: آخر تحديث

العربية في يومها العالمي

51
56
68
مواضيع ذات صلة

تحتلُّ اللغة العربية اليوم المرتبة السادسة عالمياً من حيث عدد المتحدثين بها. لكنّها الثانية في فرنسا، والثالثة في بريطانيا، وبتزايد عدد المهاجرين العرب إلى أوروبا تحوّلت مطلباً أساسياً لإدراجها في البرامج التعليمية.

يصفها المختصون بأنها حاملة لنغمات شعرية، ناهيك عن ارتباطها بالقرآن الكريم وما يحمله من قيمة روحية ولغوية فريدة تجعل ترجمته إلى لغات أخرى صعبة جداً، ولعلي أشرت إلى ذلك في مقال سابق عن تجربة الكاتب النّمساوي بيتر هاندكه الذي تعلّم اللغة العربية ليطلع على القرآن ونصوص أخرى حين أدرك أن ترجمتها غير دقيقة حتى حين يترجمها محترفون ممتازون، إذ يصعب عليهم نقل معاني كثيرة بأمانة.

من ميزاتها أيضاً تعدد أوجهها، إذ لدينا فعليًّا نوعان منها، الأول ما يعرف بالفصحى أو النّحوي، والثاني متعدد ولا يمكن حصره في رقم معين هو العاميّة أو المحكية، والتي تختلف على مدى الخارطة اللغوية العربية حتى بين المناطق في البلد الواحد.

علينا الاعتراف أيضاً أن لغات قليلة جداً في العالم لها هذا التأثير الديني، نتحدث هنا عن اللغة القرآنية، لأن العربية ما قبل القرآن شيء وما بعده شيء آخر، فما سبق الرسالة المحمدية لغة تولّدت من لغات أخرى أسّست لتاريخ شعري عريق، وهي لغة تشبه كل اللغات في تطورها وتأثرها بلغات بشرية أخرى، أمّا الحدث القرآني فهو استثنائي جداً ليس فقط في حمولته الروحانية، بل في مستوى الفصاحة الذي بلغته اللغة.

معروف أيضاً أن اللغة العربية تُكتب من اليمين إلى اليسار لكن نادراً ما ينتبه أحدهم أنها في الوقت نفسه تكتب من الأعلى للأسفل، فالكلمات يتغيّر نطقها حسب موقعها في الجملة وتحتاج للتنقيط وللتحريك حتى تُنطق جيداً ويُعرَف معناها الحقيقي. يخلص أهل الاختصاص إلى نتيجة مفاجئة حتى للعرب أنفسهم وهي أن اللغة العربية لم يعد فيها 28 حرفاً بل 112.

أمّا أنواع الخطوط فتُحدّد بخمس وعشرين نوعاً، لكن كل نوع تندرج تحته أنواع كثيرة، يقال إن الخط الكوفي مثلاً يضم ثلاثة أنواع، وهناك رأي يقول إنها أكثر وقد تصل لسبعين نوعاً، ربما هي مبالغة، لكن انطلاقاً من سفر الحرف العربي من الحجاز إلى المغرب يمكننا تخيّل مدى تأثره كتابياً بحِرَفيَّة الأيدي التي خطّته، والإضافات التي أُضِيفت إليه من خلال المدارس التي تنقّل بينها.

شهدت العربية منذ القرن السابع ميلادي مراحل مزدهرة وأخرى منحدرة من وجودها إلى أن بدأت تعاني من اغتراب ثقافي منتصف القرن الماضي ازداد حدةً في أواخره، لأسباب عديدة منها عجز العالم العربي عن إنتاج ثقافة إنسانية وعلمية معاً.

علمياً لا يمكن إنعاش لغة والنهوض بها من خلال التعامل بعدائية مع لغات أخرى، فالنسيج البشري اليوم يحتاج لفسيفساء لغوية متنوعة تحترم كل لغات العالم.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد