كلما طال أمد وقف إطلاق النار، كما يقول مايكل كلارك، كلما زاد الضغط على حكومة الحرب في تل أبيب لتمديده والاستمرار في تبادل الرهائن
إيلاف من بيروت: إن وقف إطلاق النار المؤقت والإفراج عن الرهائن والسجناء سوف يأتي بمثابة ارتياح يرحب به الناس على كافة أطراف الصراع في غزة بعد 51 يوما شرسا. ولكن على الرغم من هذه الأخبار الإيجابية، فإن تعامل إسرائيل مع أزمة الرهائن يشير إلى أنها مهددة بخسارة حربها، بحسب ما يقول مايكل كلارك، الأستاذ الزائر في دراسات الدفاع في كلية كينغز كوليدج بلندن والزميل المتميز في المعهد الملكي، في مقالة نشرتها ذا "تايمز" البريطانية.
بحسب كلارك، فقدت إسرائيل السيطرة على الأحداث، والرهائن يعطون رجال حماس زمام المبادرة وهم ماهرون في استخدامه، متوقعًا أن تتلاعب حماس بمشاعر الجميع. يقول: "يستطيع قادة حماس أن يروا بوضوح أن حكومة الحرب الإسرائيلية تنحني أمام الضغوط التي تمارسها الولايات المتحدة".
انحناء إسرائيلي
تحت ضغط داخلي متزايد من عائلات الرهائن الإسرائيلية، حاول رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو استعادة بعض النفوذ من خلال عرض تمديد وقف إطلاق النار مدة خمسة أيام أخرى، شرط إطلاق سراح 50 رهينة أخرى خلال تلك الفترة. ونشرت إسرائيل أسماء العديد من المعتقلين الفلسطينيين الآخرين الذين يمكن إطلاق سراحهم إذا تم تمديد الصفقة، على أمل ممارسة القليل من الضغط العائلي على قادة حماس.
يقول كلارك: "إذا تم إطلاق سراح 100 من الرهائن الـ 230 الذين تحتجزهم حماس بعد وقف إطلاق النار يدوم تسعة أيام، فسيهدئ ذلك على الأقل بمثابة الغضب الذي يشعر به الإسرائيليون تجاه نتنياهو". في خلال هذه الفترة، سيعيد الجيش الإسرائيلي تمركز قواته للمرحلة التالية، في محاولة لتحسين صورته الاستخباراتية وتعزيز قدراته لهجوم آخر، وستفعل حماس شيئاً مشابهاً. وكلما طال أمد وقف إطلاق النار، زاد الضغط على حكومة الحرب في تل أبيب لتمديده والاستمرار في تبادل الرهائن. ما لا شك فيه أن إسرائيل سوف تحتفظ بأسرى حماس الأكثر خطورة لديها، لمقايضة أفراد الجيش الإسرائيلي المحتجزين بين الرهائن، والذين ربما يكونون آخر من يتم تبادلهم.
بحسب كلارك، قد يكون صعبًا على إسرائيل الانتقال إلى المرحلة التالية من عمليتها العسكرية. فمشاكل الجيش الإسرائيلي في جنوب غزة ستكون أكبر. ومرجح أن يضطر الجيش الإسرائيلي إلى شن حملة غير مباشرة من القصف وعمليات القوات الخاصة والتوغلات السريعة لمهاجمة منشآت حماس، والمزيد من المحاولات للوصول إلى قادة حماس مثل يحيى السنوار أو محمد الضيف. لكن أي تجدد للقصف سيثير الغضب الدولي، خصوصًا بعد وقف النار القصير الذي كان من شأنه أن يخفف بعضاً من معاناة المدنيين في غزة وأسر الرهائن الإسرائيليين.
الحقيقة المرّة
يقول كلارك: "الحقيقة المرّة بالنسبة إلى تل أبيب هي أن حربها المعلنة رسميًا تسير بشكل خاطئ بعدة طرق. فما لا شك فيه أن القوات الإسرائيلية قوضت القدرة العملياتية لحماس، لكنها ما زالت بعيدة كل البعد عن تدميرها. وبدلاً من مواصلة الهجوم في أسرع وقت ممكن، بحجة إنقاذ المزيد من الرهائن من خلال محاصرة حماس بالقوة العسكرية، توقف الهجوم لأن بقية العالم يؤمن بالإفراج عن طريق التفاوض وإتاحة الفرصة لإمدادات الإغاثة للوصول إلى المدنيين المنكوبين بشدة".
يضيف: "ربما يتبين أن دفع السكان إلى جنوب القطاع مع تدمير شماله خطأ استراتيجي أساسي من إسرائيل. ويبدو أن نتنياهو يقترب بسرعة من نهاية الطريق المسدود، حيث لا يمكنه حتى تحقيق هدفه العسكري الوحيد".
يختم كلارك تحليله للأمور بالقول: "كان يمكن أن يكون الأمر مختلفًا، لو كانت سياسة القصف أكثر تحفظاً في البداية؛ ولو كانت إسرائيل أقل قسوة، ولو تم تكليف الجيش الإسرائيلي وضع خطة إنسانية شاملة لتنفيذها أثناء توغله في أراضي غزة... لربما كانت الصورة العسكرية تبدو أفضل بالنسبة إلى تل أبيب. لكن كل ذلك كان سيعتمد على قيام نتنياهو وحكومته الحربية بالتوصل إلى خطة سياسية ذات صدقية لما بعد الحرب، وهو أمر لم يتمكنوا حتى الآن من القيام به".
أعدت "إيلاف" هذا التقرير عن مقالة كتبها مايكل كلارك ونشرتها "ذا تايمز" البريطانية