: آخر تحديث

​كتاب فرنسي لندى يافي دفاعاً عن اللغة العربية

33
36
33
مواضيع ذات صلة

صدر في باريس باللغة الفرنسية كتاب "دفاعاً عن اللغة العربية" "Plaidoyer pour la langue Arabe" للكاتبة اللبنانية الفرنسية ندى يافي، وهي مترجمة سابقة رسمية للرئيسين الفرنسيين السابقين فرانسوا ميتران وجاك شيراك، ودبلوماسية فرنسية سابقة تولت قنصلية فرنسا العامة في دبي، ثم سفارة فرنسا في الكويت، ثم أدارت مركز اللغة العربية في "معهد العالم العربي" الذي انشأه جاك لانغ. أهمية هذا الكتاب انه يأتي في فترة من تاريخ فرنسا تشهد تطرف بعض الأوساط اليمينية الحزبية والاجتماعية الصاعدة التي تندد بالهجرة العربية وتتهجم على الإسلام وتخلط بين كل ما يرتبط بالعالم العربي والإرهاب الإسلامي ومن بين ذلك اللغة العربية. 

صدر الكتاب عن دار نشر "ليبرتاليا" وموقع "أوريان 21"، وناشره هو الصحافي والكاتب الفرنسي العريق آلان غريش، الذي قدم المؤلفة ندى يافي وكتابها في معهد العالم العربي في حضور رئيسه جاك لانغ وشخصيات من القطاع الثقافي الفرنسي والخارجية الفرنسية. قالت يافي للحضور: "أردت تأليف هذا الكتاب في رد فعل على نوع من محكمة إعلامية تواجه اللغة العربية في فرنسا بشكل مستمر، وفي ظل هذا الواقع أردت إعادة الاعتبار الى قيمة هذه اللغة التي تعامل أحياناً بازدواجية وغموض". وأضافت يافي أنها ألفت هذا الكتاب بصفتها ممارسة لهذه اللغة وتعمقت في درس استخدامها عبر قراءة مختلف المؤلفات العربية وعبر لقاءات عديدة مع شخصيات مختلفة من المعلمين والصحافيين والدبلوماسيين والكتاب وعلماء اللغة والمؤرخين التقتهم خلال قراءاتها، وكذلك سياسيين.

وشرحت يافي: "لقد رأيت أن هذه اللغة تواجه ازدواجية وغموضاً، ليس فقط لأنها تعامل أحياناً كأنها من المحرمات، ولكن لأنها رمز قيم. فهي في الوقت نفسه موضوع تقدير كما هي أيضاً موضوع تشويه لصورتها، ويسود الانطباع بأن هناك مشكلة مع هذه اللغة العربية، لذا قلت في نفسي إنني أريد، ولو كان صدر سابقاً عدد من الكتب عن الموضوع، التعمق في سبب هذه الازدواجية والغموض إزاء اللغة العربية لمحاولة فهم ما وراء ذلك، خصوصاً أنني لاحظت في الآونة الأخيرة تفاقم الجدل بشأن اللغة العربية". 

 

وذكرت يافي أن اللغة العربية هي فعلاً رمز تقدير، خصوصاً على صعيد القطاع التعليمي حيث تحظى بتقدير واعتبار لا مثيل لهما، فعندما يقال عن شخص إنه نال أعلى شهادة (agrégé) بالعربية كأنه نال أعلى شهادة في الرياضيات. وهي لغة تجذب العديد كتدريب إضافي في التعليم العالي في "بوليتكنيك" وفي معهد العلوم السياسية الفرنسي والجامعات الفرنسية الكبرى. ورأت يافي أن رمزيتها أيضاً تكمن في أنها استخدمت في عهد المشرقيين الغربيين العلمانيين وأعطت مثلاً الـ collège de France الذي يتميز بمشرقيين من مستوى عالٍ جداً يتقنون اللغة العربية وأيضاً الخارجية الفرنسية حيث هناك تقليد لدى عدد من الدبلوماسيين الذين يتقنون اللغة العربية.

0 seconds of 0 secondsVolume 0%

 

وتابعت يافي أن فرنسا تدير عدداً كبيراً من مراكز الأبحاث والثقافة التي كثيراً ما تعتمد على عدد من متقني اللغة العربية في فرنسا أو من العالم العربي. وكشفت أن 150 ألف تلميذ في مدارس فرنسية في الخارج يتعلمون اللغة العربية التي تقدم كخيار للتلامذة في فرنسا خلال سنواتهم الدراسية منذ الابتدائية الى البكالوريا، مؤكدة أن القطاع التعليمي الفرنسي يقدم وحده خيار درس اللغة العربية في أوروبا. وأعطت مثلاً تفوق معهد العالم العربي في العالم في تكريس تعليم اللغة العربية مع الاعتماد على معلميها. وهناك عدد من الكتب عن موضوع الثقافة العربية، وكل ذلك شهادة على اهتمام دائم ومستمر باللغة العربية، بحسب يافي.

لكنّ المؤلفة لفتت الى وجود جدل شديد لا يشهده بلد آخر مثل فرنسا بشأن مسألة تعليم اللغة العربية في المدارس الرسمية في فرنسا. وهذا الجدل مستغرب في رأي الكاتبة ويفتح الباب لبعض الاتهامات المغرضة بأنها لغة تهديد ورهينة للإسلاميين. "ولقد وجدتُ أوصافاً لا تصدق، مثلاً لغة حارقة، وتساءلتُ عن معنى ذلك"، قالت. 

يافي في هذا الكتاب أرادت التحقيق في سبب هذا التناقض بين لغة عربية موضع تقدير واهتمام، ومن جهة أخرى هي موضوع جدل واتهام، عبر لقاءات متعددة مع مؤرخين وعلماء اللغة العربية والصحافيين. ولكنها لفتت الى أن هناك انفتاحاً على تدريس العربية في بعض الأماكن غير المتوقعة، في مدارس في مدينة دوفيل السياحية مثلاً.

والخلاصة أن اللغة العربية مثل لغات أخرى هي موضوع قابل للاستخدام السياسي والأيديولوجي لتحويلها الى نمط مقبول، على سبيل المثال وصفها بأنها لغة قمعية وليست لغة الحب وأنها لغة صعبة لا تشجع على درسها... تحاول يافي في كتابها إزالة هذا النمط السلبي الاتهامي للغة عربية عريقة تحظى باهتمام عالمي رغم جو من التطرف وخلطها بالإرهاب الإسلامي في فرنسا. 


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد