: آخر تحديث

العالم يدخل مرحلة حرجة

9
5
6

بينما قررت أطراف بعينها، من بينها الدول العربية، التعامل مع حرب فلسطين الدائرة حالياً كقضية محدودة ومحددة المكان والزمان، حدثت تطورات، ووقعت أفعال كشفت عن أن التفاصيل اليومية لحرب غزة والضفة الغربية ليست سوى القمة الظاهرة من جبل جليد. جبل عامر بالأساطير، والخرافات، والغرائب، وبقصص من الكتب الدينية، وبجماعات استيطان يهودية إرهابية، أو عصابات إجرامية من بروكلين الأمريكية، ومثيلاتها في شرق أوروبا وفرنسا، ومن ألمانيا، عامرٌ أيضاً بخطط بدت كما لو كانت دُبّرت بعناية قبل شن الحرب ضد الضفة الغربية، ثم ضد غزة، لتفريغهما. من هذه التطورات والأفعال والغرائب المهمة والمؤثرة، وهي كثيرة، اخترت ما يلي:

أولاً: استمرار القتال في غزة إلى ما بعد المئة يوم

كانت المعركة، ولا تزال، تدور بين أفراد، أو مجموعات منهم من ناحية، ومن ناحية أخرى، دولة كان جيشها فخرها، وأمريكا القطب الأوحد حليفها، أقصد شريكها والمتواطئ معها، تخطيطاً وتنفيذاً، وحماية من حاملة طائرات يرافقها أسطولها. وكادت المعركة، باستمرارها وخسائرها على الجانب الإسرائيلي وبطولة مقاتليها على الجانب الفلسطيني، تستحق في صفوف مفكري العرب وعامتهم صفة الملحمة، كما كان يروى عن بعض حروب الأقدمين.

ثانياً: حكاية ألمانيا

لعلها الحكاية الأكثر تعقيداً على الفهم، والتعامل فيما صار يعرف بمجتمع حرب غزة. فهمنا الموقف الأمريكي، وفهمنا الموقف البريطاني، ولم يفهم أكثرنا التعقيدات الغريبة في الموقف الألماني. يجد بعضنا صعوبة في تفسير هذا الالتصاق الألماني الشاذ بإسرائيل،. أظن، ولن أكون مخطئاً، أن ألمانيا فقدت تعاطفنا، وسوف تفقد علاقات طيبة بكثير من أبناء جيلي، وأجيال جاءت من بعدي. زادنا اقتناعاً بسلامة موقفنا، وخطأ الموقف الألماني الغريب، ما حدث من ردّ فعل ناميبيا، إحدى مستعمرات ألمانيا الإفريقية، قبل، وخلال انعقاد جلستي محكمة العدل الدولية المخصصتين لمناقشة الدعوى الرائعة، محتوى وصياغة وعلماً، المرفوعة من حكومة جنوب إفريقيا ضد سياسة إسرائيلية ممنهجة لإجراء عمليات إبادة بشرية لسكان غزة. تبين أن أجيالاً إفريقية وراء أجيال، وأجيالاً عربية وآسيوية، لم يكن قد نما إلى علمها في غمرة عشقها وانبهارها بالصعود الألماني، أن ألمانيا نفسها مارست الإبادة البشرية على نطاق واسع ضد شعب ناميبيا في الفترة ما بين 1904 و1908، أي حتى قبل أن يصل هتلر إلى سدة المستشارية في برلين. ألمانيا، قبل أمريكا وبريطانيا «العظمى»، مطالبة بالتكفير عن ذنب عظيم، وعن ارتكابها فعلاً شريراً بحق شعب فلسطين، ومن قبله شعب ناميبيا.

ثالثاً: غرائب التراث

قرأت أن مسؤولاً إسرائيلياً ألقي في جنوده خطبة حفلت بكثير من غرائب القول والتاريخ، مع احترامي وتقديري للظروف والعقائد التي احتوت على هذه الغرائب، أو بشّرت بها. عدت لأسمع نقلاً عنه، هو وغيره من وزراء التطرف الديني، يدعو جنوده لذبح الفلسطينيين، رجالاً ونساء وشيوخاً وأطفالاً، وكل حيواناتهم الأليفة، تنفيذاً للدعوة الإلهية إلى بني إسرائيل قبل نحو 3500 سنة لإبادة «العماليق»، وفي سردية أخرى أطلق عليهم «الجبارين»، سكان الأرض التي نزل فيها الإسرائيليون، بعد خروجهم من مصر.

جاء في كتب التراث عن عماليق تلك الأيام، وأنقل حرفياً «فالآن اذهب واضرب عماليق، وحرّم كل ما لهم، ولا تعف عنهم، بل اقتل رجلاً وامرأة، طفلاً ورضيعاً، بقراً وغنماً، جملاً وحماراً».

رابعاً: روسيا والصين

بدا لي، ولغيري، صوتهما خافتاً على امتداد حرب الضفة وغزة. تفهمت الأمر. راح اعتقادي إلى أن الدولتين توصلتا مبكراً إلى أن الشرق الأوسط مقبل على تغييرات عظمى. توصلتا أيضاً إلى أن كلاً من إفريقيا وأمريكا اللاتينية، تقفان على فوهة بركان، يوشك أن ينفجر. فقدت أمريكا لمصلحة الصين وروسيا، أرصدة مهمة كانت لها في الشرق الأوسط وأوروبا، والجنوب العالمي.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد