تنظم دائرة الثقافة في الشارقة هذه الأيام، النسخة السابعة من مهرجان الشعر العربي في 3 مدن أردنية، تاريخية عريقة برجالاتها وأعلامها في الأدب والفكر والتاريخ واللغات، والأنساب والتراث.. عمّان العاصمة، وإربد التي يطلق عليها الأردنيون عروس الشمال، ومدينة المفرق المعروفة بوزن أعيان الأدب والشعر والثقافة الشعبية فيها، والمفرق جزء من امتداد البادية الأردنية، وشعراؤها تحديداً أصلاء وكبار في تاريخهم وفي تراثهم الأدبي الأردني، سواء في ثقافة الشعر العربي الفصيح، أو في ثقافة الشعر النبطي الشعبي.
في الأردن عموماً، كما في عموم أقطارنا العربية في شرق وغرب الوطن العربي، هناك المئات من «عمدات» الثقافة العربية وأقطابها المحترمين الكبار، لهم احترامهم واعتباريتهم الثقافية والمعنوية عند الأجيال التالية؛ أجيال الثمانينات والتسعينات وما بعدها من كتّاب وشعراء وروائيين وباحثين.
ويعود هؤلاء الكتّاب عادة إلى أولئك «العمدات» القدامى وإلى مرجعياتهم في التاريخ والأدب، وعلى سبيل المثال لا الحصر، كان عيسى الناعوري (1918 1975) في الأردن من أوائل من ترجم نخباً مهمّة من الأدب الإيطالي إلى العربية، وكان ذلك في ستينات القرن العشرين.
في مهرجان الشعر العربي الذي تنظّمه دائرة الثقافة في الشارقة، بالتعاون مع وزارة الثقافة الأردنية، لا نصغي فقط لصوت الشعر في عمّان وإربد والمفرق؛ بل نصغي أيضاً لصوت التاريخ والثقافة والأدب بصورته العامة في المملكة.
ولعل أبرز رمزيات هذه الصورة الثقافية الأردنية تتمثل في شخصية الشاعر مصطفى وهبي التل (1899 1949) الملقب في الأردن وخارجه ب«عرار»، وهو نوع من الورد عطري الرائحة .
مهرجان الشعر العربي بتدبير منتظم من دائرة الثقافة في الشارقة، يصلنا بالذاكرة الثقافية العربية وتاريخها المادي والمعنوي، من خلال الإصغاء أولاً للشعر في الوطن العربي، وثانياً الإصغاء لثقافات ومرجعيات الأقطار العربية التي تتوحّد تلقائياً وفطرياً على مبتدأ وخبر ديوان العرب.
في الأردن، كما في الأقطار العربية الشقيقة، يمثل الشعر وخاصة في هويته التراثية الخليلية التاريخية الصورة الأولية لثقافة كل بلد عربي. والشعر في هذه الحالة معيار ومقياس وحكم قيمة أدبية للثقافة بشكل عام، والبلد العربي الذي يظهر فيه شاعر كبير يعطي لثقافة ذلك البلد امتيازاً قيمياً وجمالياً بالضرورة، ذلك أن الشعر هو هوية وذاكرة ومعنى، ونموذج إنساني عالمي دائماً.