: آخر تحديث

ثارات الانتخابات الأميركية

10
10
9
مواضيع ذات صلة


يبدأ السباق الرئاسي الأميركي إلى البيت الأبيض في ظروف استثنائية وغير مسبوقة الشد والتوتر، لاسيما بين المرشح الجمهوري المحتمل دونالد ترامب وخصمه اللدود الرئيس الحالي الديمقراطي جو بايدن، الذي تبدو حظوظه محدودة، إلا إذا حدث ما لم يكن في الحسبان.


أغلب التوقعات تشير إلى أن المعركة الحاسمة ستكون بين بايدن وترامب، فالأول، الذي تجاوز الثمانين من عمره وتعرف إدارته أزمة داخلية عميقة وتعصف بها أوضاع عالمية متقلبة، ليس واثقاً من الفوز بولاية ثانية وتلقّى تحذيرات بهذا الشأن من أركان الحزب الديمقراطي ومنهم رئيسه الأسبق باراك أوباما. أما الثاني، وهو ترامب، فيعتبر خوض المنازلة ثأراً شخصياً وليس صراعاً بين سياسات حزبين متنافسين. فهذا الجمهوري، الذي لا يعترف حتى بقوانين الحزب الداخلية ويقاطع مناظرات مرشحيه إلى الرئاسة، لا يفوّت مناسبة إلا ويذكر خصمه بايدن بسوء ويكيل له أبشع الاتهامات المشفوعة بالتهكم والسخرية، ويهدد بمحاكمته ونقض كل سياساته الداخلية والخارجية. كما يتوعد حلفاءه الأوروبيين الذين يتهمهم بابتزاز الولايات المتحدة بقطع كل المساعدات، ولا سيما عن أوكرانيا.
كل المؤشرات تؤكد أن نتائج هذه المعركة الانتخابية لها ما بعدها بالنسبة إلى الولايات المتحدة والعالم، فعودة ترامب المحتملة إلى البيت الأبيض، إذا تجاوز العقبات القانونية والقضائية في طريقه، ستحدث انقلاباً جذرياً في أوضاع كثيرة. فداخلياً ستزداد المشادات مع الديمقراطيين شراسة وربما تنفلت من سطوة المؤسسات وتنزلق إلى العنف المباشر. أما خارجياً، فإن تحامل ترامب على حلفاء بلاده وخصومها أيضاً، سيعمق الانقسام العالمي، وربما تؤدي تصريحاته غير المحسوبة والمستفزة في بعض الأحيان كثيراً من الدول إلى النأي بنفسها عن الولايات المتحدة وتسرع اقترابها من المحور الروسي الصيني، الذي يتابع بحماس ما يدور في «أعرق الديمقراطيات»، وبدأ يجني حصاد تخبط الإدارات الأميركية في الخمس عشرة سنة الماضية مع بدء رئاسة أوباما، خصوصاً في منطقة الشرق الأوسط وجنوب شرقي آسيا.

من الواضح أن الولايات المتحدة تمر بأزمة بنيوية عميقة تشمل كل مؤسساتها ومستقبلها، وتضعها في مفترق طرق صعب، وعنوان هذه الأزمة الثقة المفقودة، بدليل أن وزير الدفاع لويد أوستن مرض ومكث أياماً في العناية المركزة، ولم يكن رئيسه بايدن يعلم ذلك. وهذه واحدة من علامات التداعي الأميركي، وكان يمكن ألا تحدث في دولة مثل الولايات المتحدة جيوشها مستنفرة وتواجه حروباً معلنة وخفية على امتداد العالم. أما نهاية الصراع المفتوح بين بايدن وترامب فقد تكون العلامة الحاسمة لهذا التداعي والسقوط الأشبه بمعارك الكاوبوي وأحقاد فرسان العصور الوسطى.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد