الدور المرتبك للإدارة الأمريكية مرتبطة بالحزب الديمقراطي، وأن أزمة الحزب الديمقراطي مرتبطة بالإدارة الحالية، وأن أزمة الإدارة الحالية مرتبطة بجو بايدن وحده.
باختصار: لو اختفى فوراً كل من يحيى السنوار وبيبي نتنياهو وجو بايدن فإن الأزمة ستظل محتدمة ومعقدة، وسوف يستمر الصراع الدموي فارضاً نفسه بقوة، مهدداً بأخطار مخيفة.
لماذا؟ أليست السياسة مرتبطة برغبات وأفكار وقرارات الساسة والقادة؟
الإجابة نعم، ولكن هؤلاء الساسة، على اختلاف مصالحهم وجذورهم وأفكارهم ومشاربهم السياسية، كلهم يرتبطون بقواعد حاكمة للأنظمة التي يعبرون عنها.
هذه القواعد المنظمة للعبة السياسية هي أكبر بكثير من دور اللاعب، كائناً من كان.
هذه القواعد هي قواعد تاريخية تأسيسية حاكمة، تتجاوز الأشخاص والأحزاب والأحداث المؤقتة والطارئة.
هذه القواعد هي استراتيجيات متأصلة، أقوى تأثيراً من أي مناورات ضيقة، أو تكتيكات صغيرة.
لذلك، نقول الآتي:
1 -«السنوار» يتحرك من منطق وجوهر جماعة الإخوان المسلمين «السنية»، التي تحالفت مع فكر الحرس الثوري الإيراني، الذي يؤمن بدولة «الولي الفقيه»، الذي يتعين عليه إعداد الدولة الثورية في المنطقة، لحين عودة الإمام الغائب.
2 -نتنياهو يؤمن بفكر «جابوتنسكي»، الذي تأسس عليه فكر «الليكود»، الذي يعتقد أن أرض فلسطين هي حق تاريخي للدولة العبرية، من البحر إلى النهر، وأن دور اليهودي المخلص هو منع قضم هذه الأرض المقدسة وتسليمها إلى الفلسطينيين.
باختصار، رفض أي مشروع يؤدي إلى مشروع الدولتين.
3 - «بايدن» هو نتاج الحزب الديمقراطي، وهو الحزب الذي عُرف تاريخياً باحتضان الأقليات الأمريكية من كل جنس ولون وعرق، بمن فيهم اليهود الأمريكيون.
ويدرك بايدن، بخبرته التاريخية، أن مسألة بقاء إسرائيل قوية ومتفوقة على كل من في منطقة الشرق الأوسط هي مسألة جوهرية داخلية، لازمة وأساسية لاختيار وفوز أي مرشح أمريكي «رئيس – نائب – سيناتور – حاكم – شخصية عامة».
بالتالي، مهما بلغ تأثير اللاعب ودوره في مسار الحرب والسلام فإن قواعد اللعبة هي الأهم والأكثر تأثيراً.